تعرية نساء محتجزات تفجر أزمة في تركيا
في الثاني من نوفمبر من عام 2017 صدر بحق المحامية التركية بتول ألباي أمر قبض من محكمة الصلح الجزائية في ولاية موغلا بتركيا، في إطار التحقيقات المتعلقة بحركة "غولن" التي تصنفها أنقرة "إرهابية"، وتقول المحامية في حديث لموقع "الحرة" إنها تعرضت لعملية "تفتيش عاري" من قبل حارستين، بعد تسليم نفسها.
ألباي إلى جانب عدة نساء تركيا أخريات أثرن جدلا واسعا في الأيام الثلاثة الماضية بعد نشرهن تسجيلات مصورة تحدثن فيها عن عمليات "التفتيش العاري" الذي تعرضن له من قبل الحراس في السجون، في قضية لم يسبق وأن دار الحديث عنها في تركيا أو تمت إثارتها على الملأ.
وتضيف ألباي في سياق رواية قصتها: "في أثناء دخولي إلى السجن طلبت مني حارستين أن أخلع كل ملابسي.. خلعت كل شيء ثم أعطوني رداء خاصا بالمشافي، ومع هذا الرداء تم نقلي أمام الحراس الذكور وإجراء تصوير بالأشعة السينية"، وتتابع: "في هذه الأثناء كنت أرتدي الملابس الداخلية فقط وكانت ساقاي مشكوفتين. فيما بعد تم نقلي إلى غرفة البحث ثم أخذوني إلى العنبر".
وكانت ألباي محامية نشطة لمدة عامين في ولاية موغلا التركية، ورغم أن مهنتها المحاماة إلا أنها تعرضت لمثل هذه المعاملة في السجن الذي دخلته كسجين، وتشير "كنت أعرف حقوقي لكني لم أستطع الاستئناف".
لماذا الآن؟
الحديث المتعلق بـ"التفتيش العاري" في السجون بتركيا بدأت قصته، منذ أيام، حين ندد نائب "حزب الشعوب الديموقراطي" في البرلمان التركي عمر فاروق جرجرلي أوغلو بتعذيب الطلاب داخل المعتقلات التركية، وإجبار الطالبات على خلع ملابسهن أمام المسؤولين عن سجني أوشاك وإزمير، وذلك خلال كلمته أمام أعضاء البرلمان.
المعلومات التي قالها النائب في "حزب الشعوب" ردت عليها رئيسة الكتلة البرلمانية لـ"حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أوزلام زنجين بقولها إنها لا تصدق حدوث حالات "تفتيش عار" في السجون، مؤكدة أن جرجرلي أوغلو "يريد تخويف البرلمان".
وأثارت تصريحات المسؤولة في الحزب الحاكم غضبا داخل "حزب الشعوب"، وطالبتها رئيسة كتلة الحزب النيابية، ميرال دانيش باشتاش، بالاعتذار لجرجرلي أوغلو، ووصفت باشتاش تصريحات زنجين بأنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة ولا أساس لها.
وكرد فعل على ما سبق كانت الحملة التي قادتها النساء التركيات، والتي لاقت تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال القصص المصورة التي لم يقتصر نشرها على المحامية ألباي، بل من قبل: ناتالي أفازيان، وزكية أتاتش، وهاجر كوتش.
وبحسب المحامية ألباي، فإنها اُعتقلت في عام 2017 "نتيجة التحقيقات مع حركة غولن"، وتقول: "في العامين الماضيين لم أكن سعيدة لأنني لم أتمكن من الدخول في أي صراع قانوني ومواجهة ما حدث لي".
وتضيف: "بعد عامين جمعت قواي لأخبر ما حدث لي، وأنا مستعدة لخوض أي نوع من الكفاح القانوني لمنع حدوث ما حصل لي لشخص آخر. أنا أقوم بإعداد التماس لشكوى جنائية".
أنقرة تعلّق
من جانب آخر وكرد رسمي أول على حملة "التفتيش العاري" التي أثارتها النساء التركيات أعلن مكتب المدعي العام في أنقرة عن بدء تحقيق بشأن العلامات التي تشير إلى أنهم اكتشفوا منشورات "مقصودة".
وذكر مكتب المدعي العام في بيانه أن التحقيق بدأ بحكم منصبه عند الكشف عن المنشورات التي تدعم الاشتباه بأن الأشخاص الذين يزعمون أنهم تعرضوا للتفتيش عراة "تم دفعهم عمدا من قبل منظمة غولن الإرهابية المسلحة".
وجاء في بيان المدعي العام أيضا أن الإجراءات ستبدأ فورا وفقا للوائح القانونية، في تلميح إلى أن التحقيقات ستتعلق بالأطراف التي تقف وراء الحملة التي أثيرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت شبكات إعلامية تركية قد نشرت منذ أيام وثيقة لم يتحقق منها موقع "الحرة" قالت إنها حول تعديلات أجرتها الدولة على المادة "34" من لائحة إدارة المؤسسات، وتنص على قانونية ممارسة "التفتيش العاري".
وتشير المادة "34" إلى أنه "إذا اقتضت الضرورة يمكن إجراء التفتيش العاري بالقوة، وأنه يمكن إجراء عمليات تفتيش السجناء عرايا، أو تفتيش تجاويف الجسد، إذا رأى المشرف الأعلى في المؤسسة أن ذلك ضروري".
لكن في المقابل تنص المادة على أنه يتم التفتيش العاري بشكل لا ينتهك مشاعر الحرج لدى المحكوم عليه، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم رؤية أحد له.
داوود أوغلو يدين
وكان رئيس حزب المستقبل التركي، أحمد داود أوغلو قد أدان تعرية الطالبات الجامعيات بمديرية أمن مدينة أوشاك، ووصف الواقعة بـ"وصمة العار"، إذ قال إنه "من المستحيل على مجتمع لا يستطيع حماية شرف نسائه أن يخلق ثقافة ديمقراطية".
وعلق داود أوغلو عبر تسجيل مصور نشره، منذ أيام عبر حسابه في "تويتر" على إنكار نواب "العدالة والتنمية" للواقعة، مؤكدا أن موقفهم من هذه القضية مؤسف، وطالب بمراجعة جميع تسجيلات الكاميرات في السجون.
في حين أعلن "حزب الشعوب الديمقراطي" عبر حسابه الرسمي في "تويتر"، ومنذ ساعات أن اقتراحه في البرلمان التركي بإلغاء ممارسة "التفتيش العاري" تم رفضه بأصوات من حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الحركة القومية"، معتبرا أن "التفتيش العاري تعذيب، ومن يطرحه لا يحجب الحقيقة. يجب إيقاف هذه الممارسة على الفور".