الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

اعرف حقوقك الدستورية التى قام الجنرال السيسي بالسطو عليها.. منظمة ''المبادرة المصرية للحقوق الشخصية'' الحقوقية تكشف في تقرير "تليفونك وبطاقتك" نظام حكم شريعة الغاب


اعرف حقوقك الدستورية التى قام الجنرال السيسي بالسطو عليها

منظمة ''المبادرة المصرية للحقوق الشخصية'' الحقوقية تكشف في تقرير "تليفونك وبطاقتك" نظام حكم شريعة الغاب


اولا: تفتيش محتوى هواتف الناس فى الشوارع بمثل تجريد المواطنين من حقوقهم الدستورية و اعتداء على حرمة حياتهم الخاصة  

مقدمة:

"أثناء مروره في شارع محمود بسيوني. وسط التواجد الكثيف لقوات الأمن وقيادات الشرطة في ميدان طلعت حرب وشارع محمود بسيوني المتفرع منه، ظهر فجأة مكتبان على الرصيف في الناحية المقابلة لمدرسة الفرانسيسكان يجلس أمامهما اثنان من الضباط بالزي المدني محاطان الأمناء وأفراد الشرطة، بينما يقف على الناحية المقابلة للمكتبين طابوران طويلان من المواطنين، عشرات من المواطنين على حد قول خ. ع. ينتظرون دورهم في التفتيش الإجباري بعد توقيفهم عشوائيًّا في الشارع. يأتي الدور على كل من الموقوفين لتسليم بطاقته للضابط الجالس أمام المكتب الأول للكشف عليها ثم تسليم تليفونه لفحصه بالتفصيل للضابط الجالس أمام المكتب الثاني - ينطوي هذا النوع من التفتيش على فحص كل حسابات التواصل الاجتماعي الموجودة على التليفون والاطلاع على أي مراسلات خاصة بل والصور الخاصة في الكثير من الأحيان طبقًا لشهادات متواترة، بحثًا عن أي "محتوى سياسي"، أو محتوى يقرر على أساسه الضباط ما إذا كان الشخص محل التفتيش "مشتبه سياسي". فعلى مدار فترة اقتربت من الشهرين أصبحت هذه الممارسة الشرطية التي تحتوي على انتهاك صارخ لأبسط حقوق المواطنين في الخصوصية جزءًا من عمل الشرطة العادي اليومي، تحديدًا وبشكل مكثف في منطقة وسط المدينة، وإن لم تقتصر بالضرورة على وسط المدينة فقط. العشرات من المواطنين تم القبض عليهم في سبتمبر وأكتوبر. في الفترة ما بين 21 سبتمبر ونهاية أكتوبر 2019، كانت إجراءات التوقيف والفحص القسري مصاحبة لحملة قبض عشوائي واسعة النطاق. ففي أغلب الحالات التي كان يعثر رجال الأمن فيها على محتوى سياسي على الهواتف مهما بلغت بساطته (مثل الكوميكس الساخرة)، ومهما بلغت خصوصيته (رسائل متبادلة عبر تطبيقات الرسائل الخاصة، صور شخصية)، كانت النتيجة الحتمية لذلك هو أن يتم القبض على صاحب/ة الهاتف. لم يقتصر ذلك على عدد قليل أو استثنائي من حالات القبض والتوقيف التي صاحبت الحملات الأمنية، بل أصبح هو الغرض الرئيسي والنتيجة المتوقعة لتوقيف أي مواطن في الأسابيع الخمسة المذكورة بين 20 سبتمبر ونهاية شهر أكتوبر. يقدر المحامون أن نسبة كبيرة من المقبوض عليهم في القضية 1338 حصر أمن دولة عليا والقضية 1413 أمن دولة عليا وقضايا أخرى تم استحداثها في سبتمبر وأكتوبر 2019 والذي فاق عددهم الثلاثة آلاف وقتها (ما زال عدد منهم يقترب من 950 شخصًا قيد الاحتجاز والتحقيق) ، كان قد تم توقيفهم والقبض عليهم بسبب العثور على محتوى سياسي على هواتفهم فقط، وليس لأي سبب آخر. يصعب حصر الأرقام بدقة حيث أن الاتهامات في التحقيقات كانت واحدة ومتكررة، ولأن محتوى الهواتف لا يتم إدراجه ضمن الأحراز في المحاضر المحررة ولا في محاضر الضبط نظرًا إلى عدم قانونية الإجراء.


تستعرض هذه الورقة أمثلة من الحملة الأمنية الي بدأت في سبتمبر وانتهت بنهاية شهر أكتوبر ومن الحملة المماثلة التي حاولت استباق ما تدعي أجهزة الأمن أنه استعدادات لتنظيم مظاهرات في ذكرى 25 يناير، من أجل بيان طبيعة الانتهاك والملابسات المصاحبة له بعد أن نقوم بعرض تعليق وزارة الداخلية الوحيد على الإجراء ثم بتفنيد أي حجج قانونية تدعيها وزارة الداخلية لشرعنة هذا الإجراء شديد التعسف, والذي لا يمكن أن يبرره أو يحكمه أي منطق قانوني اللهم إلا ترهيب وترويع المواطنين.


أوًلا: المواقف الرسمية من االنتهاك - تعليق المجلس القومي لحقوق اإلنسان ورد وزارة الداخلية ً مخالفًا بطبيعة الحال وبالتزامن مع هذه الحالة سالفة الذكر، ظهرت العديد من الأصوات المنددة بتفتيش التليفونات باعتباره إجراء للقانون والدستور، إلى جانب مقاومة بعض المواطنين للتفتيش القسري والتي عادة ما كانت تنتهي بالقبض على الشخص الرافض لتسليم هاتفه للتفتيش. أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان بيانًا بتاريخ 3 أكتوبر يؤكد على عدم قانونية إجراءات التوقيف والتفتيش 3 .جاء في نص البيان: العشوائية ومخالفتها النصوص الدستورية أولًا: التوسع غير المبرر في توقيف المواطنين العابرين في الطرقات والميادين من دون مسوغ قانوني، ومن دون تمكينهم من الاتصال بذويهم وأهلهم، ومن دون إبلاغهم بالتهمة المسندة إليهم، وهو يمثل عدوانًا على الحقوق التي كفلها الدستور ونص عليها القانون. ثانيًا: أما الظاهرة الثانية فقد تمثلت في توقيف المواطنين أثناء سيرهم في الشوارع وإجبارهم على إطلاع رجال الشرطة على هواتفهم النقالة وفحصها وذلك بما يخالف نصوص عديدة في الدستور تضفي حماية على حرمة الحياة الخاصة، وكذا تحصين مراسلات المواطنين واتصالاتهم، بما فيها الاتصالات ووسائل التواصل الإ لكترونية. ً قياسًا بتاريخ بيانات المجلس القومي لحقوق الإنسان في السنوات القليلة الماضية والذي نادرًا ما نتج عنه بيان يحمل نقدًا علنيّا لانتهاكات وزارة الداخلية، فهذا البيان يعتبر بيانًا شديد اللهجة ويعكس بشكل واضح خطورة واتساع رقعة استباحة قوات الأمن أبسط حقوق المواطنين في السير آمنين في الشوارع وعدم تعرضهم للتفتيش القسري. 4 على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في اليوم ذاته وردت وزارة الداخلية في اليوم نفسه ببيان مقتضب ً ادعت فيه أن إجراءاتها سليمة قانونيّا وأن »جميع حالات الضبط جاءت وفقًا للقانون والتي من بينها حالات التلبس والتي تتيح _بحسب بيان وزارة الداخلية_ تفتيش الأشخاص وما بحوزتهم من متعلقات منقولة )الهواتف المحمولة أو خلافه وفقًا لصحيح القانون(.« وذكر البيان أن: »بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان اعتمد على معلومات غير موثوق بها تسعي إلى إحداث البلبة في الشارع المصري.« وهو كلام يفتقر إلى الدقة القانونية بل إنه لا يمت بصلة إلى قواعد الضبط والتفتيش في قانون الإجراءات الجنائية، بما في ذلك قواعد التوقيف وإلى نصوص الدستور كما سنبين أدناه. جدير بالذكر أنه حتى تاريخ 21 ديسمبر، وقبل تجدد موجة التوقيفات والقبض المرتبطة بحالة »الاشتباه السياسي«، لم يصادف محامو المبادرة المصرية ومحامون آخرون أي حالة تم فيها إحالة أي متهم إلى القضاء كنتيجة مباشرة لعملية تفتيش التليفونات وأثبت فيها مأمورو الضبط القضائي قيامهم بتفتيش تليفون المتهم. فهو أمر مخالف للقانون بشكل صريح. وبالرغم من ذلك يبدو أن هذه الإجراءات التي لا يمكن وصفها بالاستثنائية لشدة فجاجتها _فحتى الإجراءات الاستثنائية تحتاج إلى قوانين تنظمها وإطار زمني مؤقت يحكمها وقد أصبحت بالفعل حقّا مكتسب ًا بالنظر إلى تجددها كلما توقعت الجهات الأمنية خروج مظاهرات. وحتى لا تتحول هذه الانتهاكات من حق مكتسب تعسفي لا علاقة له بالقانون إلى أداة من أدوات الشرطة التي يتم ممارستها في الأحوال العادية ولا تثير حفيظة المواطنين، مثلما حدث مع حظر دخول التليفونات المحمولة إلى أقسام الشرطة لفترة طويلة، أو لتفتيش السيارات في الأكمنة الليلية وبالمخالفة للقانون، وجب بيان علاقة هذه الإجراءات بالدستور والقوانين المصرية من أجل تفنيد أي حجة قانونية تستند إليها الشرطة في اللجوء إليها. ستتناول هذه الورقة الإطار القانوني لعملية التفتيش بشكل مكثف والتفرقة بين الحالات المختلفة للتفتيش والوضع القانوني للهواتف المحمولة مع ذكر بعض الحالات التي تعرضت للتفتيش غير القانوني.


 ثانيا: اإلطار القانوين ومدى قانونية إجراء فحص الهواتف قبل التفصيل في شرح الإطار القانوني لإجراءات تفتيش الهواتف من المفيد أن نتعرض لبعض التعريفات في القانون المصري الخاصة بالهواتف المحمولة والمقصود بالمعلومات والبيانات الخاصة بتلك الهواتف والحماية القانونية لتلك المعلومات والبيانات: ًّ ما هو تعريف الهواتف المحمولة )الموبايل( قانونيا؟ َّف الحاسب بأنه أي جهاز قادر على التخزين أو تسجيل البيانات أو المعلومات أو تخزينها أو لمجرد القانون يعتبرها »حاسب« وعر الاتصال. طبقًا لما جاء بالمادة الأولى من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر برقم 175 لسنة 2018. في تطبيق أحكام هذا القانون، ي ُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منهما: الحاسب: كل جهاز أو معدة تقنية تكون قادرة على التخزين وأداء عمليات منطقية أو حسابية، وتستخدم لتسجيل بيانات أو معلومات أو تخزينها أو تحويلها أو تخليقها أو استرجاعها أو ترتيبها أو معالجتها أو تطويرها أو تبادلها أو تحليلها أو للإتصالات. ما هو تعريف المعلومات والبيانات الموجودة عىل التليفونات؟ هي بحكم القانون إما بيانات شخصية وإما معلومات إ لكترونية ويشمل ذلك ملفات الصور والأصوات وغيرها، بما في ذلك البيانات أو المعلومات على حسابات التواصل الاجتماعي والتي يطلق عليها القانون مصطلح الحساب الخاص. جاء بالمادة الأولى من قانون جرائم تقنية المعلومات سالف الذكر تعريف لتلك البيانات والمعلومات وكذلك الحساب الخاص كالتالي: في تطبيق أحكام هذا القانون، ي ُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منهما: البيانات والمعلومات الإ لكترونية: كل ما يمكن إنشاؤه أو تخزينه أو معالجته أو تخليقه أو نقله أو مشاركته أو نسخه، بواسطة تقنية المعلومات، كالأرقام والأكواد والشفرات والحروف والرموز والإشارات والصور والأصوات، وما في حكمها. بيانات شخصية: أي بيانات متعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الربط بينها وبين بيانات أخرى. الحساب الخاص: مجموعة من المعلومات الخاصة بشخص طبيعي أو اعتباري، تخول له دون غيره الحق في الدخول على الخدمات المتاحة أو استخدامها من خلال موقع أو نظام معلوماتي. وقد وضع القانون حماية خاصة لتلك المعلومات والبيانات الموجودة على التليفونات بأنها سرية ولا يجوز للشركات من مقدمي خدمة الإنترنت إفشاؤها أو الإفصاح عنها إلا بعد صدور أمر مسبب من القضاء والحماية تشمل البيانات الشخصية والحسابات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما جاء بنص البند )2 )من المادة الثانية من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 على:


 أولًا- مع عدم الإخلال بالأحكام الواردة بهذا القانون وقانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 ، يلتزم مقدمو الخدمة بما يأتي: )...( 2 - المحافظة على سرية البيانات التي تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، ويشمل ذلك البيانات الشخصية لأي من مستخدمي خدمته، أو أي بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التي يدخل عليها هؤلاء المستخدمون، أو الأشخاص والجهات التي يتواصلون معها. ما هي رشوط تفتيش الهواتف أو الحواسب؟ وضع المشرع المصري سواء الدستوري أو العادي سياجًا من الحماية على المراسلات عمومًا سواء الشكل القديم لها وهي المراسلات البريدية والبرقية أو الأشكال الجديدة من المراسلات، مثل المراسلات الإ لكترونية أو المحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال، فالدستور المصري في المادة 57 نص على أنه: للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإ لكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك. وبالتالي فالمراسلات وفقًا لهذا النص جزء من الحياة الخاصة، ولا يجوز لأجهزة الدولة أو لغيرها المساس بهذه السرية والخصوصية إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة. والتزامًا بهذا السياج الدستوري للحياة الخاصة وحرمتها فقد جاءت المادة السادسة من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات لتضع شروط تفتيش وضبط المعلومات والأجهزة والحواسب وهي ما يدخل في إطارها التليفونات – على نحو ما ورد بتعريف التليفونات المشار إليه في الفقرة الأولى من هذا القسم – والتي جاء نصها كالتالي: ًا مسبب ًا لمأموري الضبط القضائي المختصين، لمدة لا تزيد على ثلاثين لجهة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، أن تصدر أمر يومًا قابلة للتجديد لمرة واحدة، متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة على ارتكاب جريمة معاقب عليها بمقتضى أحكام هذا القانون، بواحد أو أكثر مما يأتي: 1 - ضبط أو سحب أو جمع أو التحفظ على البيانات والمعلومات أو أنظمة المعلومات أو تتبعها في أي مكان أو نظام أو برنامج أو دعامة إ لكترونية أو حاسب تكون موجودة فيه، ويتم تسليم أدلتها الرقمية للجهة مصدرة الأمر، على ألا يؤثر ذلك على استمرارية النظم وتقديم الخدمة إن كان لذلك مقتضى. 2 - البحث والتفتيش والدخول والنفاذ إلى برامج الحاسب وقواعد البيانات وغيرها من الأجهزة والنظم المعلوماتية تحقيقًا لغرض الضبط. 3 - أن تأمر مقدم الخدمة بتسليم ما لديه من بيانات أو معلومات تتعلق بنظام معلوماتي أو جهاز تقني موجودة تحت سيطرته أو مخزنة لديه، وكذا بيانات مستخدمي خدمته وحركة الاتصالات التي تمت على ذلك النظام أو الجهاز التقني.

وفي كل الأحوال، يحب أن يكون أمر جهة التحقيق المختصة مسبب ًا. ويكون استئناف الأوامر المتقدمة أمام المحكمة الجنائية المختصة منعقدة في غرفة المشورة، في المواعيد ووفقًا للإجراءات المقررة بقانون الإجراءات الجنائية. ووفقًا للنص السابق فإنه يجوز لجهات التحقيق القضائية )النيابة أو قاضي التحقيق( فقط أن تصدر قرارًا بالتحفظ على التليفون )الموبايل( وتفتيشه والاطلاع على المعلومات والبيانات التي يحتويها الهاتف شريطة أن يكون التفتيش له فائدة في إظهار الحقيقة في إطار التحقيق في جريمة، وقرار النيابة له مدة محددة لا تزيد على 30 يومًا يمكن تجديدها مرة واحدة فقط، كما أنه من حق من صدر القرار بشأنه أن يستأنف القرار أمام المحكمة الجنائية المختصة منعقدة في غرفة المشورة، في المواعيد ووفقًا للإجراءات المقررة بقانون الإجراءات الجنائية. كل هذا لا علاقة له بالسلطة التي انتزعتها وزارة الداخلية لنفسها بتفتيش التليفونات كإجراء استباقي للتحقق من الهوية السياسية لأي شخص تشتبه فيه لمجرد انتمائه إلى فئة عمرية معينة أو لمجرد أنه تواجد في محيط ميدان التحرير في الوقت »الخاطئ«، والذي قد يطول إلى شهر كامل كما هو الحال منذ النصف الثاني من شهر ديسمبر الماضي. ًّ هل يعترب تفتيش التليفونات قانونيا يف حالة التلبس كما قالت وزارة الداخلية يف بيانها؟ ً استندت وزارة الداخلية في بيانها ردّا على الانتقادات الحقوقية وعلى البيان الصادر من المجلس القومي لحقوق الإنسان بعدم قانونية تفتيش التليفونات إلى أن حالات التلبس تتيح لمأموري الضبط القضائي )رجال الشرطة( تفتيش الأشخاص وما بحوزتهم من متعلقات منقولة ومنها الهواتف المحمولة. وحتى يمكن الإجابة على مدى قانونية تفتيش التليفونات في ظل حالة التلبس يجب تعريف حالة التلبس بداية فحالة التلبس منصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية بالمادة 30 منه والتي تنص على: تكون الجريمة متلبسًا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة. وتعتبر الجريمة متلبسًا بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حامل ًا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراق ًا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك. ومفاد ذلك أن حالة التلبس المقصود بها أن الشخص المتهم تم القبض عليه وهو يرتكب الجريمة أو بعدها بوقت قصير. ويجب للقول بوجود حالة تلبس أن تكون هناك جريمة قد وقعت بالفعل وهو الأمر غير المتوفر في الحالات التي تعرضت للتفتيش غير القانوني للهواتف المحمولة حيث أن ما تواترت عليه الشهادات هو أن التفتيش يتم بشكل عشوائي في نقاط الشرطة )ا لكمائن( لفئات معينة وهو ما لم يمكن معه توصيف هذه الوقائع بأنها حالات تلبس. فالتلبس يكون مرتبطًا بوقوع جريمة، و«الاستيقاف« _كما سنشرح لاحقًا_ يكون مرتبطًا بوضع الشخص نفسه بنفسه في موضع الشك والريبة ومن ثم فلا يمكن تبرير توقيف مئات من المواطنين بصفة يومية لمدة تقترب من الشهر في نفس النطاق الجغرافي بأنه »تلبس« على كل حال، ولا على أنه مبرر للاستيقاف, فلا جرائم حدثت في هذا النطاق الجغرافي ولا هؤلاء المواطنين قد وضعوا أنفسهم موضع الشك والريبة لأنهم حديثو السن أو لمجرد سيرهم على الأقدام في النطاق الواسع لميدان التحرير! ومن زاوية أخري فإن حالة التلبس وفقًا لصحيح القانون لا تتيح لرجال الشرطة تفتيش التليفونات _حتى ولو كانت هي أداة الجريمة المتلبس بها_ ويمكن فقط لرجل الشرطة أن يقوم بما يعرف بالتفتيش الوقائي والذي يكون غرضه الأساسي هو تجريد المتهم من أي أداة يمكن بها الاعتداء على رجال الشرطة أثناء احتجازه، وفي حال ضبط متهم بجريمة متلبس بها فيكون لرجل الشرطة أن يقبض على المتهم _إذا كانت الجريمة عقوبتها الحبس أكثر من ثلاثة أشهر_ ويتحفظ على الهاتف المحمول ويقوم بتحريزه وعرضه مع المتهم على النيابة العامة خلال 24 ساعة. وهي القواعد المنصوص عليها بالمواد 31 و32 و34 من قانون الإجراءات الجنائية والتي جاءت نصوصها كالتالي: المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية: يجب على مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن ينتقل فورًا إلى محل الواقعة، ويعاين الآثار المادية للجريمة، ويحافظ عليها، ويثبت حالة الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، ويسمع أقوال من كان حاضرًا، أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة ومرتكبها. ويجب عليه أن يُخطر النيابة العامة فورًا بانتقاله ويجب على النيابة العامة بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها الانتقال فورًا إلى محل الواقعة. المادة 32 من القانون ذاته: لمأمور الضبط القضائي عند انتقاله فى حالة التلبس بالجرائم أن يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر، وله أن يستحضر فى الحال من يمكن الحصول منه على إيضاحات فى شأن الواقعة. المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية: لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو بالجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. ومما سبق يتأكد أن _وفقًا لصحيح القانون_ توقيف الأشخاص في نقاط الشرطة _ا لكمائن_ ليست بالضرورة تعتبر حالة تلبس، كما أنه حتى في أحوال التلبس لا يكون لرجل الشرطة سوى إرسال المقبوض عليه متلبسًا بجريمة إلى النيابة العامة ومعه هاتفه المحمول والأخيرة لها وحدها الحق في تفتيش التليفون إن كان لذلك مبرر قانوني. ما معىن االشتباه؟ وهل يمكن لرجل الرشطة أن يقبض عىل األشخاص لمجرد االشتباة؟ الاشتباه مصطلح أمني يرجع إلى المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه بهم، حدد فيه المشتبه بهم في فئتين: الأولى، هم الأشخاص الصادر بحقهم أحكام قضائية أكثر من مرة في عدد من الجرائم _حددها القانون_ والفئة الثانية هم الأشخاص المشهور عنهم _لأسباب يقدرها رجال الشرطة_ أنهم معتادو ارتكاب تلك الجرائم. تنص المادة الخامسة من القانون رقم 98 لسنة 1945 قبل إلغائها على: يعد مشتبه ًا فيه كل شخص تزيد سنه على خمس عشرة سنة حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الآتية أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب بعض هذه الجرائم: )1 )الاعتداء على النفس أو المال أو التهديد بذلك. )2 )الوساطة في إعادة الأشخاص المخطوفين أو الأشياء المسروقة. )3 )تعطيل وسائل المواصلات أو المخابرات ذات المنفعة العامة. )4 )الاتجار بالمواد السامة أو المخدرة أو تقديمها للغير. )5 )تزييف النقود أو تزوير أوراق النقد الحكومية أو أوراق البنكنوت الجائز تداولها قانونًا في البلاد أو تقليد أو ترويج شيء مما ذكر. ُ الاشتباه بأنه: »حالة خطرة كامنة في الشخص مرجعها إلى شيوع أمره بين الناس باعتباره من الذين اعتادوا َّف القضاء وقد عر مقارفة جرائم وأفعال، وهي حالة رتب المشرع على تحققها بالنسبة إليه محاسبته وعقابه، وأجاز التدليل عليها بالأقوال أو السوابق أو 5 التقارير الأمنية بعد أن قدر أن جميعها تعتبر كاشفة عن الصلة بين حاضره وماضيه، وقاطعة في توكيد خطورته.« وقد أجاز القانون سالف الذكر لرجال الشرطة محاسبة المشتبه بهم ومعاقبتهم بتدابير احترازية، وفقًا لنص المادة السادسة من القانون ذاته والتي جرى نصها كالتالي: يعاقب المشتبه به بوضعه تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن ستة شهور ولا تزيد على خمس سنين. وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس والوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين. بناء على هذا التنظيم القانوني للمشتبه بهم كان يمكن لرجال الشرطة القبض على الأشخاص »اشتباه« ومن ثم يقومون با لكشف علي سجلهم الإجرامي وإذا توافر وصف الاشتباه يمكنهم وضعهم تحت المراقبة وفقًا لنص المادة السادسة من القانون سالفة الذكر، ومن هنا ظهر ما تعارف عليه فيما بعد بين آحاد الناس بأن الشخص »ممسوك اشتباه« أو ما صار متعارف ًا عليه بين أوساط رجال إنفاذ القانون »بنكشف عليه« أي أنه هناك شخص مشتبه به وسوف يتم ا لكشف عليه وإن كان ليس هناك ما يدينه سيتم إطلاق سراحه! لا وجود للاشتباه ولا يحق لرجال الشرطة القبض على أي شخص لمجرد الاشتباه بعد حكم المحكمة الدستورية بإلغاء مواد الاشتباه. بتاريخ 14/1/1993 حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 98 لسنة 1945 الخاصة بالمشتبه بهم سالفة الذكر وقضت بسقوط المادة السادسة من القانون ذاته والمتعلقة بعقوبة الاشتباة، وذلك في الطعن رقم 3 لسنة 10 قضائية – دستورية. وقد استندت المحكمة الدستورية العليا للحكم بعدم دستورية الاشتباة إلى عدة مبادئ أهمها مبدأ: الإنسان بريء حتى تثبت إدانته قرينة البراءة، وإلى عدم جواز معاقبة الشخص مرتين على الفعل ذاته، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها: »متى كان الاشتباه فى صورتيه المشار إليهما بنص المادة 5 ً المطعون عليها، لا يعتبر فعل ًا اتخذ مظهر ًا خارجيّا ملموسًا، ولا هو يقيد الحرية الشخصية بمراعاة الوسائل القانونية المتوافقة مع أحكام الدستور فى جوانبها الموضوعية والإجرائية، أو يلتزم الضوابط التي أرسلتها هذه المحكمة في شأن المحاكمة المنصفة، ومن بينها افتراض البراءة كحقيقة مستعصية على الجدل تمليها الشرعية الجنائية، وكان الاشتباه في الصورة التي يقوم فيها على أحكام الإدانة السابقة يتمحض عن معاقبة الشخص مرتين على فعل واحد، فإن المادة 5 المشار إليها تكون مخالفة لأحكام المواد 66،41 ، 67 من الدستور. ولازم ذلك بطلانها، وسقوط المواد 6 ،13 ،15 من ذلك المرسوم بقانونٍ المرتبطة بها باعتبار أنها مترتبة عليها، ولا قوام لها بدونها، ولا يتصور 6 إعمالها في غيبتها، وما كان المشرع ليقرها بمعزل عنها.« وبعد صدور هذا الحكم أصبح الاشتباه مصطلحًا غير قانوني ولا يستند إلى نص في القانون المصري بل إن المحكمة الدستورية حكمت ً ً أمنيّا متبعًا ويستخدم بشكل غير قانوني، وأبلغ دليل على عدم قانونيته هو خلو أي محضر بعدم دستوريته، إلا أن الاشتباة ظل إجراء من محاضر القبض على الأشخاص على هذا المصطلح. إذا كان الاشتباه غير قانوني فمتى يكون من حق رجل الشرطة أن يستوقف الأشخاص في كمائن الشرطة؟ درجت أحكام القضاء على تسمية حالة توقيف الشخص من قبل رجل الشرطة بمصطلح الاستيقاف والذي هو سلطة يم لكها رجال الشرطة، والمقصود بهذا المصطلح هو حالة يضع فيها الشخص نفسه موضع الشك والريبة, كأن يقوم بالهرولة ويلقي بحقيبة بيده عند مشاهدته لرجال الشرطة أو يشاهَد وهو يحوم حول منزل معين، وفى هذه الحالة فقط يكون لرجل الشرطة الحق في التوجه إلى هذا الشخص الذي وضع نفسه في هذه الحالة طواعية ويطلب منه الإفصاح عن هويته بإبراز بطاقة تحقيق الشخصية، واستقرت أحكام القضاء على ضرورة أن يكون الشخص وضع نفسه بنفسه في موضع الشك والريبة. ولذلك فقد حكمت م ً حكمة النقض حديثًا بإلغاء أحكام جنائية على السائقين الذين تم توقيفهم عشوائيّا وإجراء تحاليل مخدرات لهم في ا ً لكمائن وذلك باعتبار أن هذا التوقيف العشوائي باطل ًا قانونيّا لأن هؤلاء السائقين لم يضعوا أنفسهم موضع الشك والريبة . 7 اللازمين لتوافر حالة التوقيف ً الأمر الذي يكون معه الاشتباه سواء كان اشتباهًا سياسيّ ً ا أم جنائيّا هو إجراء غير قانوني ولا يستند إلى نص في القانون أو الدستور بل وفصلت المحكمة الدستورية العليا فيه بحكمها بعدم دستوريته، وأن أي توقيف أو قبض أو تفتيش لمجرد الاشتباه هو عمل غير قانوني ومحظور على رجال الشرطة. أما ما تم رصده وتوثيقه من ممارسات شرطية في محيط ميدان التحرير وأماكن أخرى وما سنعرضه في الفصل التالي, فلا علاقة له ٍ من هذه المفاهيم القانونية، الملغى منها والساري.


 ما المقصود بالتفتيش وفقا للقانون؟ ً اجتمعت آراء الفقهاء على التفتيش قانونيّا بأنه البحث في مستودع أسرار فرد معين عن أدلة تفيد التحقيق بشأن جريمة معينة وقعت وتقوم دلائل جدية ضد هذا الفرد بأنه ارتكب هذه الجريمة، وقد يكون مكان البحث عن هذه الأسرار هو الشخص نفسه . 8 أو أمكنة خاصة به لها حرمتها مثل منزله أو مراسلاته وأجهزته وتليفونه الخاص والتفتيش كإجراء مجرد هو عمل غير قانوني وهو استثناء على الأصل, والأصل هنا هو حماية الحياة الخاصة، وله شروط محددة أولها أن يكون هناك اتهام لشخص بارتكاب جريمة، وأن يكون التفتيش صدر بإذن عن جهة قضائية، وهي قواعد عامة، تنطبق على تفتيش المنازل أو الأشخاص أو التليفونات. هل يجوز تفتيش األشياء المختومة أو المغلقة من قبل رجال الرشطة؟ ومن له حق تفتيشها؟ حتى لو توافرت شروط التفتيش سواء كان رجال الشرطة لديهم إذن من النيابة أو في حالة تلبس فلا يجوز لهم تفتيش الأشياء المختومة أو المغلقة بأي طريقة، وفي هذه الحالة يكون التفتيش بقرار من القضاء، وبالقياس تسري هذه القاعدة على التليفونات المحمولة لأنها عادة ما تكون مغلقة برقم سري، فضل ًا على أن التليفونات تتضمن مراسلات لها سياج من الحماية والخصوصية كما سلف القول سابقًا. وفي حالة وجود أشياء مغلقة وجدت بحوزة المتهم أثناء تفتيشه أو تفتيش مسكنه بموجب إذن من النيابة العامة فقد أوجب القانون على رجل الشرطة أن يرسل هذه الأشياء المغلقة إلى النيابة كحرز وللأخيرة فقط أن تأمر بتفتيشها في حضور المتهم وذلك بموجب المواد 52 و97 من قانون الإجراءات الجنائية واللذان جاء نصهما كالتالي: المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية: إذا وجدت في منزل المتهم أوراق مختومة أو مغلقة بأية طريقة أخرى، فلا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفضها. المادة 97 من القانون ذاته: يطلع قاضي التحقيق وحده على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى المضبوطة، على أن يتم هذا إذا أمكن بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه ويدون ملاحظاتهم عليها. وله عند الضرورة أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة بفرز الأوراق المذكورة. وله حسب ما يظهر من الفحص أن يأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف القضية أو بردها إلى من كان حائزًا لها أو إلى المرسلة إليه.


 هل من حقك أن تعترض عىل تفتيش تليفونك أو تمتنع عن تسليم الرقم الرسي للتليفون أو لحساباتك عىل مواقع التواصل االجتماعي؟ نعم من حقك! إذا تم توقيف شخص في الشارع بشكل عشوائي أو في إحدى اللجان من قبل رجال الشرطة, فلا يحق لهم إجباره على فتح تليفونه المحمول أو حتى طلب تسليم الرقم السري الخاص به لأن القانون يكفل هذه السلطة للنيابة العامة أو قاضي التحقيق فقط وفقًا لشروط محددة وبموافقة الشخص صاحب الهاتف. فالإجابة على هذا السؤال بشكل قاطع هو: نعم يحق لأي مواطن أن يرفض ً تفتيش التليفون الخاص به وفتح حساباته الخاصة, ولا يحق قانونيّا لرجال الشرطة أن يجبروا أي مواطن على هذا الفعل. إذا تم توجيه اتهام إلى شخص من النيابة العامة وأثناء التحقيقات, فالدستور والقانون يكفلون له حق عدم تسليم الرقم السري لتليفونه أو لحساباته وذلك لأن المواطن م ً حل التحقيق ليس مضطرّا أو مجبرًا على أن يفشي أسراره أو أن يتعاون مع النيابة أو القضاء. وهذا الحق مستند في الأساس إلى قاعدة: المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والمتفرع عنها ما يعرف، بالحق في الصمت والذي يعني أنه حتى لو طلبت منك النيابة العامة تقديم معلومات ضد نفسك فإنك تستطيع أن تجيب بأنك تستخدم حقك في الصمت وهذه الإجابة لا يجب أن تعاقب عليها أو تؤخذ ضدك وفقًا للفقرة الأخيرة من المادة 55 من الدستور والتي تنص على: وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه. وبتطبيق القواعد سالفة الذكر على مدى إمكانية تسليم الرقم السري لتليفونك المحمول أو حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي فيمكنك استخدام حقك في الصمت أثناء التحقيق وعدم تسليم الرقم السري. هل يحق للرشطة تفتيش التليفونات يف حالة إعالن الطوارئ؟ عند إعلان حالة الطوارئ، وهي حالة يتم إعلانها لمواجهة كوارث طبيعية أو ظروف أمنية استثنائية أو ظروف غير عادية، تستجد مجموعة من الإجراءات القانونية والسلطات الممنوحة مؤقت ًا لمأموري الضبط ليس من ضمنها الحق في تفتيش التليفونات. وهو ما أكدت عليه أيضًا المحكمة الدستورية العليا عندما ألغت الفقرة الأولى من المادة 3 من قانون الطوارئ في 2013 والتي كانت تتيح 9 تفتيش الأشخاص بدون التقيد بضوابط قانون الإجراءات الجنائية في ظل فرض حالة الطوارئ.


 ثالثا:  توثيق لبعض الحاالت التي قامت الشرطة فيها بتفتيش ثالث التليفونات قسرا

  تواترت حالات توقيف وتفتيش المارة وتفحص هواتفهم بعد مظاهرات 20 سبتمبر حتى أن ا لكثير من المواطنين تجنبوا المرور بمنطقة وسط المدينة سيرًا على الأقدام حتى لا يتعرضوا للإجبار على فتح وفحص هواتفهم. بل إن ا لكثير من الشهادات ذكرت أن عملية الفحص العشوائي قد تطول إلى نصف ساعة بعد أن تكون قوة الشرطة قد تحفظت على بطاقة الهوية الخاصة بالشخص محل التفتيش, الذي يجد نفسه مجبرًا على التعاون وفتح هاتفه للضابط الذي يقوم بالفحص. وقد شهد بذلك أحد الأشخاص الذين تحدثت إليهم المبادرة المصرية والذي أشرنا إلى شهادته في المقدمة، واصفًا المشهد الذي استوقفه يوم 25 أو 26 سبتمبر )لم يتذكر بدقة التاريخ( من طابور عرض للمواطنين المنتظرين فحص هواتفهم في شارع محمود بسيوني. ثم توالت طلبات المساعدة القانونية التي تلقتها المبادرة المصرية والمنظمات الحقوقية الأخرى وأغلبها كان متعلقًا بحالات توقيف وتفتيش ثم قبض وضم إلى القضية 1338 ٍ من القضايا السياسية ا لكبرى الأخرى. من ضمن الحالات التي حازت على تغطية إعلامية وقتذاك كانت حالة توقيف أو أيّ الناشطة سناء سيف التي قبض عليها بسبب رفضها التفتيش غير القانوني لهاتفها يوم 6 أكتوبر 2019 في منطقة باب اللوق10 ,ثم أطلق سراحها بعد ساعات من توقيفها. قبل ذلك بعدة أيام، يوم الخميس 3 أكتوبر 2019 ،كان أحد الباحثين الحقوقيين11 قد تم ً عند أحد ا لكمائن التي استحدثها الأمن توقيفه في شارع القصر العيني متوجهًا إلى منطقة المنيل بين الساعة الرابعة والخامسة مساء الوطني آنذاك، وأجبر على فتح هاتفه وتفتيش محتواه بالتفصيل، وعند العثور على صورة شخصية ارتاب فيها رجل الأمن الوطني الذي قام بتوقيفه، تم اقتياده إلى قسم شرطة قصر النيل ثم نقله إلى معسكر لقوات الأمن حيث تم احتجازه لمدة 30 ساعة قبل خروجه بدون تحرير محضر. يقول الشاهد إن ضابط الأمن الوطني الذي استوقفه بشارع القصر طلب بطاقته الشخصية وسأله بعض الأسئلة عن طبيعة عمله وأنه سأله عن صورة له على الفيسبوك وعن بعض الأشخاص الموجودين بالصورة وطبيعة علاقته بهم. ثم إنه تابع الاطلاع على أدق تفاصيل تفاعلاته على الفيسبوك، حتى أنه توقف عند تعليق )كومنت( كان قد كتبه على منشور على الحساب الخاص بزميل له في العمل, يخبره فيه بأنه أرسل إليه »الرد« على البريد الإ لكتروني الخاص به، فطلب الضابط الاطلاع على حساب البريد الإ لكتروني الخاص به وهو ما لم يكن متاحًا على الهاتف. تم اقتياده بعد ذلك إلى قسم شرطة قصر النيل للاستعلام الأمني و لكن مأمور القسم قرر التحفظ عليه لمزيد من التحقيق بصفته حالة »اشتباه سياسي«, فتوالى على سؤاله أكثر من شخص. أثناء ذلك طلب صاحب الشهادة أكثر من مرة الاتصال بذويه إلا أن طلبه قوبل بالرفض بحجة أنه »أصبح تحت فحص الأمن الوطني«. أمضى ساعتين في الحجز قبل ترحيله إلى معسكر الأمن المركزى الكائن بمنطقة عبود، وإيداعه عنبر الحجز الإداري مع أشخاص من م َ ختلف الأعمار: ق ُصّر وشباب وكبار سن كلهم من الذكور، كان يتم التحقيق معهم من قبل ضباط مختلفين من الأمن الوطني. يذكر صاحب الشهادة أن بعضهم ممن رفض ا لكشف عن معلومات الدخول إلى حساباته الخاصة تعرض للعنف والتعذيب، و لكنه نفسه لم يتعرض لأي أذى بدني وتم إطلاق سراحه يوم السبت 5 أكتوبر في ساعة مبكرة من الصباح. على الرغم من أن صاحب هذه الشهادة تعرض للاحتجاز لمدة يومين لمجرد أن ضابطًا أجبره على فتح هاتفه في الشارع واشتبه في كونه »سياسي« بسبب صورة ش ً خصية وتعليق على الحساب الخاص بصديق، إلا أنه كان أحسن حظّا من ا لكثير ممن قبض عليهم ثم تم إضافتهم إلى القضية 1338 حصر أمن دولة عليا وقضايا أخرى تم فتحها في تلك الفترة وضم المئات من المحتجين إليها. أما من كان يقاوم ويرفض فتح هاتفه وتفتيشه قسرًا، فعادة ما كان/كانت يتعرض للتعنيف أو في حالات قليلة للعنف البدني أو للقبض والاحتجاز. لعل الواقعة الأكثر عنفًا كانت تلك التي تم تصويرها في شبين ا لكوم بتاريخ 20 أكتوبر عندما رفضت واحدة من المارة بأحد شوارع المدينة تسليم هاتفها للتفتيش فقامت قوات الشرطة بإحاطتها والتعدي عليها ومصادرة تليفونها قسرًا وتحطيمه في الشارع12 ،كما يظهر في المقطع المصور، ثم القبض عليها واقتيادها إلى إحدى سيارات الأمن المركزي. جدير بالذكر أن في كل الحالات التي تعرض أصحابها للتوقيف وفحص الهواتف ثم إحالتهم إلى النيابة, والتي رصدها المحامون في ٍ من المتهمين بمنشورات أو المبادرة المصرية والمنظمات الحقوقية الأخرى أو قاموا بتقديم المساعدة القانونية فيها, لم يتم مواجهة أيّ رسائل ناتجة عن التفتيش وتم اتهامهم باتهامات أخرى. لم تقتصر الحالات المرصودة على منطقة وسط المدينة فقط، فكما رأينا في المقطع المصور المنقول أعلاه انتشرت هذه الممارسة حتى خارج نطاق القاهرة. ثم تجددت الممارسة في حملة أمنية ثانية في نهاية 2019 .من أوائل الحالات التي تم رصدها وتوثيقها في الحملة الأمنية الثانية كانت حالة القبض على أيمن صلاح13 ,في منطقة مدينة نصر بتاريخ 19 ديسمبر 201914 فكانت من أوائل الحالات التي تم توثيقها في شهر ديسمبر، بعد أن كانت تلك الممارسة قد توقفت أو انحسرت بنسبة كبيرة. وقد تم توقيفه أثناء ركوبه سيارة نقل خاص )ميكروباص( مع آخرين وإجبارهم على فتح هواتفهم ثم تم احتجازه وتحرير محضر وإحالته إلى النيابة, علم ًا بأن المحضر لم يشر إلى توقيفه بشكل عشوائي أو إلى توقيف الميكروباص في إحدى اللجان الليلية. ثم توالت الحالات وطلبات المساعدة القانونية مجددًا لأشخاص تعرضوا للتفتيش في الشوارع والمقاهي, اتضح أنه بسبب أو في محاولة لتخويف المواطنين من أي تجمع تفترض أو تتوقع قوات الأمن حدوثه مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير. في واحدة من الحالات التي قامت المبادرة المصرية بتوثيقها في شهر ديسمبر، تم القبض على محمد عيد أثناء تواجده في مقهى بإحدى الشوارع المجاورة لميدان التحرير في وقت يقترب من الساعة التاسعة مساء يوم الأربعاء 25 ديسمبر 2019 - أي قبل شهر بالضبط من تاريخ 25 ً يناير وهو الموعد الذي ظلت حدة الإجراءات الأمنية تتصاعد تدريجيّا قبله. قامت قوة من مباحث قامت قوة من مباحث أحد أقسام الشرطة المجاورة بمداهمة المقهى فجأة أثناء تواجده مع مجموعة من أصدقائه، وقاموا بالاطلاع على بطاقات وهواتف كل من كان متواجدًا في المقهى الصغير. يقول محمد عيد إن القوة كانت مكونة من 6 أو 7 ضباط وأمناء كلهم بالملابس المدنية، »قعدوا 5 دقايق بيلموا بطايق الناس كلها. أنا أول مرة أعدي بالموقف ده وكنت قلقان بصراحة معرفش إيه اللي هيحصل وبيشوفوا إيه، فدخلت مسحت حاجات من على التليفون بسرعة. بعد ما لموا البطايق ندهوا أسماء عشوائي ومنهم اسمي عشان يفتشوا تليفونات. ظابط قاللي افتح الفيس، قلت له معنديش فيس. قالي إزاي في الزمن ده حد معندوش فيس. إنجز. ما كانش فيه فيس على التليفون فعل ًا، قعد يسألني بتشتغل إيه وبعدين يقلب في تليفونات الناس التانية ويرجع لي يقول لي معندكش فيس؟ قلب في تليفوني حوالي عشر دقايق وكانوا بيكشفوا على البطايق في الوقت ده. بعد ا لكشف رجعوا للناس بطايقها وتليفوناتها ما عدا أنا وتلاتة كمان. خدونا على القسم وصحابي سألوهم رايحين فين قالوا لهم عشر دقايق ربع ساعة با لكتير وهيرجع لكم«. في قسم شرطة، تم التحقيق معهم من قبل الأمن الوطني، ثم أطلق سراح واحد منهم وأبقي عليه والآخرين في الحجز حتى اليوم ً التالي، وتعرض لتحقيق مطول مع الأمن الوطني وهو معصوب العينين ولفترة أطول نسبيّا، سئل أسئلة عمومية عن النشاط السياسي ومشاركته أو عدمها في أي مظاهرات سابقة، ثم بقي بحجز القسم حتى ساعة متأخرة من ليل اليوم التالي وحتى أطلق سراحه هو ومن تبقى معه من المقبوض عليهم في المقهى في شهر يناير. عادت حالة التوقيف والتفتيش العشوائي بكامل قوتها إلى منطقة التحرير ومحيطها. حتى أن مجرد السير على القدمين في منطقة التحرير ومحيطها كان يعرض الشخص لاحتمال التوقيف والتفتيش القسري للهواتف بنسبة تفوق الخمسين في المئة، وفي بعض الأحيان كان يطال الأشخاص المتواجدين داخل سياراتهم أو سيارات الأجرة. يروي عمر مصطفى أحد الموظفين الإداريين ً العاملين في إحدى الجمعيات في منطقة جاردن سيتي، في الثلاثينيات من عمره، أنه تم توقيفه أثناء ركوبه تاكسيّا متوجهًا إلى مكان عمله في صباح يوم 12 يناير من قبل لجنة شرطة على مدخل كوبري قصر النيل من ناحية الأوبرا. قام الضابط بإنزاله من التاكسي وطلب الاطلاع على البطاقة ثم على الهاتف، امتثل عمر مصطفى وانتهى الأمر سريعًا في بضع دقائق وأعاد إليه متعلقاته وسمح له بالمغادرة. ثم عاودت مشاهد »طوابير التفتيش« الظهور مجددًا خاصة في محيط ميدان التحرير. وقد تعرض باحث آخر من الباحثين الحقوقيين لمحاولة تفتيش للهاتف يوم 21 يناير 2020 في ساعة متأخرة من النهار، تم على أثرها اقتياده إلى كمين أو نقطة مرتجلة بجوار ميدان التحرير، قوامها الرئيسي كان 7 أو 8 من الضباط المجتمعين حول مائدة بلاستيكية يقومون بتفحص هواتف العشرات من المواطنين الذين تم توقيفهم واقتيادهم إلى النقطة للفحص. يقول محمد فريد إنه أثناء تواجده في مقر التفتيش وانتظار قرار الأمن الوطني بالتحفظ عليه أو تركه لمدة 45 دقيقة على وجه التقريب، تم إحضار ما لا يقل عن عشرين شخصًا إن لم يزيد، أغلبهم من الفئة العمرية بين 20 و30 ً عامًا وبعضهم أكبر سنّا، بعضهم من جنسيات عربية مختلفة أيضًا. كانوا جميعًا ينتظرون لعشر دقائق على الأقل حتى يقوم أحد الضباط بفحص بطاقات هوياتهم ثم محتويات هواتفهم، وفي أغلب الأحوال كان يتم ترحيلهم إلى واحد من الثلاثة أقسام المجاورة لمزيد من الفحص، في حين تم إطلاق سراح عدد قليل من الأشخاص الذين تعرضوا للتوقيف والتفتيش. بخلاف وقائع التوقيف والتفتيش في المجال العام, وبالرغم من أن انتشار اللجان ومحاولات التوقيف في الشوارع قد خفت قليلا بعد مرور تاريخ 25 يناير بلا حدث, فقد ظهرت في شهري ديسمبر ويناير ممارسة أخرى أكثر غرابة وأكثر فجاجة في انتهاكها القانون وحرمة الحياة الخاصة، وهي اقتحام بيوت المواطنين القاطنين في محيط منطقة وسط المدينة وإجبارهم على فتح هواتفهم وأجهزتهم الخاصة داخل منازلهم للفحص والتفتيش. سنتعرض لذلك بالتفصيل في الورقة القادمة.


رابعا: توصيات إىل السيد المستشار النائب العام: إصدار كتاب دوري بالتعليمات للسادة أعضاء النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي ممن هم تحت إشراف سيادته، بحظر تفتيش الهواتف المحمولة والاطلاع عليها إلا بمعرفة النيابة العامة أو السادة المستشارين قضاة التحقيق وبموافقة المتهمين وفقًا لما ينظمه قانون الإجراءات الجنائية وحماية للحق في الخصوصية المكفول بموجب الدستور المصري والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر. إصدار كتاب دوري بتعليمات النيابة العامة لل ً سادة أعضاء النيابة العامة بإطلاع المتهمين على حقهم في الصمت باعتباره حقّا أصيل ًا للمتهم مكفولًا بموجب نص المادة 55 من الدستور وما يقتضي ذلك من حقه في الامتناع عن الإفصاح عن الرقم السري الخاص بهواتفهم المحمولة ورسائلهم وأن ذلك لا يترتب عليه أي أثر على موقف المتهم على اعتبار أن النيابة العامة كسلطة تحقيق هي سلطة محايدة ملتزمة بحقوق المتهمين وفقًا للقوانين المرعية والدستور والاتفاقيات الدولية. فتح تحقيقات فيما أثير من حالات أصبحت من العلم العام من توقيف والقبض على مواطنين وإجبارهم على فتح هواتفهم المحمولة وتفتيشها والاطلاع على محتواها وذلك بالمخالفة للقانون واعتبار تلك الحالات جرائم لا تسقط بالتقادم وذلك استنادًا إلى نص المادة 99 من الدستور المصري والتي تنص على: »كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر.


الى السيد وزير الداخلية إصدار تعليمات إلى السادة ضباط وأفراد الشرطة بضرورة الالتزام بالقانون أثناء القيام بواجبهم في حماية أمن المواطنين وحظر تفتيش الهواتف المحمولة والاطلاع عليها إلا بمعرفة النيابة العامة أو السادة المستشارين قضاة التحقيق وبموافقة المتهمين وفقًا لما ينظمه قانون الإجراءات الجنائية وحماية للحق في الخصوصية المكفول بموجب الدستور المصري والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر. فتح تحقيقات إدارية داخل الوزارة فيما أثير من حالات _أصبحت من العلم العام_ من توقيف والقبض على مواطنين وإجبارهم على فتح هواتفهم المحمولة وتفتيشها والاطلاع على محتواها واتخاذ الإجراءات التأديبية المنصوص عليها بقانون هيئة الشرطة وإحالة تلك المخالفات إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها، وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن تلك التجاوزات مستقبل ًا. إصدار تعليمات إلى السادة ضباط وأفراد الشرطة بعدم قانونية الاشتباة وأنه لا يجوز توقيف المواطنين أو القبض عليهم لمجرد الاشتباه وذلك نفاذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.