مطالبات بإلغاء "قيم الأسرة المصرية".. ما علاقة الفنانة منى فاروق؟
نمع صدور حكم بالسجن الغيابي بحق الفنانة منى فاروق، طالب حقوقيون مصريون بإلغاء مادة "قيم الأسرة"، والتي بموجبها قضت إحدى المحاكم بحبس الممثلة الشابة.
وأوضحت المحكمة الاقتصادية في القاهرة في قرارها أن فاروق، التي ظهرت في مقطع مصور، قد خالفت "قيم الأسرة" في المجتمع المصري، من خلال الحديث عن حياتها الشخصية والتلفظ بكلام وُصف بأنه خادش للحياء.
وقد قضت المحكمة بسجن منى فاروق، التي تقيم خارج البلاد، لمدة ثلاث سنوات ودفع غرامة قدرها 100 ألف جنيه، أي ما يعادل 1990 دولارًا أميركيًا تقريبًا.
وفي حديثه إلى موقع "الحرة"، ناشد المحامي هاني سامح مجلس النواب بسرعة إلغاء المادة الخاصة بـ"قيم الأسرة" في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وأشار إلى أن تلك المادة تُستغل من قبل "فلول الإرهاب والجماعات المتشددة للإساءة إلى الحداثة ومدنية الدولة، فضلًا عن استهداف النساء تحت ذرائع فضفاضة"، على حد تعبيره.
وذكر سامح أن مادة "القيم" استُحدثت من قبل البرلمان في العام 2018، وتتضمن عقوبة الحبس التي تصل إلى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية تزيد عن ربع مليون جنيه، لمخالفة قيم الأسرة.
وتابع: "جاءت المادة بعبارات مبهمة وفضفاضة، وغير دستورية، استغلها (طيور الظلام) وأتباع الرجعية من محامين وتيارات وجماعات متشددة للتنكيل بالفتيات الحداثيات والجميلات المتماشيات مع الموضة."
كما استُخدمت المادة في استهداف التراث الفني المصري، حيث عُوقبت الفتيات اللاتي قلدن مشاهد وملابس وأسلوب حياة الفنانات بالحبس.
وفي نفس السياق، قالت الناشطة الحقوقية مي صالح في حديثها إلى موقع "الحرة": "نحن كحقوقيات ونسويات نطالب بإلغاء تلك المادة لأنها تستهدف بشكل رئيسي المرأة، ومنى فاروق ليست أول ضحية لذلك القانون، فقبلها على سبيل المثال لا الحصر صدر حكم نهائي بعزل أستاذة جامعية تدعى منى البرنس، على خلفية نشر فيديوهات كانت ترقص فيها."
وتابعت صالح: "وهناك أيضًا المؤثرة مودة الأدهم والسيدة المعروفة بـ(وحش الكون) وغيرهن كثيرات ربما لم يكن يحظين بنفس المقدار من الشهرة."
ورأت الناشطة الحقوقية أن مادة "مخالفة القيم الأسرية" تأخذ بُعدًا خطيرًا لأنها "تُطبق على النساء والفتيات فقط، إذ نرى الكثير من الرجال يتحرشون بالسيدات والسائحات دون أن يُحاكموا بمقتضى ذلك القانون."
"محاكاة لعصور التفتيش"
وفي المقابل، يرى المحامي المصري أشرف فرحات، الذي يرأس حملة "تطهير المجتمع"، أن المحافظة على قيم الأسرة تستهدف النساء ولا تحمي حريات المرأة، وأن "سهامهم موجهة إلى الأفعال المآثمة والمجرمة بالقانون المصري بغض النظر عن جنس مرتكبها وخلفيته الاجتماعية."
وأضاف في حديث سابق لموقع "الحرة": "القانون ألزم أي مواطن بالإبلاغ عن أي جريمة علم بارتكابها، وهنا دور المواطن بشكل عام يكون رقابيًا وملزمًا لحماية المجتمع المصري بغرض مواجهة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق التواصل مع الجهات المعنية مثل الشرطة والنيابة العامة ومباحث الإنترنت وغيرها."
وهنا يرد سامح قائلًا إن العديد من "الفتيات المسالمات تم الزج بهن في غياهب الاتهامات، في محاكاة لعصور التفتيش في القرون الوسطى، حيث كانت تُفرض عقوبات قاسية مثل الشنق والحرق والإغراق على كل امرأة تخالف قيم ذاك الزمان."
وأضاف سامح أن من الضروري إلغاء وتجميد مادة "مخالفة القيم الأسرية" وإيقاف عقوباتها، لأنها نصوص فضفاضة متعددة التأويل، تخلط بين قيم الرجعية والوهابية والقبلية، وتهدد قيم الحداثة والمدنية والحريات.
وأوضح سامح أن المادة تنص على أنه "يعاقب كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري"، مؤكدًا أن هذا النص يتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية العليا، التي شددت على ضرورة أن تصاغ النصوص العقابية بوضوح ودقة، بحيث لا تكون فخاخًا قانونية يُلقى بها لتصيد الأفراد، بل يجب أن تضمن وضوح الجريمة والعقوبة حتى يتجنبها المواطنون عن علم ودراية."
وتتفق الناشطة صالح مع سامح في أن "مواد تلك المادة هي فضفاضة، ويمكن تأويلها بعدة طرق، ناهيك عن أي قيم نتحدث، فليس من المعقول أن نقول إن كل الناس بمختلف فئاتهم وأديانهم ومذاهبهم وطبقاتهم الاجتماعية والثقافية لديهم نفس القيم."
وزادت: "بالتالي فلا يمكن القول إن المجتمع محكوم بقيم متعددة، وحتى عند الحديث عن القيم الدينية، فإنها أيضًا تخضع لاختلاف في التفسيرات والاجتهادات."
الحرة / واشنطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.