مدى مصر
قانون دار الإفتاء الجديد، الذي ينتقص من صلاحيات اﻷزهر ويهدد استقلاله، حسبما رأت هيئة كبار العلماء بالأزهر، وهو الخلاف الذي حاول اﻷزهر نفسه لاحقًا أن يهوِّن من أثره، رغم تأكيد مصادر مختلفة أنه خلاف ممتد يعصف بالعلاقة ما بين شيخ اﻷزهر من جهة، ورئيس الجمهورية من جهة أخرى.
«الأمر يتجاوز حدود النزاع على الاختصاصات، أو التشبث بالصلاحيات، أو احتكار جهةٍ للقيام بدور معين، ومنع غيرها من مشاركتها فيه، فالخطورة تكمن في تجزئة رسالة الأزهر الشريف، وإهدار استقلاله الذي هو عِمادُ وسطيته واعتداله، فالأزهر ليس مجرد هيئة وأشخاص، وإنما هو رسالة علميَّة لا تحتمل إلا أن تكون مستقلة غير تابعة، وهذا المشروع المعروض يخلُّ بالدستور، كما يخلُّ بالاستقلالية والحياد الذي ينبغي أن يتمتع بهما منصب مفتي الجمهورية، وضمنها له الأزهر لأول مرة في تاريخه».
كان هذا جزء من كلمة الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، محمد الضويني، أمام مجلس النواب، قبل ثلاثة أسابيع، خلال جلسة مناقشة قانون تنظيم دار الإفتاء، المقدم من النائب أسامة العبد، والذي وافق عليه المجلس لاحقًا، وأرسله إلى «مجلس الدولة» لمراجعته، في ضوء اعتبار اﻷزهر أن موادًا في القانون الجديد تمس استقلاليته، وتخالف الدستور.
وبعيدًا عمّا سينتهي إليه «مجلس الدولة» من دستورية المواد من عدمها، رأى مصدر قريب من مكتب شيخ اﻷزهر أن القانون، وموافقة البرلمان عليه دون اﻷخذ بكثير من اعتراضات اﻷزهر، هو «بالأساس رسالة للإمام الأكبر بأن وضعيته المستقلة، التي تمكن من الحفاظ عليها خلال عملية التعديلات الدستورية، سيتم تقليصها بالتدريج، من خلال منح جهات موازية، مثل دار الإفتاء، وضعية تكاد تكون مماثلة لوضعية الأزهر»، في إشارة إلى الخلاف بين رئيس الجمهورية وشيخ اﻷزهر، والذي كانت التعديلات الدستورية، في أبريل 2019، جولة بارزة فيه.
ما قاله المصدر يتوافق مع ما قاله المتخصص في شؤون اﻷزهر، جورج فهمي، الباحث في الجامعة اﻷوروبية، من أن الخلاف حول القانون يشير «لاستمرار التوتر بين اﻷزهر والسلطة التنفيذية»، لافتًا إلى أن هذا التوتر ليس نابعًا بالضرورة من اختلاف المواقف، قدر ما هو نابع من رغبة الأزهر في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقلالية والصلاحيات، بينما تسعى السلطة التنفيذية ببساطة لتقليل هذا النفوذ والصلاحيات.
مصدر قريب من مكتب الطيب يرى أن هناك «مَن أومأ للنائب» ليقوم بتقديم مشروع القانون «المخالف للدستور»
كانت هيئة كبار العلماء باﻷزهر قد أرسلت، في فبراير الماضي، مذكرة إلى مجلس النواب، تعليقًا على مشروع القانون، الذي أكدت أنه يسعى إلى «إنشاء كيان موازٍ للأزهر»، بما يحويه المشروع من مواد تتعلق بتدريب المفتين، ومؤهلات أمناء دار الإفتاء، وموارد الدار، فيما كانت أبرز المواد التي اعترض عليها اﻷزهر وكبار العلماء، هي: تبعية دار الإفتاء، وسلطة ترشيح وتعيين المفتي.
في مادته اﻷولى، نص مشروع القانون الذي ناقشه البرلمان على أن «دار الإفتاء هيئة ذات طابع ديني، تتمتع بالشخصية الاعتبارية، تتبع وزارة العدل، تتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري…»، وهو ما اعترض عليه اﻷزهر، مشيرًا إلى نص الدستور على أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة، ونشر علوم الدين، واللغة العربية في مصر والعالم…»، ما رأت مذكرة اﻷزهر في ضوئه أن «أية هيئة دينية إسلامية يتم إنشاؤها، وتعمل على تحقيق رسالته، تُعَدُّ بالضرورة جزءًا لا يتجزأ من رسالة الأزهر، ويراجع الأزهر الشريف أعمالها، ويشرف عليها، والقول بغير ذلك يُشكل مخالفة صريحة لنص الدستور».
وفي مذكرته، التي اطلع عليها «مدى مصر»، طرح اﻷزهر تعديلًا للمادة، إما بالنص على تبعية دار الإفتاء للأزهر، أو حذف عبارة «ذات طابع ديني» في حال الإبقاء على تبعية الدار لوزارة العدل، وهو التعديل الذي قام به البرلمان بالفعل، لتنص المادة، في النسخة التي وافق عليها وأرسلت إلى مجلس الدولة على أن «دار الإفتاء هيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية»، مع نقل تبعيتها إلى مجلس الوزراء.
الوصول إلى تلك النسخة من القانون استغرق ما يزيد على السنتين، فبعد ما تقدم به رئيس اللجنة الدينية، أسامة العبد، و60 نائبًا آخرين، للبرلمان، أحاله رئيس المجلس في يناير 2018 إلى لجنة مشتركة، عقدت 18 اجتماعًا لمناقشته، في الفترة من نهاية يناير وحتى بداية يوليو 2018، بحضور وزير اﻷوقاف ومفتي الجمهورية الحالي، والمفتيين السابقين: علي جمعة، ونصر فريد واصل، وعدد من ممثلي الحكومة، وممثل وحيد للأزهر، هو أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ثم عادت اللجنة لمناقشة مشروع القانون في ديسمبر 2018، وعقدت اجتماعًا آخر في دور الانعقاد الحالي في 10 فبراير الماضي، قبل أن توافق على المشروع وتحيله للجلسة العامة.
بخلاف ما ينظمه القانون من تبعية دار الإفتاء وما يخص منصب المفتي، فإنه يحدد أيضًا آليات اختيار أمناء الفتوى وأوضاعهم، فضلًا عن إنشائه مركزًا بالدار لإعداد المفتين وتأهيلهم، يمنحهم شهادة دبلوم يُعادلها المجلس الأعلى للجامعات، ما رأى فيه اﻷزهر «عدوانًا» على جامعته، التي تختص بإصدار الشهادات العلمية في العلوم الإسلامية، بحسب مذكرته للبرلمان.
المصدر القريب من مكتب الإمام اﻷكبر يرى من جهته أن هناك «مَن أومأ للنائب» ليقوم بتقديم مشروع القانون «المخالف للدستور»، بهدف «تسديد ضربة للإمام الأكبر في صلاحياته»، معتبرًا أن اﻷمر بالأساس رسالة للإمام الأكبر، بأن «وضعيته المستقلة التي تمكن من الحفاظ عليها خلال عملية التعديلات الدستورية» سيتم تقليصها بالتدريج من خلال منح جهات موازية، مثل دار الإفتاء وضعية تكاد تكون مماثلة لوضعية الأزهر
كانت وساطات من شخصيات مصرية وعربية قد أوقفت تمرير تعديلات دستورية، في أبريل 2019، تشمل إنهاء استقلالية الأزهر، ونزع أحقية اختيار الإمام الأكبر عن هيئة كبار العلماء وجعلها في يد السلطات التنفيذية.
ويضيف المصدر القريب من مكتب شيخ اﻷزهر كذلك أن الغرض من القانون ليس فقط فصل الإفتاء عن الأزهر، بل أيضًا التحرك نحو خلق كيان آخر معني بالشؤون الإسلامية، بما يتجاوز الدور المنوط بدار الإفتاء -من حيث إبداء الرأي في عدد من المسائل الشرعية واستطلاع الأهلة، والنظر في محكوميات الإعدام.
من جانبه، يقول فهمي، إن الأزهر يرغب بدرجة ما في الحفاظ على قدر من الاستقلالية الدينية، بصورة أكبر من تلك التي تمسكت بها وزارة الأوقاف أو دار الإفتاء، مقابل رغبة دائمة من الدولة في دعم من يساندها بصورة لا تردد فيها في لحظة سياسية تراها حرجة، بصورة أوضح من دعم من يساندها أحيانًا ويحجم عن المساعدة في أحيان أخرى، وبالتالي، حسبما يضيف، كان من الطبيعي أن يتم استثناء الأزهر من الأصل من عملية صياغة مشروع القانون، رغم أن الأزهر، احتكامًا لمرجعية دستور 2014، كان يرى حتمية مناقشة القانون معه قبل طرحه للنقاش في البرلمان، وهذه «نقطة هامة جدًا وإن بدت إجرائية»، حسبما يقول.
ويضيف أن أزمة القانون هي جزء من محاولة رسم المشهد الخاص بما يمكن وصفه مجازًا بمؤسسات الدين الرسمي للمسلمين، المتمثلة في اﻷزهر، ووزارة اﻷوقاف، ودار الإفتاء.
ورغم أن النسخة الأخيرة من القانون رفعت صفة «الدينية» عن دار الإفتاء، لتفادي إصرار الأزهر أن تكون الدار تابعة له، إلا أن الأزهر من جانبه أصر على أن هناك تناقضًا جوهريًا بين نزع صفة «الدينية» عن الدار، وبين منحها حق إبداء الرأي في «مسائل شرعية».
فيما رأى المصدر القريب من مكتب الإمام اﻷكبر أن نزع صفة الدينية عن دار الإفتاء يحولها لهيئة حكومية شأنها شأن الهيئة العامة للاستعلامات على سبيل المثال، ما يبقي معضلة منحها مهام تقوم بها حاليًا، هي حكمًا من صلاحيات الجهات الدينية، وهو ما رأى فيه مخالفة دستورية لا لبس فيها، سيكون على مجلس الدولة أن يفصل فيها.
ووضع المصدر سيناريو ثانٍ يكون فيه لمجلس الدولة اقتراحات بتعديلات مختلفة عن تلك التي تقدم بها اﻷزهر، قد تصل لمطالبة مجلس النواب بمراجعة شاملة للقانون، اتساقًا مع مقترحات اﻷزهر، وهو ما رجح المصدر أن يحتاج لوقت أطول من المتبقي للمجلس الحالي.
كان فهمي قد رأى أن فحوى نص مشروع القانون نفسه يطرح مناطحة للأزهر في أدوار يراها الأزهر قاصرة عليه؛ مثل تخريج المتخصصين، والحكم بالقول الأخير في المسائل الدينية، وهو الموقف الذي تسبب مكررًا في مناطحات بين الأزهر والمؤسسات الدينية الأخرى، مثل وزارة الأوقاف.
كما رأى فهمي أن مشروع القانون في نصه يفتح الباب أمام تجاوز صلاحية الإمام الأكبر في طرح مرشح للتعيين لمنصب رأس دار الافتاء، واستبقائه من عدمه، حيث يبيح النص المقترح استبقاء مفتي الجمهورية حتى بلوغه السن القانونية، بل ويمنح رئيس الجمهورية حق استبقائه لما بعد السن القانونية لو رأى ذلك، دون الحاجة للرجوع للأزهر، ما يمثل تقويضًا واضحًا للصلاحيات الدينية للأزهر وإمامه الأكبر بوصفهما المؤسسة الدينية المهيمنة ورأسها القوي.
اللافت في اﻷمر أنه بعد تمرير مشروع القانون في البرلمان، وحديث عدد من القنوات الفضائية العربية، من بينها الجزيرة، عن وجود صراع شرعي بين اﻷزهر ومؤسسة الرئاسة، سعى اﻷزهر، من خلال هيئة كبار العلماء، لتفادي التصعيد السياسي، وأصدرت الهيئة بيانًا أكدت فيه أن اﻷمر ليس صراعًا وإنما نقاش «يعبر عن نضج الحوار الداخلي بين المؤسسات المصرية الوطنية الكبرى، ولا يمكن بأي حال تصوير الخلاف في الرأي على أنه بين المؤسسات كما تصوره بعض النوافذ المغرضة التي تحمل أجندات ضد الوطن ومؤسساته».
واستنكر بيان الهيئة ما وصفه بـ«المحاولات المتعمدة لإظهار تحفظ الأزهر المنسجم مع الدستور والتقاليد البرلمانية في صورة خلاف بين الأزهر ومجلس النواب، بل وتسعى إلى الزج بمؤسسة الرئاسة في هذا الأمر وكأن رئاسة الجمهورية -التي تبذل كل الجهد لرعاية كافة مؤسسات الدولة بما فيها الأزهر- في صراع مع المؤسسة الأزهرية التي طالما حظيت بدعم الرئيس السيسي واهتمامه وتقديره الكامل للأزهر وشيخه في كل وقت».
غير أن البيان نفسه لم يخلُ من إشارات ترصد موقف اﻷزهر من مشروع القانون، تؤكد على ما سبق وأن أرسله اﻷزهر لمجلس النواب «في إطار التقاليد البرلمانية التي أوجبها الدستور من ضرورة أخذ رأي الأزهر كونه المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، بحسب البيان الذي أضاف أن وجود دار الإفتاء تحت مظلة اﻷزهر «أمر مفروغ منه منهجيًا وفكريًا، وكان منصب المفتي ولا يزال وسيبقى من أبناء الأزهر الشريف»، مؤكدة أن رأي الأزهر جاء من أجل حسن تنظيم شؤون الإفتاء وضمان اتساق عملها مع هيئات الأزهر الأخرى.
وعلى خلاف ما أكد عليه بيان كبار العلماء، قال المصدر اﻷزهري إن الإمام الأكبر يشتم بكل وضوح توجهًا لاستخدام دار الإفتاء لتمرير آراء دينية رفضتها هيئة كبار العلماء، رغم اقتراح بعضها من السلطة التنفيذية، مثل مطالبة رئيس الجمهورية للإمام الأكبر بإصدار رأي ديني يبطل الطلاق الشفهي، إلى غير ذلك من القضايا، مثل وصم المنتمين لأفكار سياسية بعينها بأنهم إرهابيين.
ويعود الشد والجذب بين شيخ اﻷزهر ورئيس الجمهورية إلى يوليو 2013، عندما انتقد الطيب سقوط ضحايا أثناء ما عرف بـ«أحداث الحرس الجمهوري»، حيث أصدر بيانًا باسم الأزهر ينتقد ما كان، ويطالب بمحاسبة المسؤولين عن سقوط ضحايا، ورغم إعراب شيخ اﻷزهر، بعد أسبوعين من تلك الواقعة، عن تأييده لطلب وزير الدفاع حينها، عبدالفتاح السيسي، بالحصول على تفويض للقوات المسلحة لمحاربة «الإرهاب»، فإنه عاد في الرابع عشر من أغسطس من العام نفسه لينتقد الطريقة التي تمت بها عملية فض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في اعتصامي رابعة والنهضة، حيث أطلق الطيب وقتها مقولته الشهيرة «الدم كله حرام»، قبل أن يذهب للاعتكاف في منزله بالأقصر، في عادة دأب عليها خلال السنوات السبع التالية، في كل مرة وقع فيها خلاف مباشر بينه وبين رأس السلطة التنفيذية.
ورغم أن الطيب خلال تلك السنوات السبع لم يخف استعدادًا لمقابلة رئيس الجمهورية في منطقة وسطى، بحيث تكون التفاهمات قائمة على الأخذ والعطاء، فقد سبق وأن شهدت العلاقة بين الطرفين خلال تلك السنوات لمحات من التصعيد، شملت ضمن أمور أخرى انتقادات صريحة من رأس السلطة التنفيذية لرأس الأزهر، غير أن الواسطات التي جرت خلال العام الماضي لطفت كثيرًا من الأجواء، فتوقفت الجهات الإعلامية التابعة لدوائر السلطة التنفيذية عن توجيه أسهمها تجاه الإمام الأكبر، الذي بادر في أكثر من مناسبة بالإعراب عن التقدير والدعم لرأس السلطة التنفيذية وقراراته، لكن يبدو أن هذا التفاهم بين الطرفين كان سطحيًا.
فيما أضاف المصدر اﻷزهري أنه إلى جانب أن غياب الود بين الإمام الأكبر ورئيس الجمهورية، على خلفية تباين في وجهات النظر تراكم عبر السنوات، فإن هناك أيضًا عدم ارتياح من قبل بعض الشيوخ، إزاء الدور الذي يرون أن «الطيب» يسعى لتقديمه لجموع الشعب، ليظهر هو صاحب الرأي المستقل، بينما يبدو غيره من المشايخ أقل استقلالية وأكثر تبعية للدولة.
كانت مصادر مختلفة سبق وأن تحدثت عمّا يمكن وصفه بتناحر عمائم بين «الطيب»، واثنين من أقرب المشايخ لدوائر السلطة التنفيذية، يؤدي بهما إلى السعي لتصيد ما يعمق من هوة الحساسية القائمة بين شيخ الأزهر ورأس السلطة التنفيذية، وأن أحد هؤلاء كان يستعد ليستخلف الطيب على رأس الأزهر حال تمرير التعديلات الدستورية المتعلقة بمنصب ووضعية شيخ اﻷزهر، وهي اﻷمنية التي لم تتحقق.
ورغم محاولة اﻷزهر، عبر بيان هيئة العلماء، للتهدئة وتصوير الخلاف أنه في إطار النقاش الصحي، إلا أن الأزمة لا تبدو في طور التراجع، حسبما رأت مصادر على طرفي النزاع، حتى وإن هدأت حدتها قليلًا بدفع من وساطات التمست التهدئة خلال الأسابيع القليلة الماضية، كان بعضها محليًا والبعض الآخر عربي، فيما رأى المصدر القريب من مكتب شيخ اﻷزهر أن أزمة قانون الإفتاء هي جولة جديدة من جولات لي اﻷذرع، التي تبقى نتائجها مفتوحة على احتمالات لا يستثنى منها التصعيد آجلًا أكثر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.