تنتظر مصر اجتماعا حاسما الاثنين، لمعرفة مصير المحادثات الثلاثية مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة بعد أن كانت قد وصلت إلى حائط مسدود، بسبب ما سمته القاهرة "التعنت الإثيوبي".
وألمح محمد السباعي، الناطق باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية، في حديث مع "موقع الحرة" الأحد، إلى أن جلسة الاثنين ربما تكون الفيصل في استمرار المفاوضات من عدمه.
وقال السباعي "غدا جلسة مفاوضات، وعلى أساسها سيتم تقييم مسار المباحثات".
وكان السباعي قد قال السبت إنه ليس متفائلا "بتحقيق أي اختراق أو تقدّم في المفاوضات الجارية حول السد"، في بيان نشر على صفحة الوزارة في فيسبوك.
وأرجع السباعي ذلك إلى "تعنت أثيوبيا الذي ظهر جليا خلال الاجتماعات التي تعقد حاليا بين وزراء الموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا".
وعلى مدار الأيام الماضية، وبدعوة من السودان، اجتمع وزراء مياه الدول الثلاث بعد غياب لنحو أربعة أشهر، وبعد لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي، وذلك في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق قبل الموعد الذي حددته إثيوبيا لبدء ملء السد الشهر المقبل.
ويشكل مشروع سد النهضة الضخم على النيل الأزرق، الذي أطلقته إثيوبيا عام 2011، مصدرا لتوتر إقليمي، خصوصا مع مصر، التي يمدها النيل بنسبة 90 في المئة من احتياجاتها المائية، والتي تعاني بالفعل شحا في المياه حتى قبل بدء ملء السد.
وبعد أن كانت الاجتماعات والمفاوضات برعاية واشنطن، والتي توقفت في منتصف فبراير الماضي، قد توصلت إلى 90 في المئة بشأن القضايا العالقة حول السد، فإن إثيوبيا عادت "لترفض كل ما تم الاتفاق بشأنه وكأننا عدنا إلى نقطة الصفر"، بحسب ورقة بحثية نشرها أيمن شبانة، مدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة حول سد النهضة.
وكان من المتوقع أن تبرم البلدان الثلاثة اتفاقا في واشنطن في نهاية فبراير بخصوص ملء وتشغيل السد، لكن إثيوبيا تخلفت عن الاجتماع ووقعت مصر فقط عليه بالأحرف الأولى.
"استفزاز مصر"
ويضيف شبانة في حديثه مع "موقع الحرة" أن إثيوبيا عادت إلى المفاوضات من أجل إفسادها، واستفزاز مصر، وذلك لدفع مصر إلى إلغاء إعلان المبادئ أو الانسحاب من المسار التفاوضي".
وكان قادة الدول الثلاث وقعوا في مارس 2015 اتفاق مبادئ يلزمهم التوصل إلى توافق من خلال التعاون في ما يتعلق بالسد.
وتريد مصر والسودان أن يكون هناك اتفاق على طريقة تشغيل السد وكمية المياه المتدفقة من النهر خلال فترات الجفاف.
لكن "الموقف الإثيوبي يتأسس على إرغام مصر والسودان إما على التوقيع على وثيقة تجعلهما أسرى لإرادة إثيوبيا، أو أن يقبلا باتخاذ إثيوبيا إجراءات أحادية، كالبدء في ملء سد النهضة دون اتفاق مع دولتي المصب"، بحسب الناطق باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية محمد السباعي.
لكن وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية أعربت الأحد عن أسفها من البيان المصري، معلنة رفضها للضغوط الدولية أو الاعتماد على ما تسميه مصر بالحق التاريخي للمياه، إذ تقول إثيوبيا إن تخصيص نصيب كل بلد من المياه جاء في وقت الاستعمار وكان "ظالما".
وقالت إثيوبيا إن وزارة المياه المصرية "تعتبر أن المفاوضات متعثرة بسبب تعنت إثيوبيا" لكن "الحقيقة أننا أحرزنا تقدما في المفاوضات، وإذا فشلت المحادثات فإن ذلك سيكون بسبب عناد مصر وإصرارها على اتفاقية توزيع المياه على أساس استعماري يحرم إثيوبيا من حقوقها الطبيعية والمشروعة".
وأشار محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق، في تصريحات لموقع "مصراوي" إلى أن استمرار أديس أبابا في التمسك بوثيقة مخالفة لوثيقة واشنطن، سيتعامل معه الجانب المصري والسوداني على أنه تصعيد أحادي.
وأوضح أن الخطوة القادمة ستتمثل إما في مرونة إثيوبيا والسير في الطريق الصحيح، وإما تأجيل الملء 15 يومًا لإعادة التفاوض بين الأطراف الثلاثة.
"الفرصة الأخيرة"
وحول اجتماع الاثنين، يقول الدكتور أيمن شبانة لـ"موقع الحرة" إن "الأمر يتوقف على قبول إثيوبيا ومرونتها خلال المفاوضات، إثيوبيا لديها 15 يوما قبل يوليو القادم، هذه هي آخر فرصة لحسم الموقف والوصول إلى اتفاق، الكرة الآن في الملعب الإثيوبي لكن بدء ملء السد فى يوليو معناه فشل المفاوضات ونقطة النهاية"، مؤكدا أن ذلك سيعني إعلان الحرب على مصر.
لكن أستاذ القانون الدولي، عبد المنعم زمزم، يرى في حديثه مع "موقع الحرة" أنه "لا يوجد للأسف لدى مصر من خيارات سوى التفاوض والضغوط السياسة"، مضيفا أنه "يجب أن تكون لدى مصر أدوات للضغط وقوة التأثير وإلا باءت كل المساعي بعدم التوفيق".
ويرى شبانة أن "الولايات المتحدة تمارس دورها كمراقب ووسيط، لكنها لم تمارس ضغوطا حقيقية على إثيوبيا لكي تعود إلى المفاوضات بجدية، بهدف الوصول إلى اتفاق".
واقترح شبانة أنه يمكن أن تكون الضغوط الأميركية "في صورة حوافز اقتصادية تحصل عليها إثيوبيا".
كما اقترح شبانة أن تلجأ مصر لطرق أبواب الحلفاء الإقليميين، خاصة السعودية والإمارات، الذين هم أهم شريكين إقليميين لإثيوبيا فى مجالي التجارة والاستثمار".
مجلس الأمن
وكانت مصر قد أرسلت مذكرة توضيحية إلى مجلس الأمن الشهر الماضي، واشتكت فيها إثيوبيا، وقالت إن ملء السد وتشغيله "سيعرضان الأمن المائي والأمن الغذائي" المصري للخطر.
ويحذر سياسيون من أن تكون هناك توترات إقليمية، "لا يحمد عقباها" إذا بدأت إثيوبيا في ملء السد، مع حديث بعض السياسيين من أن "كل الخيارات يجب أن تبقى مفتوحة حينها"، في إشارة لعودة فكرة ضربة جوية للسد، إذ يرى الدكتور أيمن شبانة أن "على مجلس الأمن الدولي التحرك وبدء الحوار مع أطراف الأزمة".
لكن أستاذ القانون الدولي عبد المنعم زمزم يقول " لا أعتقد أن مجلس الأمن سيتدخل فى هذا الموضوع... ولكن لا بأس من محاولة التحرك داخل المجلس للضغط على إثيوبيا لحل المشكلة".
وأضاف " يمكن التحرك داخل الجمعية العامة إذا فشلت الجهود داخل مجلس الأمن لتحقيق ذات الغرض، لكن كل هذه التحركات تحتاج في نفس الوقت إلى قوة ضغط وتأثير".
ويخشى كل من السودان ومصر أن يحتجز الخزان، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 74 مليار متر مكعب، إمدادات المياه الأساسية السنوية للنهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.