احتفال إثيوبي ونكار مصرى.. ماذا بعد الملء الثاني لسد النهضة؟
قبل أسابيع من الموعد المحدد، أعلنت إثيوبيا الانتهاء من عملية الملء الثاني لسد النهضة، وبدء تجاوز المياه لجسم السد.
وأفاد مسؤول إثيوبي لوكالة فرانس برس، أن "بلاده حققت هدفها للعام الثاني فيما يتعلّق بملء سد النهضة". وقال المسؤول - الذي لم تكشف الوكالة عن هويته - "تمّت عملية الملء الأولى العام الماضي. تمّت الثانية اليوم. لذا سيعلن اليوم (الاثنين) أو غدا (الثلاثاء) عملية الملء التالية"، مضيفا أن السد بات يخزّن ما يكفي من المياه لبدء إنتاج الطاقة.
كانت أديس أبابا أخطرت في 5 يوليو الجاري، مصر والسودان بدء الملء الثاني للسد، رغم طلب مصر والسودان المستمر بتأجيل الملء حتى يتم التوصل إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف.
"إثيوبيا فشلت"
وفي حين تحتفل إثيوبيا منذ أمس وتنتشر الأخبار المتفاخرة بإنجاز الملء الثاني منذ مساء أمس الأحد، التزمت الحكومة المصرية الصمت في حين خرج عدد من الخبراء المصريين يؤكدون في وسائل الإعلام أن إثيوبيا لم تنجح في مرادها.
ويرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن "إثيوبيا فشلت في عملية الملء الثاني للسد، لأنها لم تنجح إلا في تخزين 3 مليار متر مكعب فقط من مياه النيل، بينما كان المستهدف هو 13.5 مليار متر مكعب".
وأرجع شراقي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" ذلك إلى "فشل أديس أبابا في تعلية الممر الأوسط واستكمال الإنشاءات وأعمال الخرسانة"، مشيرا إلى أنها نجحت في تعلية الممر الأوسط 8 أمتار فقط ليصل طوله إلى 573 مترا، بعد أن كان المستهدف تعليته 30 مترا ليصل إلى 595 مترا لكي يصبح قادرا على تخزين 13.5 مليار متر مكعب.
ولفت شراقي إلى أنه حتى الآن، لم تنجح إثيوبيا في الالتزام بجدول إنشاء السد، الذي كان من المفترض أن يولد كهرباء في 2014، وأنه حتى الآن لم تستكمل إثيوبيا أهداف المرحلة الأولى بتخزين 18.5 مليار متر مكعب.
ويقول وزير الري والموارد المائية السوداني السابق، عثمان التوم، في تصريحات لموقع قناة "الحرة" إن الفيضانات فاجأت إثيوبيا أثناء العمل على تعلية الممر الأوسط، وبالتالي لم تستطع استكمال الإنشاءات وتعلية ممر السد الأوسط إلى 595 مترا، كما كان مستهدفا.
لكن الصحفي والمحلل الإثيوبي، محمد العروسي، أرجع انتهاء الملء الثاني للمرحلة الأولى قبل الوقت المقرر، لوفرة الأمطار وغزارتها في هذا الموسم .
وأضاف العروسي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن الملء الثاني تم بسلام كما تم الملء الأول أيضا. وتابع: "نتوقع كذلك أن تتم مراحل الملء المتبقية بسلام دون أي أضرار تذكر".
وردا على الاتهامات بالفشل، ذكر العروسي: "أعتقد بأن إثيوبيا أعلم بنجاحها في تعبئة خزان سد النهضة . ومن يزعم بأن بلادنا فشلت في تلك العملية فليراجع مفهومه لمعنى الفشل".
ولم تعلن إثيوبيا رسميا عن كمية المياه التي نجحت في اختزانها. وبحسب تقارير وسائل الإعلام الحكومية الإثيوبية، اكتمل بناء السد بنسبة 80 بالمئة، ومن المتوقع أن يصل إلى طاقته التوليدية الكاملة في عام 2023، ما يجعله أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وسابع أكبر محطة في العالم.
تأثير تخزين هذه الكمية على مصر والسودان
أما عن تأثير تخزين المياه في سد النهضة على مصر والسودان حتى الآن، يرى شراقي أنه ليس هناك تأثير واضح، مؤكدا أن فيضانات النيل تصل مصر والسودان اليوم أو غدا.
وذكر شراقي أن "تخزين 5 مليارات متر مكعب من الماء العام الماضي و3 مليارات العام الحالي" ليس له أي قيمة في توفير المياه أو الكهرباء، مؤكدا أن ذلك يصعب من استكمال الأعمال الإنشائية، وأن الإصرار عليه كان "لأغراض سياسية فقط"، على حد قوله.
رغم ذلك، فإن شراقي يؤكد أن الملء الأول والثاني فعليا مرفوضين من مصر والسودان لأنه تم بدون التوصل إلى اتفاق ملزم.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت إدارة سد الروصيرص على النيل الأزرق في السودان انخفاض واردات المياه إلى السد بنسبة تصل إلى 50 في المئة، وأكدت أنه إذا تأخر التوصل إلى اتفاق سيتعرض السد للخطر.
لكن التوم يؤكد أن السودان تجاوز أي آثار للملء الثاني، وأنه يستعد الآن لاستقبال الفيضانات.
الخطوة القادمة
يقول التوم إن أديس أبابا ستوقف العمل حتى شهر نوفمبر أو ديسمبر، بسبب مياه الفيضانات التي ستمر من فوق جسم السد.
وأوضح أن أديس أبابا لن تكون قادرة على استكمال الإنشاءات حتى يتوقف الفيضان أو تكون فتحات السد قادرة على تمرير كل المياة القادمة لبحيرته.
وأضاف أنه بعد ديسمبر ستبدأ إثيوبيا في الاستعداد للملء الثالث من خلال استكمال الإنشاءات وتعلية الممر الأوسط. لكنه شدد على ضرورة أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق قبل هذا الملء، يوضح حجم المياه التي سيتم تخزينها وموعدها.
وفي حين ينكر الخبراء المصريون قدرة سد النهضة على توليد الكهرباء في المستقبل القريب، صرح مسؤول إثيوبي لفرانس برس أن الخطوة القادمة هي تشغيل توربين وتوليد الكهرباء، وقال: "بات هناك ما يكفي من الماء الآن لتثبيت أول محرّكين وتشغيلهما، ما من شأنه أن يسمح للمشروع ببدء إنتاج الطاقة لأول مرة". وأضاف: "لا يمكنني تحديد الموعد لكننا سنولّد قريبا الطاقة باستخدام هذا المخزون الضروري".
وقال العروسي: "هناك جدول تسير عليه إثيوبيا لاستكمال الأعمال الإنشائية والشروع في عملية الملء التالي" وأضاف "ننتظر العودة إلى المفاوضات والتفاوض على بعض النقاط الأخرى" استعدادا للملء الثالث العام القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.