الاثنين، 29 يونيو 2020

مواجهة عسكرية حاسمة.. لهيب ليبيا يجر مصر وتركيا لـ "الملاذ الأخير"


المشهد الحالي في ليبيا لم يعد ساحة حرب محلية بقدر ما هو ساحة مواجهة دولية، حيث يتحضر الجميع للقتال من أجل السيطرة على سرت والجفرة، وبالتالي منطقة الهلال النفطي في البلاد.

اللاعب الجديد في هذه الحرب هو القاهرة والتي دخلت في صدامات غير مباشرة مع أنقرة. 

الطرفان المصري والتركي لا يستبعدان الخيار العسكري للمواجهة، إلا أن تحليلا نشرته مجلة "ناشونال إنترست" المتخصصة يرى أن هذا الخيار الصعب لن يطبق في الوقت الحالي.

وحتى اللحظة لم يوافق أو يلتزم أي من الطرفين بوقف إطلاق النار، أو حتى اتفاقية سلام لتقريب وجهات النظر ما بين حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها تركيا، وقوات خليفة حفتر التي تدعمها روسيا ومصر والإمارات أيضا.

موسكو رغم وقوفها خلف حفتر إلا أنها ستبقى تعمل على جبهات مختلفة، حيث ستستمر في إجراء محادثات مع المسؤولين الأتراك، وستدعم اقتراح وقف إطلاق النار الذي تدعمه القاهرة، وفي الوقت ذاته ستبحث عن إمكانية تأمين وجود قواعد عسكرية في البحر الأبيض المتوسط.

تحالف حكومة الوفاق بدعم أنقرة تستعد لاستعادة مدينة سرت والجفرة وسط البلاد إضافة إلى أربع مدن استراتيجية.

وتبرز أهمية هذه المدن في أنها تضم الميناء الرئيسي في وسط ليبيا، كما سيتاح لتركيا تأمين مصالحها في البحر الأبيض المتوسط، وبالسيطرة على كامل منطقة الجفرة فإنها ستحيد نقطة الإمداد العسكرية التي يستخدمها حفتر وروسيا حيث القاعدة العسكرية الجوية في وسط الصحراء.

مصر اللاعب الأحدث في الحرب الليبية، حيث دعت القاهرة كلا من حكومة الوفاق وأنقرة إلى وقف إطلاق النار الذي يصعد من لهيب الحرب، وهو ما ردت عليه القاهرة بأن وقف إطلاق النار يرتبط بالعودة إلى شروط اتفاق 2015، وانسحاب حفتر من سرت والجفرة بالكامل.

الرد التركي أثار حفيظة مصر، ما دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى التأكيد بأن بلاده تتمتع بالشرعية الدولية للتدخل المباشر في تركيا، وهو أمر دعمته السعودية والإمارات.

 وقال السيسي إن مدينتي سرت والجفرة "خط أحمر" وسيكون هناك أوامر للجيش المصري بالقيام بمهمات سواء من داخل حدود البلاد أو خارجها لضمان ذلك، وهو ما اعتبرته حكومة الوفاق الوطني إعلان حرب.

ويوضح تحليل مجلة ناشونال إنترست أن مصر أصبحت ترى في الوجود التركي تعارضا مع مصالحها، حيث ستتمكن أنقرة من استخدام القواعد الجوية والبحرية، ناهيك عن الطموحات بالسيطرة على ميناء ليبيا، وهو ما يمثل تهديدا لمصالح القاهرة ويسبب لها حالة من القلق.

وفي الوقت ذاته، فإن القاهرة تواجه تهديدات أخرى حيث هناك تحديات أمنية تتعلق بملء السد النهضة الإثيوبي الضخم الذي يهدد إمدادات المياه لمصر، ناهيك عن وجود تنظيم داعش في سيناء، وتحديات اقتصادية فرضتها أزمة فيروس كورونا، وجميع هذه التحديات تشير إلى أن خيار المواجهة العسكرية من قبل مصر في ليبيا سيكون "الملاذ الأخير".

ويقول التحليل إنه ورغم دعوة مصر إلى وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني عدم تحركها على الإطلاق، فقد تستخدم استراتيجية أخرى بتوفير الدعم للميليشيات القبلية الليبية والتي أعلنت دعمها أصلا لموقف القاهرة.

تركيا في المقابل لن تقبل بوقف إطلاق النار وفق المقترح المصري، والذي ترى فيه دعما وإحياء لوجود حفتر، وأنها لن تخرج مقاتليها المدعومين منها خارج ليبيا، كما أن أنقرة تريد أن يكون لها اليد العليا في الصراع ببساطة.

ولكن أنقرة قد تقبل بوقف إطلاق النار بوساطة روسية أو الأمم المتحدة، وهو ما يفسر معارضتها الاقتراح المصري في الشأن الليبي.

واضطرت قوات خليفة حفتر للانسحاب نحو معاقلها في جنوب البلاد وشرقها بعد إخفاق هجومها على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني.

وتتهم حكومة الوفاق والأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش قوات حفتر بأنها خلفت وراءها حقولا من الألغام في الضواحي الجنوبية للعاصمة.

وليبيا التي تسودها الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تملك احتياطات نفطية هي الأكبر في أفريقيا لكن النزاع الراهن بين الأطراف المتحاربة يعيق استثمار هذه الثروة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.