ردا على كذبة كل يوم.. كيف استنزفت العاصمة الجديدة أموال المصريين؟
- مع تواكب ظهور الصور الباذخة للقصر الرئاسي في العاصمة الإدارية الجديدة وردة الفعل الساخطة من المواطنين اللي أكثر من نصفهم بيعانوا من الفقر الشديد، انطلقت جحافل اللجان الإلكترونية لمحاولة تبرير المشهد المخزي ده.
- أبرز التبريرات دي كانت كذبة كل يوم اللي لا يكف النظام الحالي ورئيسه عن تكرارها، وهي إن العاصمة الإدارية الجديدة لم تكلف ميزانية الدولة "مليم" على حد تعبير الرئيس في تصريح له مؤخرا.
- احنا ناقشنا الكذبة دي كتير قبل كده، و أوضحنا إن شركة العاصمة الإدارية الجديدة في الحقيقة مملوكة للدولة، وكل مليم بتنفقه هو من المال العام مش من مال خاص بيملكه الرئيس أو بتملكه شركة العاصمة أو غيرها من الكيانات.
- وده عشان ببساطة جزئين الشركاء في تأسيس الشركة ودفع رأس مالها هما جهات عامة ( هيئة المجتمعات العمرانية - جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ) وكمان الشركة بتنفق من جوه الموازنة لأنه التكاليف بتاعه الترفيق تتحملها الجهات المختلفة في البلد زي هيئة النقل ووزارة الإسكان ووزارة الكهرباء وبالتالي هي حتى تنفق بعض أجزاء استثمارها من داخل الموازنة كمان.
- لكن علاوة على كده ظهر مقال وافي كتبه المدون ياسر شلبي بيشرح فيه بالتفصيل الممل أشكال استنزاف المال العام اللي حصلت في العاصمة الإدارية الجديدة.
- احنا حاولنا نلخص هنا أجزاء من مقالة المدون ياسر شلبي، مع القيام باحتساب بسيط لمجموع بعض التكاليف اللي ظهرت وفقا للمعلومات المتوفرة والمعلنة (مفيش حاجة سرية هنا ولا حاجة فيها مجال للنزاع أو الحكومة بتنكرها).
- التكاليف اللي حسبناها واللي رصدها المدون ياسر شلبي في مقاله ليست بأي حال من الأحوال إجمالي التكاليف التي تم إنفاقها في العاصمة أو الموارد التي تم توجيهها ليها، واللي هي أضعاف هذا المبلغ، لكن خلينا نشوف الأول المتاح لنا من معلومات.
**
14.5 مليار دولار من هيئة المجتمعات العمرانية
- شركة العاصمة الإدارية الجديدة ليست شركة خاصة إلا شكليا، لكن في حقيقتها هي شركة مملوكة للدولة من خلال شراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية الي بتملك 51٪ من الشركة، بينما تملك القوات المسلحة من خلال جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة وجهاز الخدمة الوطنية نسبة 49٪ من الشركة.
- حصلت الشركة على أول أصولها وهي أرض العاصمة من خلال قرار جمهوري سنة 2016 بتخصيص 16 ألف فدان من أراضي الدولة لجهاز مشروعات القوات المسلحة بما يشمل الأراضي المخصصة لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة.
- سنة 2022، صدر قرار رئاسي جديد بنقل 45 ألف فدان تقريبا إلى شركة العاصمة الإدارية الجديدة من أراضي الدولة لترتفع أصول الشركة من الأراضي إلى 215 ألف فدان، دون أن تضطر الشركة لدفع أية مبالغ لخزينة الدولة.
- بعد الشركة ما امتلكت كل الأراضي دي اللي هي أراضي الدولة لم يدخل خزانة الدولة منها مليم واحد، بدأت تبيع الأراضي دي، ونجحت بالفعل في بيع أراضي للمستثمرين، لكن كثير من الأراضي رجعت اشترته تاني هيئات مملوكة للدولة على رأسها للمفارقة هيئة المجتمعات العمرانية اللي هي نفسها مالكة الشركة!
- هيئة المجتمعات العمرانية اشترت ما لا يقل عن 3100 فدان من أراضي العاصمة لبناء المنطقة التجارية المركزية ومنطقة النهر الأخضر ومنطقتين سكنيتين من أصل 8 مناطق في العاصمة. سعر المنطقة التجارية المركزية فقط وصل 44.1 مليار جنيه (ما يعادل 2.75 مليار دولار باحتساب متوسط سعر صرف الدولار وقتها 16 جنيه تقريبا).
- يعني ببساطة، شركة العاصمة الإدارية اللي الرئيس بيقول إنها مكلفتش الدولة مليم، أخدت من الدولة أرض، وبعدين رجعت باعتها للدولة، ومش بس للدولة، ده باعتها للهيئة اللي هي مالكة الشركة (في شكل أصلا من الالتفاف القانوني اللي يخلق عشرات شبهات الفساد) بقيمة تقارب 3 مليار دولار تحملتهم هيئة من الهيئات الاقتصادية المملوكة للدولة، اللي الميزانية العامة ملزمة بسداد عجزها آخر كل سنة!
- الهيئة طبعا مش بس اشترت الأرض، وإنما بدأت البناء عليها والاستثمار فيها، (من فلوس الدولة مش من مال خاص لأن الهيئة دي مؤسسة حكومية أصلا)، فخصصت في يوليو 2015 مبلغ 5 مليار جنيه (تقريبا 600 مليون دولار باحتساب سعر الصرف وقتها 8 جنيه).
- وبعدين الهيئة واصلت الاستثمار بعد المبلغ ده، ووصلت استثماراتها في يناير 2021 إلى 167 مليار جنيه (تقريبا 10.5 مليار دولار باحتساب سعر الصرف 16 جنيه وقتها).
- تكاليف العاصمة على الهيئة ماتوقفتش عند الاستثمارات المباشرة للهيئة في العاصمة، وإنما امتدت كمان إلى تكاليف تزويد العاصمة الجديدة بالمياه، والي وصلت إلى 10 مليار جنيه لتركيب 93 ميل من خطوط المياه (تقريبا 150 كم) لنقل المياه من النيل للعاصمة، بالإضافة لميار جنيه آخر لنقل المياه من محطات القاهرة الجديدة والعاشر من رمضان، يعني إجمالي 11 مليار جنيه (ما يعادل تقريبا 700 مليون دولار).
- بمعنى إننا لحد دلوقتي وقبل ما نتكلم عن أي استثمارات تانية للحكومة في العاصمة، ومن غير الحديث عن الأراضي وقيمتها، بنلاقي الدولة صرفت في العاصمة من خلال هيئة المجتمعات العمرانية لحد سنة 2020، ما يقارب 14.5 مليار دولار أو 227 مليار جنيه.
**
10 مليار دولار من الوزارات والبنوك والشركات الحكومية
- هيئة المجتمعات العمرانية مكانتش الجهة الوحيدة في الدولة اللي النظام الحاكم سخرها وسخر موارد الدولة من خلالها لخدمة العاصمة، وإنما يضاف إليها عدد من الوزارات منها وزارة الاتصالات اللي اشترت من العاصمة أراضي بقيمة 4.3 مليار جنيه (تقريبا ربع مليار دولار) لإنشاء مدينة المعرفة في العاصمة، وخصصت 15 مليار جنيه للمشروع ده سنة 2019 (تقريبا 940 مليون دولار).
- علاوة على ذلك، الوزارة ستقوم بنقل ملكية مبانيها القديمة في القاهرة لشركة العاصمة كتعويض عن 35 مليار جنيه تكلفة إنشاء المركز التكنولوجي (مش هنحسبها دي زي الأراضي باعتبارها أصول ثابتة مش سائلة).
- الوزارة التالية هي وزارة الشباب والرياضة، وأنفقت مبلغ 2.3 مليار جنيه (تقريبا 150 مليون دولار) لإنشاء المدينة الرياضية في العاصمة.
- البنك المركزي المصري قدم للعاصمة الإدارية الجديدة مبلغ 2 مليار جنيه تقريبا (حوالي 125 مليون دولار)، والبنك الأهلي 630 مليون جنيه (تقريبا 40 مليون دولار)، وبنك التعمير والإسكان 525 مليون جنيه (أكتر من 30 مليون دولار)، وبنك قناة السويس 129 مليون جنيه (تقريبا 8 مليون دولار)، وبنك القاهرة 88 مليون جنيه (5.5 مليون دولار)، والبنك الزراعي أدهم تقريبا (5.5 مليون دولار).
- كل هذه البنوك دي قدمت المبالغ دى بأثمان لأراضي مخصصة لها في العاصمة الإدارية، وكل البنوك دي بنوك حكومية، أي أن الدولة قدمت من المال العام المملوك للمصريين شركة العاصمة الإدارية الجديدة ما مجموعه تقريبا 215 مليون دولار.
- الهيئة القومية للأنفاق قامت بإنشاء مشروع المونوريل بين العاصمة الجديدة والقاهرة بتكلفة 4.5 مليار دولار ممولين بقروض من تحالف بنوك دولية، كما قامت بإنشاء مشروع القطار الكهربائي بتكلفة 1.2 مليار دولار بقرض من بنك صيني.
- الشركة القابضة للكهرباء (التابعة لوزارة الكهرباء) قدمت للعاصمة الإدارية الجديدة استثمار بقيمة 2.3 مليار دولار تقريبا في شكل بناء محطة الكهرباء الخاصة بالعاصمة.
- شركة الاتحاد العربي للنقل البري والسياحة (سوبرجيت) المملوكة لوزارة النقل (شركة حكومية بتشتغل بفلوس الحكومة وبتسدد ديونها من الميزانية العامة للدولة)، اقترضت 800 مليون جنيه (40 مليون دولار تقريبا) لتمويل المرحلة الأولى من مشروع الأتوبيسات في العاصمة.
- إذا أضفنا إلى ذلك 4 مليار جنيه أعلن الرئيس في يوليو 2022 إن الحكومة هتدفعها سنويا للعاصمة الإدارية الجديدة كإيجار للمنطقة الحكومية، إذن لدينا 4 مليار جنيه في 2022 (250 مليون دولار) + 4 مليار جنيه في 2023 (تقريبا 135 مليون دولار بسعر صرف 30 جنيه) + 4 مليار جنيه في 2024 (80 مليون دولار) = 12 مليار جنيه (ما يعادل تقريبا 465 مليون دولار).
- كده احنا بنتكلم عن ما مجموعه أكثر من 10 مليار دولار تقريبا أو ما يعادل 350 مليار جنيه على الأقل (على افتراض أن بعض هذه الالتزامات قد تم الفراغ منها قبل رفع سعر صرف الدولار) استثمارات سحبت من الميزانية العامة للدولة من خلال وزارات أو شركات مملوكة للوزارات أو القطاع المصرفي المملوك للدولة، وتم توجيهها لشركة العاصمة الإدارية الجديدة، وبإضافتهم للاستثمارات المسحوبة من هيئة المجتمعات العمرانية نصل إلى إجمالي 25 مليار دولار تقريبا أو ما يقارب 600 مليار جنيه.
**
مين اللي بيردد الشائعات وبيهدد الدولة؟
- لما بننشر بوست زي ده، متعودين نلاقي حد في التعليقات، سواء كان شخص مصري حقيقي مؤيد للنظام ومؤمن بتبريراته (وده حقه تماما) أو حساب يبدو إنه حساب مصطنع لاستخدامه في الدعاية السياسية، بيقولولنا كفاية ترديد للشائعات هتهدوا الدولة.
- بالمناسبة الأرقام دي برضه صادمة لكن مش مفاجئة، لأنها تتماشى بشكل كبير مع تقدير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية من عدة سنوات لحجم التكاليف اللي تم إنفاقها على العاصمة الإدارية الجديدة بإنها تقريبا 55 مليار دولار.
- احنا بنقول للناس الخايفة من الشائعات، ببساطة الأرقام قدامكم أهي، والمعلومات متاحة، والحكومة هي الي قالت الأرقام دي مش احنا، ممكن لو سمحتم تطلبوا التوضيح والتصحيح من الحكومة؟
- طيب لو الحكومة معندهاش رد (ودي الحقيقة غالبا)، فهل ممكن تطالبوا الحكومة إنها تبطل كذب وتبطل سياسات من هذا النوع اللي أقل وصف ليه هو السفه.
- وممكن حد يقول للسيد الرئيس إن محدش بيهدد الدولة قده هو شخصيا وسياساته اللي من النوع ده الي أضاعت على المصريين أكثر من 2.5 تريلون جنيه بسعر صرف الدولار الحالي، وجعلتهم مديونين بحوالي 150 مليار دولار، ووضعت أكثر من ثلثهم تحت خط الفقر.
- لو الرئيس خايف على الدولة بجد، لو عنده أدنى شعور بالمسئولية تجاه المواطنين الي هو بيتحمل أمانة إدارة شئونهم العامة، أكيد هو الي محتاج يراجع نفسه وسياساته الكارثية الي قادت للوضع الحالي بالشكل اللي احنا شرحناه كتير، والي كتير من الكتاب المحترمين زي صاحب التدوينة المشار إليها أوضحوها بهذا التفصيل الممل.
#الموقف_المصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.