الأربعاء، 10 يونيو 2020

كورونا يفتك بالكادر الطبي في مصر.. وانتقادات لتخفيف الإجراءات وغياب الحماية


مرضت آية صقر (32 عاما) وهي طبيبة قلب مقيمة، فتم حجزها في مستشفى الوراق في القاهرة، لكنها بقيت ساعات من دون أن تحصل على أي مساعدة رغم حرارتها المرتفعة وضيق تنفسها، حتى أن السرير الذي كانت تنام عليه لم يكن مفروشا، بحسب ما قال زملاؤها.

وشرعت وكيلة نقابة الأطباء السابقة الدكتورة منى مينا في مناشدة إدارة المستشفى عبر فيسبوك لعلاج آية أو تحويلها إلى مستشفى لعلاجها، بعدما أخفقت اتصالاتها هي وملاؤها في النقابة، في جعل المسؤولين يباشرون علاج الطبيبة. 

وبعد ساعات من تدخل نقابة الأطباء، وضعت آية في سيارة إسعاف ليتم تحويلها إلى مستشفى آخر في منطقة العجوزة في القاهرة. 

وفي حادث آخر، توفي الطبيب وليد يحيى (23 عاما) الشهر الماضي لأنه لم يجد مكانا في المستشفى لعلاجه. 

تعتبر قضية آية ووليد، مثالا لمشكلة الأطباء الذين راح منهم حتى الآن 58 طبيبا متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد، ضمن أكثر من 400 طبيب أصيبوا بالوباء حتى الآن، بحسب ما أدلى به الدكتور محسن عزام عضو مجلس نقابة الأطباء لـ"موقع الحرة"، مضيفا أنها نسبة أعلى بكثير من غيرها في الدول الأخرى. 

ويقول طبيب الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى فاقوس التابعة لوزارة الصحة المصرية، عارف شبراوي دويدار، إن نسبة وفاة الأطباء المصريين بفيروس كورونا قياسا لعدد الوفيات الكاملة تبلغ 3%، بينما نسبة وفاة الأطباء الإيطاليين تبلغ 0.4%، الأمر الذي يعني أن أطباء مصر يموتون بفيروس كورونا بمعدل 6 أضعاف أطباء إيطاليا التي تُعد واحدة من أكثر الدول تأثرا بفيروس كورونا.

ويعزو عزام سبب الارتفاع الكبير في وفيات الأطباء والكوادر الطبية عموما بسبب كورونا، إلى عدد من الأسباب، من بينها "غياب حماية الأطقم الطبية فضلا طبعا عن تخفيف إجراءات الحظر فى ظل زيادة الأعداد". 

ويقول عزام لـ"موقع الحرة": إن "الأطباء بلا أى حماية حقيقية ويتصدرون المشهد بصدور عارية فى ظل منظومه صحية مهلهلة إن صح تسميتها منظومة أصلا". 

ويوضح أن "الأطباء يواجهون يوميا أزمات مزمنة، منها صعوبة إجراء المسحات للأطقم الطبية، ونقص مستلزمات الحماية الشخصية، ونقص أعداد أسرة العناية وأجهزة التنفس الصناعي"، مشيرا إلى أنه في الكثير من الحالات يشتري عناصر الطواقم الطبية أدوات الحماية على حسابهم الخاص، أملا في العودة إلى بيوتهم سالمين غير مصابين بكورونا. 

وفي الأسابيع الماضية أرسلت مصر مساعدات طبية إلى دول بينها الصين وإيطاليا والولايات المتحدة، ما أثار غضب العديد من العاملين في المجال الطبي الذين يشكون من نقص معدات الوقاية الشخصية.

وخاطبت النقابة العامة للأطباء الثلاثاء، مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء وهالة زايد وزيرة الصحة، لاتخاذ إجراءات الحماية ومكافحة العدوي في المستشفيات، وذلك بعد ازدياد حالات الإصابة والوفاة بين الأطباء وأعضاء الطواقم الطبية.  

ونشر أطباء على حساباتهم على فيسبوك، استقالاتهم من مستشفيات حكومية، مطالبين "بتوفير وسائل الحماية الفردية وتطبيق تدابير أفضل للسيطرة على العدوى وإيقاف التهديدات الإدارية والأمنية".

لكن السلطات المصرية ردت بإلقاء القبض على ثلاثة أطباء على الأقل، ووجهت لهم اتهامات "بنشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانضمام إلى تنظيم إرهابي"، حسب وكالة رويترز.

ومع قرار توسيع المستشفيات التي تعالج المصابين بفيروس كورونا المستجد إلى 320 مستشفى عاما ومركزيا على مستوى الجمهورية، في أواخر الشهر الماضي لتخفيف العبء عن مستشفيات الحميات والصدر، شهدت المستشفيات زحاما اختلط فيه المشتبه في إصابتهم بالفيروس مع المترددين على المستشفيات لأمراض أخرى، ما أدى إلى تزايد حالات الإصابة المسجلة والتي هي أقل بكثير من الأرقام الحقيقية. 

وأكدت نقابة الأطباء "ضرورة عمل مسارات مختلفة للفصل بين المرضى المشتبه بإصابتهم بكورونا عن المرضى المترددين للعلاج من أمراض أخرى أو لصرف علاج على نفقة الدولة، أما إذا كان تصميم المستشفى لا يسمح بذلك فيمكن نقلهم لمكان آخر، لتقليل احتمالات انتقال العدوى بين المواطنين والفرق الطبية"، بحسب بيان للنقابة الثلاثاء. 

وكان نقيب الأطباء حسن خيري قد اجتمع برئيس الوزراء ووزيرة الصحة الشهر الماضي لمناقشة كيفية حماية الطواقم الطبية وتوفير معدات الوقاية، وكان حينها عدد الأطباء المتوفين بكورونا حوالي 19 طبيبا، لكنه حتى الآن "لم ينفذ شيء من الوعود الحكومية"، بحسب عضو مجلس نقابة الأطباء محسن عزام في تصريحاته لـ"موقع الحرة". 

وعندما كتبت الطبيبة الناشطة منى مينا حول أزمة الطبيبة آية صقر وعدم توفر العلاج لها في المستشفى، سألها عدد من الأطباء عن سبب عدم التواصل مع المسؤولين في وزارة الصحة فقالت "تواصلت وبيردوا بشكل لطيف ومحترم بس الموقف الفعلي لم يتغير.. ماذا أفعل؟ هل تعقد النقابة مؤتمر صحفي وتصدر بيان اعتراض، مينفعش النقابة تعمل ده مع كل طبيب مفروض يلاقي مكان حجز فيه علاج بجد". 

وحول تساؤل بعض الأطباء عن إمكانية معالجة النقابة أطباءها، قالت "هذا كلام غير عملي إطلاقا، فتكلفة علاج الطبيب الواحد في المستشفيات الخاصة ما بين 200 إلى 300 ألف جنيه، وبمعدل الإصابات التي تحدث بين الأطباء فأموال المعاشات ستنتهي في غضون أشهر، باختصار الحل هو أن نقف مع بعضنا ونرفع صوتنا عشان اللي مش سامع يسمع واللي بيغمض عنيه يشوف و يتحرك".

وكانت نقابة الأطباء قد ناشدت السلطات المصرية مرارا بتوفير مستشفى لعلاج الأطباء المصابين بكورونا في كل محافظة، لكن هذا المطلب لم يتم تنفيذه حتى الآن، بحسب عضو مجلس النقابة محسن لـ"موقع الحرة". 

وتعاني مصر في الأساس عجزا في الأطباء حيث "أن هناك طبيبا مصريا واحدا مقابل كل 1100 شخص، "في حين أن الرقم المعتمد هو طبيب لكل 400 فرد، وهذا يعني أن مصر تعاني عجزا في عدد الأطباء تبلغ نسبته 300% تقريبا"، بحسب الطبيب عارف شبراوي دويدار.

والشهر الماضي، فرضت مصر ضريبة بنسبة 1% على جميع العاملين في القطاعين الحكومي والخاص لمدة عام لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، فضلا عن خصم 50 في المئة من الرواتب التقاعدية، وأثار القرار غضبا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي.

ومن المفترض أن يبدأ تطبيق القرار أول يوليو، ولمدة 12 شهرا، أي مدة القرض تقريبا. 

وتتساءل الكاتبة والخبيرة الاقتصادية سلمى حسين في مقابلة مع "موقع الحرة" عن أوجه الإنفاق الفعلي على هذه الموارد "أين تذهب هذه الموارد، هل هي تذهب بالفعل للسبب الذي اقتطعت من أجله لعلاج تداعيات كورونا والمستشفيات وعلاج المرضى أم لاستكمال بناء المدن الجديدة الأربعة عشر والبنية التحتية الجديدة لربط القاهرة بالمدن الجديدة". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.