هل ستتلقى اللقاح الصيني؟.. انقسام شعبي بين العرب ومخاوف من "الآثار الجانبية"
تأهبت الشعوب العربية استعدادا لدخول مرحلة جديدة من جائجة كورونا، بعد تسجيل الإمارات رسميا لقاح شركة سينوفارم الصينية للوقاية من مرض كوفيد-19، وإرسالها لمصر أولى شحنات اللقاح.
وبينما يمر عام على جائحة فيروس كورونا -الذي ظهر أولا في الصين وأدى لإصابة أكثر من 71 مليون شخص على مستوى العالم ووفاة أكثر من مليون ونصف حسب أحدث إحصاء لرويترز- يشعر سكان الدول العربية التي سجلت رسميا اللقاح الصيني بالقلق فيما يتعلق بتلقيه للوقاية من مرض كوفيد.
ولا يثق أكرم علي (31 عاما) في اللقاح الصيني، قائلا: "الصين لم تجر فحوصات كاملة وكاشفة على الحالات التي تلقت جرعات من لقاح سينوفارم الذي تلقته مصر".
وفي يوليو الماضي، بدأت الإمارات المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الصيني، وتم توسيع التجربة لتشمل البحرين والأردن ومصر.
ورغم ذلك يبدو أن جميع هذه الدول تعتمد على البيانات التي أعلنت عنها الإمارات، في وقت سابق هذا الشهر، من تحليل مؤقت للمراحل الأخيرة من التجارب السريرية للقاح الصيني، الأمر الذي اتضح في بيان للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في البحرين صدر الأحد، وتصريحات تلفزيونية لوزيرة الصحة المصرية هالة زايد الجمعة الماضية.
وتقول الإمارات إن بيانات المرحلة الثالثة للتجارب السريرية من اللقاح الصيني أظهرت "فعالية اللقاح بنسبة 86 بالمئة ضد الإصابة بفيروس كورونا" وذلك في الوقت الذي لم تعلن فيه الصين نفسها نسبة فعالية اللقاح، لكنها استخدمته بالفعل في تطعيم نحو مليون من مواطنيها في برنامج طارئ.
وكانت خبيرة الشؤون الصينية في معهد "لووي" الأسترالي، ناتاشا قسام، قالت لفرانس برس إن " غياب الشفافية في النظام الصيني أدى إلى تلقيح آلاف الأشخاص حتى الآن، دون أن تنشر بيانات التجارب السريرية".
وفي بيانها الأخير، لم تشر وزارة الصحة الإماراتية إلى أي أعراض جانبية أو أمراض عانى منها المشاركون في التجارب السريرية.
وكانت بيانات سابقة للتجارب أظهرت أن التطعيم باللقاح، الذي يستخدم فيروسا غير نشط في تحفيز استجابات مناعية، يكون على جرعتين.
غير مضمون أم أقل ضررا؟
وفي ظل هذه الضبابية يقول علي لموقع "الحرة" إنه لن يأخذ اللقاح "حتى لو أصبح متاحا بسهولة"، مضيفا "آثاره الجانبية لم تكتشف بعد، وقد تظهر بعد عام أو ربما أقل".
ويفضل علي أن يخضع لبروتوكول العلاج الذي تقره وزارة الصحة المصرية في حالة إصابته بكورونا على أخذ لقاح "آثاره الجانبية غير مضمونة"، على حد قوله.
وحتى الآن، لم تجبر الدول العربية، التي أقرت اللقاح الصيني رسميا، مواطنيها على تلقيه لكن رابحة عثمان (62 عاما) تعتقد أن تلقي أي لقاح متاح سيسهل السفر للخارج، وإنجاز المصالح الحكومية، والعودة للحياة الطبيعية بشكل تدريجي دون قلق، وهي تؤيد ذلك.
أما محمود أديب (28 عاما) الذي تحمس لتلقي اللقاح بمجرد إعلان مستشفيات إماراتية عن توفره لديها يقول: "أثق فيه باعتباره الأقل ضررا، لأنه اعتمد على الأسلوب التقليدي المعتاد، وهو الفيروس الميت"، مضيفا "هذا دافع أساسي لكل من يريد تلقي اللقاح بأقل شكوك ممكنة".
وعكست واقع التواصل الاجتماعي قلق بعض الناس الذين استطلع موقع "الحرة" آرائهم، فقد انقسموا بين تلقي أي لقاح متوفر حتى لو كان اللقاح الصيني، وبين انتظار لقاحات طورتها دول أخرى، مثل اللقاح الذي بدأت بريطانيا في تطعيم مواطنيها به وطورته شركتا فايزر الأميركية وبيونتيك الألمانية أو لقاح مودرنا الأميركي، وكلاهما أثبت فعالية بنسبة تبلغ 95% .
ويستخدم اللقاح الصيني فيروسا غير نشط يحتوي على جزيئات فيروسية ميتة يتم إنشاؤها في المختبر قبل أن تقتل، وهي غير معدية.
أما لقاح فايزر فيستخدم تقنية الحمض النووي الريبوزي الحديثة التي تمكن الجسم من إفراز المضادات والمستضدات.
وفي هذا السياق، يقول أديب لموقع الحرة: "لقاح فايزر وغيره اعتمد على أسلوب جديد وهو الأمر الكافي لإثارة المخاوف"، متسائلا: "كيف يمكن تلقي لقاح لمرض جديد وبأسلوب جديد أيضا لم يثبت نجاحه أساسا؟".
ويرى أديب أن "القليل من الأعراض خير من البقاء في حالة الحذر"، معربا عن أمله في أن يكون اللقاح الصيني إجباريا للجميع.
"آمن حتى الآن"
وقد يشكل هذا القلق والانقسام تحديا محتملا لجهود تحصين الناس. ويقول الدكتور وائل صفوت، المستشار لدى منظمة الصحة العالمية، إن اللقاح الصيني مر بمرحلتين من التجارب بنسبة فعالية مرتفعة، طبقا للمتوفر من الأبحاث والمعلومات.
وأضاف لموقع الحرة: "ستُعلن نتائج المرحلة الثالثة خلال أيام (...)، وطبقا للمعلومات المتوفرة، فإن اللقاح الصيني فعال وآمن، وأجازته رسميا العديد من الدول المشاركة في المرحلة الثالثة".
وأوضح صفوت أن اللقاح سيكون متوفرا في أغلب الدول للأطقم الطبية "لأنها أكثر الفئات تعرضا، ولأن الكميات المنتجة قليلا".
وأكد أن من لم يصب بالفيروس ويعاني ضعفا مناعيا، مثل مرضى الأمراض المزمنة وكبار السن، يمكنهم تلقي اللقاح.
وتشمل الأمراض المزمنة أمراض القلب والسكري وفشل الكلى والجهاز التنفسي.
وفيما يتعلق بتلقي اللقاح لمن سبقت إصابته بفيروس كورونا، قال صفوت: "لا يمكن، لأن هذا المصاب لديه مناعة مؤقتة، لم تؤكد الأبحاث مدتها".
وتابع "يمكن لمن أصيب بكورونا عمل فحوص مضادات الفيروس في جسمه لتقييم الموقف بعد ذلك، لكن بصفة عامة الذين أصيبوا بالفيروس ليسوا من الفئات المرشحة للتطعيم باللقاح".
ورغم إجازة دول عربية للقاح الصيني، فإنها تسعى للتعاقد مع شركات أخرى للحصول على لقاحاتها. ففي سبتمبر الماضي، أعلنت روسيا عن اتفاق مع مصر لتزويدها بما يصل إلى 25 مليون جرعة من لقاح سبوتنيك الذي تجري عليه أبوظبي تجارب سريرية أيضا.
أما البحرين، فقد أجازت أيضا، إلى جانب سينوفارم، الاستخدام الطارئ للقاح فايزر-بيونتيك.
وفي هذا الخصوص، شدد المستشار لدى منظمة الصحة العالمية على أنه لا يمكن "بالطبع تلقي لقاحين. لا فائدة من ذلك، وقد يؤدي لمضاعفات في جسم المتلقي".
الحرة