منظمات حقوقیة: على النیابة الاضطلاع بدورها فى التحقيق بدلاً من اعتماد تحريات سيناريوهات الأجھزة الأمنیة الاستبدادية في التأليف والتلفيق
تستنكر المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه المنحى الخطير والفج الذي انتهجته السلطات المصرية مؤخرًا في حملتها الانتقامية ضد النشطاء السياسيين المعارضين والحقوقيين والصحفيين المحبوسين احتياطيًا حاليًا، وذلك بالزج بهم مجتمعين في قضية جديدة –رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة- وفق قائمة اتهامات وجرائم مختلقة بزعم ارتكابها من محبسهم، لمزيد من التنكيل بهم وضمان تمديد فترات تجديد الحبس الاحتياطي أو كإجراء استباقي حال أقرت المحكمة إخلاء سبيلهم. وتطالب المنظمات بوقف هذه الحملة الانتقامية فورًا ووضع حد لنمط إعادة تدوير القضايا سواء قبل قرار الإفراج أو بعده. كما تطالب النيابة العامة ونيابة أمن الدولة بالاضطلاع بمهامهما في التحقيق وجمع الأدلة بدلاً من الاعتماد على تحريات الأجهزة الأمنية وتمديد حبس المتهمين بتهم غير منطقية. وتجدد المنظمات مطلبها بالإفراج غير المشروط عن جميع النشطاء والصحفيين المحتجزين احتياطيًا الثابت عدم تورطهم في جرائم عنف، واسقاط جميع التهم والقضايا بحقهم مع ضمان عدم إعادة اتهامهم في قضايا جديدة قبل أو بعد إخلاء سبيلهم.
هذه القضية الجديدة- مثل سابقيها- اعتمدت كلياً على تحريات جهاز الأمن الوطني عن المحتجزين داخل سجونهم، وقائمة اتهامات من غير الوارد ارتكابها داخل السجون المعزولة بسبب وباء كوفيد-19 منذ أكثر من خمسة أشهر. ومن ثم تعتبر المنظمات أن الادعاءات بارتكاب مثل هذه الجرائم “الخطيرة” داخل السجون ربما لا يدين إلا المسئولين عن إدارة السجون، ولا يستهدف إلا استمرار الحبس الاحتياطي للمحتجزين، والذي تحول إلى “اعتقال مقنن”.
ففي 31 أغسطس الماضي مثّل المحامي الحقوقي محمد الباقر– المحبوس احتياطيا منذ سبتمبر 2019- أمام النيابة للتحقيق في هذه القضية الجديدة، كما مثلت الصحفية إسراء عبدالفتاح- المحبوسة احتياطيا منذ أكتوبر 2019 – للتحقيق في القضية نفسها، وقد وجهت نيابة أمن الدولة لكلاهما تهمة الاشتراك في اتفاق جنائي- رغم احتجاز كلاً منهما في سجن مختلف- الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية من داخل السجن. وفي اليوم نفسه، وعلى خلفية القضية ذاتها، تم التحقيق مع المحامية الحقوقية ماهينور المصري المحبوسة احتياطيا منذ سبتمبر الماضي بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية -وهي التهمة نفسها المحبوسة بموجبها ماهينور حاليا! والتحقيق مع الصحفية سولافة مجدي –المحبوسة احتياطيا منذ نوفمبر 2019 – بعد اتهامها مجددًا بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على نحو يطرح أسئلة منطقية حول كيفية ارتكاب مثل هذه الجرائم من داخل السجون؟
وفي 26 أغسطس أيضًا تم إدراج المحامي عمرو إمام والصحفي محمد صلاح والمدونة رضوى محمد المحبوسين حاليًا احتياطياً على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 إلى القضية الجديدة نفسها، بناء على قائمة اتهامات مماثلة للقضية الأولي، مُضافًا إليها تواصل بعضهم مع قوى ومجموعات يسارية من داخل السجون خلال الزيارات وجلسات تجديد الحبس.
زعم محضر التحريات الملفق في القضية الجديدة رقم ٨٥٥ لسنة ٢٠٢٠، والتي جمعت كل هؤلاء المحتجزين في سجون مختلفة، بأن ثمة عناصر من خارج السجن قد أفادت بتواصلها مع هؤلاء المتهمين خلال جلسات التجديد في النيابة، وخلال ساعات التريض داخل السجن، لتنفيذ بعض الجرائم. وفي المقابل دفع المحامين ببطلان هذه التحريات كون المتهمين ممنوع عنهم الزيارة بموجب قرار وزارة الداخلية خوفاً من تفشي كوفيد- 19 في مارس الماضي، ومن وقتها يتم تجديد حبس معظمهم على الورق دون مثولهم أمام جهات التحقيق، بما يضمن عدم تواصلهم مع العالم الخارجي منذ قرابة 6 أشهر، كما طالب المحامون بالتحقيق مع مأموري السجون ورؤساء المباحث ومسئولي الترحيلات لاشتراكهم في هذه الجرائم إن صحت.
جدير بالذكر أنه في مطلع أغسطس أيضًا وتزامنًا مع انتخابات مجلس الشيوخ؛ فوجئت أسرة السياسي محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية بمثوله أمام نيابة أمن الدولة على ذمة قضية ثالثة جديدة رقم 786 لسنة 2020، وذلك بعد قرار محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيله في 5 أغسطس. القضية الجديدة تضمنت الاتهامات نفسها التي سبق ووجهت للقصاص في القضية الأولى رقم 977 لسنة 2017 والقضية الثانية رقم 1781 لسنة 2019؛ وقضى على خلفيتهما عامين ونصف عام من الحبس الانفرادي قبل صدور قرار إخلاء سبيله ليجد نفسه رهن الحبس مجددًا!
هذا النمط من “التدوير” أو “الاعتقال التعسفي المتجدد” سبق ودأبت السلطات الأمنية في مصر انتهاجه بأشكال مختلفة مع معظم النشطاء السياسيين والحقوقيين بمجرد صدور قرار إخلاء سبيلهم أو قبيل انتهاء المدد القانونية لحبسهم احتياطيا، على النحو السابق اتباعه مع علا القرضاوي وزوجها حسام الدين علي، والمحامي هيثم محمدين والمدون محمد أكسجين.
المنظمات الموقعة على هذا البيان تجدد مطلبها للهيئات القضائية بالاضطلاع بمهامها في ضمان تطبيق القانون، ووضع حد لبطش السلطات الأمنية، ولتواطؤ النيابة العامة ونيابة أمن الدولة خلال مراحل التحقيق واستخدمهما للتنكيل بالخصوم السياسيين.
المنظمات الموقعة:
مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان
مركز النديم
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
مبادرة الحرية
كوميتي فور جستس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.