https://www.dw.com/ar/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%87%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AC%D8%AF%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%85%D8%B5%D8%B1/a-47773611
في مقاله* لـ DW عربية يطرح علاء الأسواني السؤال: "هل توجد فرصة للتغيير في مصر ..؟"
إذا كنت تعيش في دولة ديمقراطية فمن حقك أن تعرف ثروة رئيس الجمهورية ومصادرها و ميزانية أية هيئة حكومية ووجوه إنفاقها. لا يمكن حجب أى معلومات عن المواطنين في دولة ديمقراطية حتى المعلومات العسكرية تناقشها ــ في جلسة سرية ـــ لجنة من البرلمان الذي جاء بانتخابات حقيقية.. في كل الدول الديمقراطية هناك قانون حرية تداول المعلومات
فلسفة هذا القانون أن المواطن أصل الدولة وأنه ينفق عليها من الضرائب التي يدفعها ومن حق دافع الضرائب ان يتأكد أن أمواله يتم إنفاقها على الوجه الصحيح. الشفافية والمراقبة والمحاسبة من أسس النظام الديمقراطي كما أن حياة المواطن أهم ما تحرص عليه الدولة ونحن نرى أن قتل مواطن واحد (حتى لو كان جنديا محاربا) في دولة ديمقراطية أمر جلل تتم محاسبة المسؤول عنه أما عندنا نحن المصريين فإن الحالة مختلفة. منذ أن بدأ الحكم العسكري عام 1952 ونحن لا نعرف الا ما يريدنا الديكتاتور أن نعرفه. لم يعرف المصريون مثلا ان عبد الناصر كان يسمح للسفن الإسرائيلية بالمرور في خليج العقبة لمدة عشرة أعوام منذ عام 1956، وبعد مرور عقود على هزيمة 1967 المنكرة لم يتم تحقيق جاد في الأسباب التي أدت إليها ولم يتم تحقيق جاد في الجيش لتحديد المسؤول عن الثغرة وحصار الجيش الثالث المصري في عام 1973. كما أن موت المواطنين من الاهمال في السجون والمستشفيات أو قتلهم في حوادث القطارات وانهيار العقارات يعتبر في مصر حادثا مؤسفا عاديا لا تتوقف عنه الدولة كثيرا.
الناخبون هم الذين يمنحون السلطة للرئيس في الدولة الديمقراطية وهم يستطيعون إقالته في أي لحظة، ولذلك فهو يحرص على ارضائهم أما الديكتاتور الذى يتولى السلطة بانتخابات مزورة ويحافظ على السلطة بقمع المعارضين فهو لايحتاج إلى المواطنين ولا يعبأ بهم اطلاقا. هذا المعنى المؤسف ظهر بوضوح في المأساة التي حدثت منذ أيام في محطة مصر عندما اصطدم جرار بالرصيف وانفجر مخزن الوقود فقتل وأصاب عشرات الأبرياء.
برغم المحاولات المستميتة من اعلام المخابرات من أجل تبرئة السيسي من دماء الضحايا الا أن الغضب قد ساد المجتمع بكل طوائفه. هاهو السيسي الذي أنفق المليارات على تفريعة قناة السويس فلم تحقق ايرادات تذكر والذي أنفق المليارات على مدينته الجديدة التي لا يعرف أحد معناها أو جدواها، السيسي الذي صرح بأن معظم مشروعاته تتم بدون دراسة جدوى، الذي احتفل منذ أيام بانشاء أكبر كنيسة وأكبر مسجد وأعلى مبنى في افريقيا. مع كل ذلك لم يهتم السيسي بتوفير المال لتجديد القطارات المتهالكة التي تقتل الابرياء بسبب الاهمال والفساد.
لقد تحمل المصريون قمع السيسي وسياساته الاقتصادية النيوليبرالية التي أدت إلى افقارهم وتعاستهم لكنهم يكتشفون الآن انهم قد يموتون بطريقة عبثية مثل ضحايا الجرار في أي لحظة. هل هناك فرصة للتغيير في مصر؟!..الاجابة نعم قاطعة. الناس لا تتحرك من أجل التغيير بمجرد حدوث الظلم ولا بمجرد احساسهم بالظلم لكن ما يدفع الناس للتغيير هو ادراكهم لأسباب الظلم وتصميمهم على ازالتها مهما يكن الثمن.
باستثناء المستفيدين من النظام فان المصريين جميعا مهما كانت درجة تعليمهم أو خلفيتهم الاجتماعية أصبحوا يدركون طبيعة نظام السيسي، ويفهمون انهم لن يستردوا حقوقهم في ظل وجوده حتى المواطن المستقر الذي يفضل الاستقرار على النضال من أجل الحرية، المواطن المستكين المنسحب من الحياة العامة الذي لا يهتم الا بعمله وتربية عياله، سرعان ماخاب أمله تماما في السيسي بسبب موجة الغلاء العاتية التي جعلت حياته مستحيلة وهاهو يدرك أن حياته البائسة قد تنتهي في أي لحظة بحادث عبثي.
ان الغضب الذي ينتاب ملايين المصريين الآن لابد أن نحتويه في عمل منظم هادف حتى لا يتحول إلى طاقة تدمير تدفعنا بعيدا عن أهدافنا المشروعة. السيسي يعلم تماما ان شعبيته قد تآكلت ولذلك فهو يشدد من قبضته القمعية ويريد التعجيل بالتعديلات الدستورية التي ستجعله سلطانا مطلق السلطة على مصر مدى الحياة.
ان معركتنا الحقيقية تبدأ بإسقاط هذه التعديلات الدستورية الباطلة أثناء الاستفتاء عليها. لسنا بالسذاجة التي نتصور بها ان نظام السيسي سينظم استفتاء نزيها. نحن نعلم أن نتائج الاستفتاء سيتم تزويرها قطعا حتى يحصل السيسي على نسبته المفضلة (99 في المائة) لكننا نستطيع أن نعلن رأينا ونسمعه للعالم كله حتى تصبح نتائج الاستفتاء المزورة أضحوكة داخل مصر وخارجها. تصوروا لو أن المصريين في الخارج تجمعوا أمام القنصليات والسفارات ليعلنوا رفضهم للتعديلات.
تصوروا لو أن ملايين المصريين داخل مصر ذهبوا إلى الاستفتاء بشارة او لون موحد لثيابهم (مثل السترات الصفراء في فرنسا) لن يستطيع النظام اعتقال كل هؤلاء ولن يستطيع الدفاع عن نتائجه المزورة بعد ان رأت الدنيا حجم المعارضة للتعديلات.
اننا نستحق تماما ما نطالب به. نستحق الحرية والعدالة والحياة الكريمة. نستحق أن نعبر عن ارائنا بغير أن نعتقل ويتم القاؤنا في السجون وتعذيبنا. نستحق الحد الأدنى للأجور والتأمين الصحي الفعال والتعليم المجاني المحترم لاولادنا. نحن لا نطالب بالتخريب والفوضى..كل ما نطالب به أن يفي الرئيس السيسي بتعهده ويكتفي بثمان سنوات في الحكم ويعطى فرصة للمصريين حتى ينتخبوا رئيسا جديدا يسعى ونسعى معه إلى انتشال بلادنا من الحضيض الذي أوصلها اليه الاستبداد والقمع والفساد. فلنتحد جميعا من أجل إسقاط التعديلات الدستورية الباطلة.
في مقاله* لـ DW عربية يطرح علاء الأسواني السؤال: "هل توجد فرصة للتغيير في مصر ..؟"
إذا كنت تعيش في دولة ديمقراطية فمن حقك أن تعرف ثروة رئيس الجمهورية ومصادرها و ميزانية أية هيئة حكومية ووجوه إنفاقها. لا يمكن حجب أى معلومات عن المواطنين في دولة ديمقراطية حتى المعلومات العسكرية تناقشها ــ في جلسة سرية ـــ لجنة من البرلمان الذي جاء بانتخابات حقيقية.. في كل الدول الديمقراطية هناك قانون حرية تداول المعلومات
فلسفة هذا القانون أن المواطن أصل الدولة وأنه ينفق عليها من الضرائب التي يدفعها ومن حق دافع الضرائب ان يتأكد أن أمواله يتم إنفاقها على الوجه الصحيح. الشفافية والمراقبة والمحاسبة من أسس النظام الديمقراطي كما أن حياة المواطن أهم ما تحرص عليه الدولة ونحن نرى أن قتل مواطن واحد (حتى لو كان جنديا محاربا) في دولة ديمقراطية أمر جلل تتم محاسبة المسؤول عنه أما عندنا نحن المصريين فإن الحالة مختلفة. منذ أن بدأ الحكم العسكري عام 1952 ونحن لا نعرف الا ما يريدنا الديكتاتور أن نعرفه. لم يعرف المصريون مثلا ان عبد الناصر كان يسمح للسفن الإسرائيلية بالمرور في خليج العقبة لمدة عشرة أعوام منذ عام 1956، وبعد مرور عقود على هزيمة 1967 المنكرة لم يتم تحقيق جاد في الأسباب التي أدت إليها ولم يتم تحقيق جاد في الجيش لتحديد المسؤول عن الثغرة وحصار الجيش الثالث المصري في عام 1973. كما أن موت المواطنين من الاهمال في السجون والمستشفيات أو قتلهم في حوادث القطارات وانهيار العقارات يعتبر في مصر حادثا مؤسفا عاديا لا تتوقف عنه الدولة كثيرا.
الناخبون هم الذين يمنحون السلطة للرئيس في الدولة الديمقراطية وهم يستطيعون إقالته في أي لحظة، ولذلك فهو يحرص على ارضائهم أما الديكتاتور الذى يتولى السلطة بانتخابات مزورة ويحافظ على السلطة بقمع المعارضين فهو لايحتاج إلى المواطنين ولا يعبأ بهم اطلاقا. هذا المعنى المؤسف ظهر بوضوح في المأساة التي حدثت منذ أيام في محطة مصر عندما اصطدم جرار بالرصيف وانفجر مخزن الوقود فقتل وأصاب عشرات الأبرياء.
برغم المحاولات المستميتة من اعلام المخابرات من أجل تبرئة السيسي من دماء الضحايا الا أن الغضب قد ساد المجتمع بكل طوائفه. هاهو السيسي الذي أنفق المليارات على تفريعة قناة السويس فلم تحقق ايرادات تذكر والذي أنفق المليارات على مدينته الجديدة التي لا يعرف أحد معناها أو جدواها، السيسي الذي صرح بأن معظم مشروعاته تتم بدون دراسة جدوى، الذي احتفل منذ أيام بانشاء أكبر كنيسة وأكبر مسجد وأعلى مبنى في افريقيا. مع كل ذلك لم يهتم السيسي بتوفير المال لتجديد القطارات المتهالكة التي تقتل الابرياء بسبب الاهمال والفساد.
لقد تحمل المصريون قمع السيسي وسياساته الاقتصادية النيوليبرالية التي أدت إلى افقارهم وتعاستهم لكنهم يكتشفون الآن انهم قد يموتون بطريقة عبثية مثل ضحايا الجرار في أي لحظة. هل هناك فرصة للتغيير في مصر؟!..الاجابة نعم قاطعة. الناس لا تتحرك من أجل التغيير بمجرد حدوث الظلم ولا بمجرد احساسهم بالظلم لكن ما يدفع الناس للتغيير هو ادراكهم لأسباب الظلم وتصميمهم على ازالتها مهما يكن الثمن.
باستثناء المستفيدين من النظام فان المصريين جميعا مهما كانت درجة تعليمهم أو خلفيتهم الاجتماعية أصبحوا يدركون طبيعة نظام السيسي، ويفهمون انهم لن يستردوا حقوقهم في ظل وجوده حتى المواطن المستقر الذي يفضل الاستقرار على النضال من أجل الحرية، المواطن المستكين المنسحب من الحياة العامة الذي لا يهتم الا بعمله وتربية عياله، سرعان ماخاب أمله تماما في السيسي بسبب موجة الغلاء العاتية التي جعلت حياته مستحيلة وهاهو يدرك أن حياته البائسة قد تنتهي في أي لحظة بحادث عبثي.
ان الغضب الذي ينتاب ملايين المصريين الآن لابد أن نحتويه في عمل منظم هادف حتى لا يتحول إلى طاقة تدمير تدفعنا بعيدا عن أهدافنا المشروعة. السيسي يعلم تماما ان شعبيته قد تآكلت ولذلك فهو يشدد من قبضته القمعية ويريد التعجيل بالتعديلات الدستورية التي ستجعله سلطانا مطلق السلطة على مصر مدى الحياة.
ان معركتنا الحقيقية تبدأ بإسقاط هذه التعديلات الدستورية الباطلة أثناء الاستفتاء عليها. لسنا بالسذاجة التي نتصور بها ان نظام السيسي سينظم استفتاء نزيها. نحن نعلم أن نتائج الاستفتاء سيتم تزويرها قطعا حتى يحصل السيسي على نسبته المفضلة (99 في المائة) لكننا نستطيع أن نعلن رأينا ونسمعه للعالم كله حتى تصبح نتائج الاستفتاء المزورة أضحوكة داخل مصر وخارجها. تصوروا لو أن المصريين في الخارج تجمعوا أمام القنصليات والسفارات ليعلنوا رفضهم للتعديلات.
تصوروا لو أن ملايين المصريين داخل مصر ذهبوا إلى الاستفتاء بشارة او لون موحد لثيابهم (مثل السترات الصفراء في فرنسا) لن يستطيع النظام اعتقال كل هؤلاء ولن يستطيع الدفاع عن نتائجه المزورة بعد ان رأت الدنيا حجم المعارضة للتعديلات.
اننا نستحق تماما ما نطالب به. نستحق الحرية والعدالة والحياة الكريمة. نستحق أن نعبر عن ارائنا بغير أن نعتقل ويتم القاؤنا في السجون وتعذيبنا. نستحق الحد الأدنى للأجور والتأمين الصحي الفعال والتعليم المجاني المحترم لاولادنا. نحن لا نطالب بالتخريب والفوضى..كل ما نطالب به أن يفي الرئيس السيسي بتعهده ويكتفي بثمان سنوات في الحكم ويعطى فرصة للمصريين حتى ينتخبوا رئيسا جديدا يسعى ونسعى معه إلى انتشال بلادنا من الحضيض الذي أوصلها اليه الاستبداد والقمع والفساد. فلنتحد جميعا من أجل إسقاط التعديلات الدستورية الباطلة.