الخميس، 8 أكتوبر 2020

معهد «ستوكهولم لأبحاث السلام» يكشف المستور: ثغرات في بيانات الحكومة المصرية حول الإنفاق العسكري المصرى


معهد «ستوكهولم لأبحاث السلام» يكشف المستور: ثغرات في بيانات الحكومة المصرية حول الإنفاق العسكري المصرى


مرفق رابط تقرير معهد «ستوكهولم لأبحاث السلام» حول الإنفاق العسكري المصرى

أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الثلاثاء الماضي، ورقة بعنوان «فهم الإنفاق العسكري المصري»، لفتت النظر إلى ما أسمته بـ«الثغرات في البيانات المعلنة من الحكومة المصرية [بشأن الإنفاق العسكري]»، استنادًا إلى عدم التناسب بين حجم ومستوى تسليح القوات المسلحة المصرية؛ كأكبر جيش في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والثاني بعد إيران، من حيث عدد أفراده (439 ألف) من ناحية، ومستوى الإنفاق العسكري المصري «المعتدل» وفقًا للبيانات الرسمية، قياسًا على بقية جيوش المنطقة من ناحية أخرى.

وفي تحليلها للإنفاق العسكري المصري، رصدت الورقة عددًا من الملاحظات، كان أبرزها أن البيانات الرسمية التي تقدمها الحكومة المصرية تُظهر أن متوسط الإنفاق العسكري المصري بلغ 3.8 مليار دولار في الفترة ما بين 2010-2019، ما يجعلها إحدى أقل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تضم 14 دولة تتوفر بيانات عنها، من حيث الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي في 2019، إذ سجل الإنفاق العسكري المصري العام الماضي 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي في الوقت الذي بلغ فيه متوسط الإنفاق العسكري في دول المنطقة 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما رأت الباحثة التي أعدت الورقة أنه لا يتماشى مع حجم قوات الجيش المصري، ومستوى تسليحه، خاصة في السنوات اﻷخيرة. 

وفضلًا عما سبق، أشارت الورقة إلى أنه بحسب الموازنات الرسمية، تراجع متوسط الإنفاق العسكري المصري سنويًا، في الفترة ما بين 2010-2019، عن مثيله في الفترة ما بين 2000-2009، بل أن الإنفاق العسكري «الحقيقي» -باستبعاد عوامل التضخم- أخذ في التراجع بدءًا من العام المالي 2015-2016، رغم أن السنوات العشر اﻷخيرة شهدت إبرام مصر عددًا من صفقات اﻷسلحة الضخمة مقارنة بالعِقد السابق.

يبدو «ضعف» الإنفاق العسكري الذي ترصده الورقة متناقضًا مع عدد من الملاحظات التي تشير نظريًا إلى العكس تمامًا؛ فالفترة بين 2010-2019، التي يُفترض أن يكون متوسط الإنفاق العسكري سنويًا قد تراجع فيها وفقًا للبيانات الرسمية، شهدت ارتفاع مشتريات مصر من الأسلحة على نحو ملحوظ مقارنة بالفترة السابقة عليها (بين 2000-2009)، وهي الفترة نفسها التي شهدت عدة عمليات عسكرية في سيناء.

وبحسب الورقة، فإن الفترة التي يفترض أن مصر قلصت خلالها متوسط إنفاقها العسكري، شهدت استثمارًا مكثفًا في قواتها المسلحة، حيث أصبحت بين عامي 2015-2019 ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وثاني أكبر مستورد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد السعودية، التي يتجاوز إنفاقها العسكري 17 مرة الإنفاق العسكري المصري، وقبل الجزائر التي بلغ إنفاقها العسكري ثلاث مرات حجم الإنفاق العسكري المصري. 

وأوضحت الورقة أن مصر عقدت في 2019 ثلاث صفقات لشراء الأسلحة من: إيطاليا (مليار دولار)، روسيا (2 مليار دولار)، ألمانيا (2.6 مليار دولار). وفي عام 2020 تعاقدت على صفقة واحدة فيما لا يزال التفاوض جاريًا على ثلاث أخرى مع إيطاليا بقيمة 10 مليارات دولار. 

 ويتضح من الشكل السابق أن ذروة عدد الصفقات المبرمة في تلك الفترة كانت في عامي 2014-2015، بواقع عشر صفقات، ثم 16 صفقة على الترتيب. لكن في المقابل، شهدت الفترة ما بين 2011-2012 وحتى 2019-2020 تراجعًا في القيمة الحقيقية للإنفاق العسكري السنوي -وفقًا للبيانات الرسمية- بنسبة إجمالية بلغت 18%، تمثل الفارق بين القيمة الحقيقية -باستبعاد نسب التضخم- للإنفاق العسكري في بداية الفترة وحتى نهايتها، تبعًا لحسابات الباحثة.

وفضلًا عن هذا الضعف النسبي للإنفاق العسكري المصري إجمالًا، فمتابعة حجم المخصصات التي يمكن الإنفاق منها على التسليح، بعد استبعاد حجم الإنفاق على عدد من البنود الأخرى، وعلى رأسها الأجور مثلًا، تجعل الإنفاق العسكري المصري الموجه للتسليح يبدو أضيق نطاقًا. 

وتبعًا للمُعلن، يستحوذ ديوان وزارة الدفاع على 99.5% تقريبًا من إجمالي الإنفاق العسكري في 2019-2020، و«يُعتقد أن 60% من هذه النفقات [المخصصة لديوان الوزارة] مخصصة بدورها للأجور وتعويضات العاملين […] وهو ما يعني أن الأربعين بالمئة المتبقية يفترض نظريًا أن تتضمن غير ذلك من النفقات العسكرية؛ من قبيل: النفقات الجارية، والبنية التحتية العسكرية، وصيانة المرافق وشراء المعدات -بما في ذلك واردات الأسلحة والدعم الفني- والبحث والتطوير العسكري»، بحسب الورقة.

وبناءً على الكثير من الأمثلة حول التناقض بين ضعف الإنفاق العسكري المصري المثبت في البيانات الرسمية، يستنتج التقرير أن «العلاقة بين مشتريات الدولة من الأسلحة وميزانيتها العسكرية ليست دائمًا واضحة: لا يؤثر حجم شراء الأسلحة دائمًا على حجم الميزانية العسكرية»، وفقًا للباحثة، التي تقول في تقريرها إنه «بالنظر إلى غياب الشفافية في الموازنة العسكرية المصرية بشأن مشتريات السلاح، يبدو من الصعب تحديد المصادر الحقيقية لتمويل صفقات السلاح». 

لكنها، في هذا السياق، تلفت النظر إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار دور الجيش المصري في الاقتصاد وحجم الإيرادات والدخل -غير المعروف- لكياناته الاقتصادية، وما إذا كانت تلك التدفقات المالية تساهم في تغطية الإنفاق العسكري، وهو «ما يعرقل معرفة الحجم الحقيقي للموارد التي يمتصها [الإنفاق] العسكري»، وفقًا للورقة.


مرفق رابط تقرير معهد «ستوكهولم لأبحاث السلام» حول الانفاق العسكري المصري


https://www.sipri.org/sites/default/files/2020-10/bp_2010_egyptian_military_spending.pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.