هذا هو أحد اهم مقالات الدكتور عبدالخالق فاروق الذى تسبب فى اعتقالة
الجنرال السيسى .. و سرقة القرن
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تعيد نشر أحد اهم مقالات الدكتور عبد الخالق فاروق والذى قامت السلطات المصرية بإعادة اعتقاله مساء اول امس الاحد والتحقيق معه مساء امس الاثنين .
الجنرال السيسى .. وسرقة القرن
العاصمة الإدارية نموذجا (1-10)
بقلم / عبد الخالق فاروق
الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية
**********".
تمتلك الجيوش عادة مساحات واسعة من أراضى الدولة – أى دولة – لأغراض الدفاع عن الأمن القومى وحماية الحدود الجيو- سياسية لها ، وتتفاوت هذه المساحات من دولة إلى أخرى ، وفقا لعدة أعتبارات منها حجم وطبيعة التهديدات وإتجاهاتها ، وكذا مصادر الخطر المختلفة ، ، بالإضافة بالطبع إلى عوامل أخرى مثل حجم هذا الجيش من حيث عدده وتشكيلاته ، وطبيعة تسليحه ومعداته ، وكذلك حجم مساحة الدولة نفسها .
وتحتاج الجيوش الكبيرة إلى مساحات أكبر ، لأغراض مثل تنوع وتعدد مخازن الأسلحة ، ومراكز التدريب ، ومقرات القيادة والسيطرة ، ومناطق تعسكر القوات ، ومناطق المناورات والرماية ، وغيرها من الأغراض .
وتبلغ مساحة مصر السياسية والجغرافية حوالى مليون كيلو متر مربع ، أى ما يعادل تريليون متر مربع ، وهى بلا شك مساحة هائلة ، متنوعة التضاريس ، وإن كان يغلب عليها الأراضى الصحرواية المنبسطة والمكشوفة . ومن الناحية النظرية والعملية – وليس الدستورية والقانونية - يمتلك الجيش المصرى واقعيا حوالى 90% إلى 95% من أراضى مصر المترامية الأطراف ، تحت ذريعة " الأمن القومى " و" أحتياجات الدفاع عن البلاد " .
والحقيقة أنه إذا حاولنا تتبع مسار العلاقة بين الجيش المصرى بكل هيئاته وفروعه ، وأراضى الدولة نجدها قد مرت بمرحلتين مختلفتين ومتمايزتين :
الأولى : هى الفترة التى تمتد منذ نشأة هذا الجيش فى عهد محمد على باشا (1805 – 1841) ثم أمتدت حتى حرب أكتوبر عام 1973 ، وقد تميزت بالسيطرة الرمزية لهذا الجيش عل أراضى مصر ، مدفوعا بأعتبارات دفاعية غالبا ، وباستثناء الجفالك والإقطاعيات التى كان يمنحها محمد على باشا ومن بعده أحفاده لبعض الأشخاص والأمراء كمقابل لخدماتهم وولائهم للخديوى ، فلم تكن هناك دوافع تجارية بالمعنى المتعارف عليه حاليا .
الثانية : تلك التى بدأت بعد عام 1974 وإنتهاج رئيس الدولة أنور السادات ما أطلق عليه " سياسة الانفتاح الاقتصادى " فأنطلقت وزحفت كل ثعابين ووحوش الكون من جحورها لنهم كل ما تصله أنيابها ومخابلها وأسنانها من ثروات مصر ومقدراتها ، وفى هذا الطوفان أنجرف الجيش كمؤسسة وجنرالات وقادة ليحصلوا بدورهم على حصتهم من الغنيمة والثروة ، وهنا يمكننا أن نميز بين فترتين مختلفتين من حيث النوع ومن حيث الكمية ، الأولى التى أمتدت من عام 1974 حتى العام 2013 ، والثانية التى أنطلقت بعد تولى الجنرال عبد الفتاح السيسى وشلته الحكم بعد إنقلاب يونيو عام 2013 .حيث أنفتحت الشهية لعمليات نهب منظمة ، وإستنزاف غير مسبوق ، وفساد لم تشهد مصر له مثيلا من قبل .
************.
ومنذ أن تولى الجنرال عبد الفتاح السيسى منصب رئيس الجمهورية فى يونيه عام 2014 ، بعد أنتفاضة الثلاثين من يونيه عام 2013 ، وخلع الرئيس الأخوانى ( محمد مرسى ) ، قام الجنرال السيسى بإصدار مجموعة كبيرة جدا من التشريعات والقوانين ، بعد أن جمع فى يديه سلطتى التنفيذ والتشريع ، فى غياب مجلس النواب ، الذى نص عليه الدستور الجديد لمصر الصادر عام 2014 .
وكان من أبرز قرارات وإجراءات الرئيس الجديد ، ثلاثة هى :
الأول : إصدار قرارات بإنشاء عدد من الحسابات والصناديق الخاصة ، بالمخالفة للمطالب الشعبية التى رافقت ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، التى طالبت بتصفية هذه الظاهرة المالية الشاذة ، والتى شكلت أحد ركائز دولة الفساد الممنهج والمقنن طوال الأربعة عقود السابقة ، وكان من أبرز هذه الصناديق والحسابات الخاصة صندوق " تحيا مصر " ، الذى تجمع فيه عشرات المليارات من الجنيهات فى صورة تبرعات من الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الإعتباريين ، وبعض الرسوم والجبايات التى تجمع من المصريين فى صور شتى ، وذلك خارج نطاق المالية العامة ، وخارج نطاق الرقابة المالية والشعبية ، سواء من حيث حجم الأموال التى جرى جمعها ، أو أوجه التصرف فيها ، بما يمثل إستمرارا للسياسات الضارة والفاسدة التى ظلت السمة المميزة للعقود الأربعة السابقة على ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، حيث تركزت عشرات المليارات من الجنيهات ومن العملات الأجنبية الأخرى ، لدى عدد كبير من الصناديق التابعة لبعض وزارات القوى فى النظام السياسى والإدارى المصرى ( الدفاع – الداخلية – الخارجية –رئاسة الجمهورية – هيئة المجتمعات العمرانية – وزارة الإسكان – هيئة التنمية الزراعية .. إلخ ) .
الثانى : إصدار قرارات ومراسيم بقوانين تجاوز عددها أربعمائة قرار بقانون ، خلال الفترة الممتدة من يونيه 2014 حتى مارس 2016 ، التى جمع فيها بين سلطتى التنفيذ والتشريع وقبل أنتخاب وإنعقاد أولى إجتماعات المجلس النيابى الجديد فى مارس عام 2016 . وقد شملت هذه القوانين كافة جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والإدارية ، مثل قوانين الاستثمار ، وقوانين الخدمة المدنية ، وقوانين المناقصات والمزايدات الذى جرت عليه ثمانى تعديلات منذ أصداره عام 1989 بهدف تسهيل عمليات الإسناد بالأمر المباشر منها القوانين ( أرقام (5) لسنة 2005 ، و (148) لسنة 2006 ، و( 191) لسنة 2008 و (14) لسنة 2009) ، ثم القرار الجمهورى بالقانون رقم ( 82) لسنة 2013 ، والقرار الجمهورى بالقانون رقم (48) لسنة 2014 ) ، وقانون التصالح مع رموز وقيادات نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك ، وغيرها من القوانين . كما كان من بينها القرار الجمهورى بقانون رقم (57) لسنة 2016 ، والصادر فى 8 فبراير ، أى قبل إنعقاد أولى جلسات مجلس النواب الجديد بأقل من شهر واحد ..!!!
( أنظر الجدول المرفق بالمقال )
الثالث : التركيز والتوسع فى الإستيلاء على أراضى الدولة ، وتحويل جزء كبير من الأراضى المخصصة لأغراض الدفاع ، إلى مشروعات استثمارية وعقارية ، دون أن تستفيد منها الخزانة العامة للدولة ، وضمها إلى شركات تشرف عليها وتديرها جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، أو شركات خاصة تابعة للجيش .وكان من اللافت للنظر ، كثرة القرارات الجمهورية ، والقرارات التنفيذية المتعلقة بإستخدامات هذه الأراضى ، وخصوصا تلك التى كانت فى حوذة القوات المسلحة لأغراض الدفاع ، ثم أخلتها الوحدات العسكرية ، فأنتفى عنها الغرض العسكرى والأمنى ، وتحولت فجاءة إلى مجالات للاستثمار والربح لصالح المؤسسة العسكرية وجنرالاتها ، بدلا من أن تكون مصدرا للثروة والقيمة المضافة للمجتمع وللخزانة العامة للدولة ، تغطى جانبا كبيرا من أحتياجات الشعب فى التعليم والصحة وغيرها من الحاجات الأساسية .وزاد عليها نزع ملكية أراضى وعقارات وجزر نيلية وبحرية وضمها للقوات المسلحة ، وقد أصبح من الصعب حصر عدد هذه القرارات التى أصدرها الجنرال السيسى منذ أن تولى الحكم بسبب كثرتها طوال السنوات الثمانى الماضية من حكمه ( يونيه 2014- يونيه 2022 ) ، ولكننا سوف نعرض بعضا منها على سبيل الاستئأنس بها ، والتعرف على إتجاهاتها من النفع العام إلى النفع الخاص .
************.
.**********************
الحلقة القادمة يوم الجمعة القادم .. مع تكرار الرجاء بالمشاركة بالتعليق ولو بكلمة وإرسالها إلى اصدقائكم ووضعها على صفحاتكم حتى أطمئن أن ما اقوم به ونشره له فائدة ويفيد الشعب المصري واعرف أيضا إلى أي مدى يحظى بأهتمامكم .. أو أضطر للتوقف عن النشر *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.