الخميس، 17 ديسمبر 2020

مخاوف حقوقية وصحفية من مشروع قانون يحظر النشر والتصوير أثناء الجلسات القضائية


مخاوف حقوقية وصحفية من مشروع قانون يحظر النشر والتصوير أثناء الجلسات القضائية


مدى مصر  / الخميس 17 ديسمبر 2020 / مرفق الرابط

أبدى أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين ومُحاميين حقوقيين، اعتراضهم على موافقة مجلس الوزراء، أمس، على مشروع قانون بإضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات تنصّ على المعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من صور أو سجل أو بث أو نشر أو عرض، كلمات أو صورًا، لوقائع جلسة مُخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها بأي وسيلة كانت.

واشترطت المادة الحصول على موافقة النيابة العامة والمتهم والمدعي بالحق المدني أو ممثلي أي منهم، قبل التصوير أو نشر الكلمات، وذلك بهدف «منع تصوير المتهمين إعلاميًا لحين صدور حُكم بات في القضايا التي يُحاكمون بها حماية لهم»، بحسب بيان مجلس الوزراء.

رضا مرعي، المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أوضح لـ«مدى مصر»، أن الأصل في الجلسات هي العلانية، إلا في حالة وجود قرار استثنائي من القاضي يمنع ذلك، وعلى هذا الأساس كان يحضر الصحفيين الجلسات، وينشرون الأخبار عن وقائعها، فمن حق الصحفي النشر إلا إذا أصدر القاضي أو سلطة التحقيق قرارًا بحظر النشر.

لكن، ما استحدثته المادة هو الأذون المختلفة التي يجب أن يحصل عليها الصحفي قبل النشر، ويكاد يكون مستحيلًا أن ينجح في استخلاصها جميعًا، فمن الواضح أنهم لا يريدون النشر عما يحدث داخل المحاكم، يقول مرعي.

وأشار مرعي إلى أن مشروع القانون، حال إقراره، سيُخالف المبدأ القانوني «الخاص يُقيد العام»، فقانون السلطة القضائية، وهو قانون خاص، ينصّ في المادة 18 منه على أن «تكون جلسات المحاكم علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية مراعاةً للآداب أو محافظةً على النظام العام ويكون النطق بالحكم في جميع الأحوال في جلسة علنية». لكن، بإضافة تلك المادة إلى قانون العقوبات ستُقيد العلانية، بحسب مرعي.

وهو ما يوضحه عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبد الحفيظ لـ«مدى مصر» قائلًا إنه حسب الدساتير المتعاقبة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، المحاكمات علنية، وفيما يخص النشر، فهو إجراء مُكمل لمبدأ العلانية، فالأصل أن يُتابع الرأي العام ما يجري في الجلسات لزيادة الثقة والاطمئنان في عدالة المحاكمة، فيما يجوز أيضًا من باب الاستثناء أن تفرض هيئة المحكمة قيودًا على هذا الأصل مراعاةً للنظام العام، أو لحماية الشهود أو المتهمين.

على أرض الواقع قال عضو مجلس نقابة الصحفيين، محمود كامل، لـ«مدى مصر»، إنه لم يُسمح لكثير من الصحفيين بتغطية الجلسات بحرية في الآونة الأخيرة، وكان الكثير من القُُضاة يمنعونهم من القيام بذلك، مُشيرًا إلى أن مشروع المادة الأخيرة حال الموافقة عليه سيزيد الوضع سوءًا لمنعه النشر أثناء الجلسات، وطلبه موافقات متعددة، ما سيخلق مشاكل كبيرة مثل منع النشر في قضايا الرأي العام التي تهم قطاعات كبيرة من المجتمع.

ويُشير كامل إلى مشكلة أخرى في مشروع القانون، وهي عدم وضوحه، ووجود «لَبس» فيه، بحسب تعبيره، فالمادة تنص على عدم التصوير أو نشر كلمات أثناء انعقاد الجلسات، وغير مفهوم هل معنى ذلك أنه سيُسمح بالنشر بعد انتهاء الجلسات أم لا، وهو ما اتفق معه عبدالحفيظ، مُشيرًا إلى طلبه نصّ مشروع القانون للإطلاع على نصوصه.

بينما يرى المحامي والباحث القانوني بمركز مجتمع التقنية والقانون (مسار) حسن الأزهري، إن ذلك النص اقتصر على وقائع الجلسات فقط، وليس الدعاوى بالكامل، قائلًا لـ«مدى مصر»، إن ذلك يعنى إنه سيُسمح بالنشر بعد انتهاء الجلسة، دون الانتظار لصدور الحُكم.

يرفض كامل القَول إن مشروع المادة يهدف إلى حماية حقوق المتهم، مؤكدًا أن «النقابة كما تضمن حرية النشر، تحرص على حقوق المتهم، المضمونة بمواثيق الشرف الإعلامي، والصحفي، وقانون نقابة الصحفيين، الذي يكفل إحالة أي صحفي يخالف ميثاق الشرف الصحفي للتحقيق»، ويعتبر كامل الهدف هو منع الصحافة من التواجد داخل قاعات المحاكم، مُضيفًا أن الأَولى كان حماية المتهمين المقبوض عليهم من قِبل وزارة الداخلية، ويتم تصويرهم، وعرض تسجيلات لهم، قبل إدانتهم.

ويرى كامل أن المشروع يأتي في إطار الرؤية المغلوطة للصحافة من الدولة، والتضييق عليها، وعلى الإعلام، «الذي نلمسه في كل ممارسات العمل الصحفي، والميداني، واستكمالًا لإجراءات التضييق الموجودة في الفترة الأخيرة»، فيما أكّد عبدالحفيظ أن الدستور المصري رفض وضع أي قيود أو رقابة على حرية النشر إلا في حالتي الحرب أو التعبئة العامة، وبالتالي المشروع يصطدم بالدستور، مُستغربًا من جدوى صدوره، خاصًة أن في القوانين الحالية ما يُجيز للقاضي اتخاذ قرار بسرية الجلسات كاستثناء، يقول عبدالحفيظ، الذي أشار إلى أن ذلك الموضوع سيُطرح في اجتماع مجلس النقابة المُقبل.

في الاتجاه ذاته، قال عضو مجلس نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات، عمرو بدر، في بيان حصل «مدى مصر» على نسخة منه، إن مشروع المادة مُخالف دستوريًا، فضلًا عن كونه «انتهاكًا صريحًا لحرية العمل الصحفي».

 وأضاف البيان «إن هذا التعديل المنتظر في قانون العقوبات يمثل مخالفة دستورية صريحة، فقد ألغى الدستور عقوبة الحبس في قضايا النشر باستثناء ثلاث حالات أجاز فيها فرض عقوبة الحبس، وقد جاء ذكرها في الدستور حصراً وهي: التحريض على العنف أو التمييز بين المصريين أو الطعن في الأعراض»، مُطالبًا بـ«التراجع الفوري عن هذا التعديل الكارثي، والالتزام بنصوص الدستور التي تضمن حرية الصحافة وتلغي الحبس في قضايا النشر».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.