الأحد، 27 سبتمبر 2020

"ثورة الجلاليب" في مصر تتصدر المشهد.. لماذا خرج أهل القرى وامتنعت المدن؟


"ثورة الجلاليب" في مصر تتصدر المشهد.. لماذا خرج أهل القرى وامتنعت المدن؟

الكثير من المراقبين يعتبرون هذه التحركات مؤشرا خطيرا يدل  على ارتفاع وتيرة الغضب بين المصريين بسبب إصرارهم على الخروج في مظاهرات رغم القبضة الأمنية القمعية


خلال الأيام الماضية، خرجت مظاهرات غاضبة في العديد من القرى والمناطق في مختلف المحافظات المصرية، للمطالبة بإسقاط الرئيس عبد الفتاح السيسي، تزامنا مع دعوة رجل الأعمال المعارض محمد علي، المقيم في إسبانيا، للمصريين بالتظاهر في 20 و25 سبتمبر فيما أسمّوه "جمعة الغضب".

وتأتي هذه المظاهرات في وقت ارتفعت فيه حدة الغضب الشعبي ضد الحكومة بعد سن قانون إزالة التعديات وقانون التصالح، وهدم آلاف المنازل في مختلف أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي في مصر بسبب انتشار فيروس كورونا، ناهيك عن معضلة سد النهضة.

لكن ما يميز الاحتجاجات في مصر هذه المرة عن غيرها من الاحتجاجات التي اندلعت منذ 2011، أنها خرجت من محافظات الدلتا والريف ومحافظات الصعيد، بالإضافة إلى بعض الأحياء الشعبية في القاهرة، مما جعل البعض يطلقون عليها ثورة "الجلاليب" باعتبار أن أغلب المتظاهرين من الفلاحين والصعايدة الذين يرتدون الجلاليب.

ثورة الجلاليب

واتفق المحامي، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المستقلة، جمال عيد، مع وصف هذه المظاهرات بثورة "الجلاليب" مؤكداً أنه الزي الوطني لأغلب الشعب المصري وخاصة الفلاحين.

وذكر عيد في تصريحات لموقع "الحرة" أن هذه المظاهرات هي خروج مواطنين فقراء احتجاجا على الوضع وفقدان لقمة العيش، بعد قرارات الحكومة بوقف قرارات البناء و قيامها بهدم المنازل، مما أدى إلى إغلاق العديد من المصانع التي يعملون فيها.

وأضاف أن "هذه المظاهرات أخطر على النظام الحاكم من مظاهرات السياسيين، لأنها مظاهرات غاضبة بسبب الفقر والجوع واستبداد النظام"، مؤكدا أن "النظام لا يتعامل مع هذا الغضب إلا بالقبضة الأمنية".

بينما تمسك حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الموالى للحكومة، بوجهة النظر الحكومية التى تقلل من أهمية المظاهرات و يلصقها بالإخوان رغم انه لم تخرج منهم اى دعوة للتظاهر، ويصفها بأنها خرجت ضد قانون البناء.

وأضاف أن القانون خاطئ وفرض رسوما مبالغ فيها على المخالفين في البناء، مشيرا إلى أن تصريحات المسؤولين بالتهديد بهدم المنازل في حالة عدم سداد هذه الرسوم زادت من حدة الغضب، مشيرا إلى أن أغلب المتضررين من هذا القانون هم الفلاحين في القرى، الذي لا يملكون سوى منازلهم، لذلك هم الأكثر غضبا.

اشتباكات

وحاولت بعض وسائل الإعلام الموالية للنظام التشكيك في هذه المظاهرات، واتهموا أنصارها بأنهم يرتدون "جلاليب" كنوع من السخرية، فرد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاج "مليون تحية للجلاليب" الذي أصبح أكثر تداولا في مصر خلال الساعات الماضية.

خلال هذه المظاهرات، نشبت اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لفض المظاهرات، فرد المحتجين بقذف قوات الأمن بالحجارة.

وأسفر مجمل هذه الاشتباكات عن مقتل متظاهرين واعتقال أكثر من 150 متظاهر في مختلف أنحاء الجمهورية، كما شنت قوات الأمن حملات اعتقال عشوائية في بعض المناطق بحسب شهود عيان لموقع قناة "الحرة".

وبحسب مصدر طبي في مستشفى العياط قال لفرانس برس إن "سامي وفقي بشير وصل متوفيا إلى المستشفى" ليل الجمعة - السبت، وأوضح المصدر أنه كان "مصابا برصاصات خرطوش (من بنادق صيد) في الوجه والرأس"، كما أكد أفراد من أسرته أنه "أصيب خلال اشتباكات مع الشرطة التي كانت تفرق تظاهرة تطالب برحيل السيسي في قرية البليدة".

بينما أكد مصدر أمني أن الشرطة "لم تستخدم رصاصات خرطوش خلال الاشتباكات في البليدة"، مؤكدا أنها "استخدمت قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين".

مؤشر خطير

من جانبه، أكد سعدة أن "هذه المظاهرات أقل من مظاهرات العام الماضي التي خرجت استجابة لدعوات محمد علي"، مشيراً إلى أن "عدد المعتقلين اليوم الأول بلغ أكثر من 1200 في اليوم الأول، بينما هذا العام لا يتعدى العدد أكثر من 60 على حد قولة، وأغلبهم من متظاهري مدينة أطفيح بالجيزة الذين اعتدوا على سيارة الشرطة".

وتابع أن المظاهرات انحسرت في نحو 10 قرى فقط في 5 أو 6 محافظات فقط، وطالب الحكومة بتقديم تنازلات للاستجابة إلى هذه الاحتجاجات ومراجعة القانون.

بينما ذكر عيد أن المتظاهرين خرجوا رغم يقينهم أنهم قد لا يعودون إلى بيوتهم بسبب القبضة الأمنية، ولكنهم خرجوا للثورة على الفقر ورفض الجباية التي تفرضها عليهم الحكومة.

وصرح أن مصر على مدار الـ5 أيام الماضية، كانت تشهد نحو 20 مظاهرة يومية بأعداد بسيطة، وأنه تم توثيق حالات قتل في العياط، واعتقال مئات المتظاهرين واخفائهم في أماكن "غير آدمية".

ويعتبر الكثير من المراقبين هذه التحركات مؤشرا خطيرا يدل  على ارتفاع وتيرة الغضب بين المصريين، بسبب إصرارهم على الخروج في مظاهرات رغم القبضة الأمنية.

وعبر عيد عن خوفه من هذه المظاهرات، لأن المحتجين لا يملكون أي حسابات، وأضاف أنها تعبر عن غضب الشعب المصري وتنذر بمواجهة بين النظام والفقراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.