"حق يوسف يضيع مرتين".. ناشطة مصرية تحتج على الإفراج عن مدانين بقتل ابنها
عام 2017، حصدت رصاصة طائشة روح الطفل يوسف، 13 عاما، بعد أن أطلق محتفلون النيران في الهواء في منطقة سكنية مكتظة، غير عابئين بخطورة أفعالهم.
اليوم، تخشى الناشطة المصرية، مروة قناوي، أن يضيع حق نجلها المقتول مجددا بعد أن تواردت لها أنباء بحصول اثنين من المدانين بالقضية على الإفراج المشروط، قبل انقضاء مدة عقوبتهما.
تقول قناوي لموقع قناة "الحرة" إن المسألة وكأنها نتيجة "علاقات ونفوذ"، لا سيما وأن الإفراج المشروط قد شمل اثنين، ضابط شرطة ونجل عضو مجلس نواب، ولن يشمل المدان الثالث بالقضية، ولهذا أطلقت عريضة تناشد فيها عدم إطلاق سراح المتهمين الاثنين بقتل ابنها.
ولجأت قناوي لمناشدة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في منشور طويل عبر صفحتها بفيسبوك للمطالبة بما تصفه "الحفاظ على حق يوسف" الذي راح ضحية لعادة "سيئة جدا" لدى المجتمعات المصرية والعربية.
وقالت قناوي إنها ناشدت رئيس الجمهورية والنائب العام بعدم الإفراج المشروط لأنهما يملكان السلطة، في وقت لا يمكنها الطعن على هذا القرار قانونا.
وأوضحت: "قانونا لا يمكنني الطعن على مثل هذه القرار على اعتبار أن قرار تقديري متروك للجنة في مصلحة السجون ولا أملك سوى مناشدة سيادة الرئيس وسيادة النائب العام لحماية حقوقي".
وفي مناشدتها للرئيس المصري عبر فيسبوك، كتبت قناوي: "أطلب من سيادتكم أيها الرئيس التدخل ووقف هذا العبث فاستكمال عقوبتهم هي الضمانة لمستقبل تلك الفتاة التي كانت تخشى من مستقبل لا تسوده العدالة والمساواة والضمانة أنه من يرتكب تلك الجريمة مستهترا بأرواح البشر بحجة قبيحة سميت قتل خطأ فسوف ينال عقاب رادع حتى يخشى من تسول له نفسه بارتكاب نفس الجرم".
وأكد مصدر أمني بالشرطة المصرية لـ"الحرة"، اشترط عدم ذكر اسمه، صحة أنباء حصول المدانين على الإفراج الشرطي، دون مزيد من التوضيح، في حين لم ترد وزارة الخارجية عن استفسارت "الحرة" حول دوافع القرار.
أصل القصة
وتعود تفاصيل القصة، وفقا لقناوي، إلى يوم 18 مايو 2017، حيث كان الطفل يوسف العربي الذي يبلغ حينها 13 ربيعا قد تلقى رصاصة طائشة أطلقت من سلاح آلي بحفل زفاف على بعد كيلو ونصف بمدينة 6 أكتوبر.
وأضافت بنبرة يكسوها الحزن: "بعد إصابة يوسف برصاصة طائشة في الدماغ، بقي 12 يوما في غيبوبة قبل أن يتوفى، فيما تعرضت فتاة أخرى لإصابة طفيفة في البطن بسبب إطلاق النار في أحد حفلات الزفاف".
وتقول إنها ناضلت وخاضت معارك قانونية طاحنة قبل أن تحصل على حق يوسف في نهاية المطاف بسجن ثلاثة مدانين وتبرئة المتهم الرابع بعد أن ثبت استخدامه لسلاح الرصاص المطاطي (الخرطوش)، عقب هروب اثنين منهم.
وتابعت قناوي: "سنتان دون أن ينفذ الحكم الأول في اثنين من المتهمين وهما ضابط شرطة والآخر نجل عضو في البرلمان … عندما كنت أتحدث مع وزارة الداخلية شعرت بوجود تخاذل خاصة وأن أحد المتهمين ضابط يملك علاقات على اعتبار أن والده أيضا مدير أمن الفيوم".
ومضى في قولها: "ناضلت لحق ابني وصعدت القصة إعلاميا حتى باتت قضية رأي عام في مصر ثم أضربت عن الطعام لمدة 45 يوما وعندما حصلت القضية على زخم كبير تم القبض على المتهمين الفارين وتنفيذ الحكم بحقهما" في العام 2019 أي بعد عامين من الحادثة.
وقالت إنها كانت تهم في استكمال المعارك القانونية التي خاضتها برفعها لقضية تعويض قبل أن تتفاجئ بأن المتهمين الاثنين (الضابط ونجل عضو البرلمان) سيخرجون بإفراج مشروط، مردفة: "استكمالا لقضية التعويض ذهب المحامي الخاص بي لمصلحة السجون لمعرفة في أي سجن يتواجد به الاثنان لكنه بعد أن عرف بأنهما في سجن وادي النطرون أبلغ المحامي بأنهما سيخرجان بإفراج شرطي".
والإفراج المشروط أو الشرطي هو نظام قانوني يتضمن إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية مثل السجن، لكنه يأتي وفق اشتراطات معينة.
حملة توعوية
وقالت قناوي إن المتسببين بمقتل ابنها لم يكملا نصف المدة في السجن أساسا حتى يحصلوا على الإفراج المشروط، لافتة إلى أن هذا النوع من العفو لا يشملهما لعدة أسباب.
توضح قائلة: "لم يكملا نصف المدة حتى يحصلا على الإفراج الشرطي، ثم يجب أن لا يكون الحاصل على هذا النوع من العفو خطرا على الأمن العام، لكن ابن عضو البرلمان كرر ذات الممارسة خلال الانتخابات التكميلية التي فاز فيها عمه بدلا من والده المتوفي وهي ممارسة تمثل خطورة على حياة الناس".
وزادت: "الأمر الثالث يتمثل في عدم احترامهما للقانون ورجالات القضاء من خلال محاولتهما في التواصل مع الضحية الثانية وإقناعها بالإكراه لتغيير شهادتها وهذا يجعل منهما لا يستحقان هذا النوع من الإفراج".
وأشارت إلى أن خروجهما يهدم كل سنوات التعب التي خاضتها للحصول على حق ابنها الراحل، لافتة إلى أن مدة بقائهما في السجن لا تتساوى حتى مع سنوات نضالها بحثا عن حق يوسف، وفق قولها.
وقالت إن حبس اثنين من المدانين في قضية مقتل يوسف رسالة للمجتمع المصري بوقف "عادة إطلاق النار في الأفراح" التي تعد عادة سيئة كما تصفها قناوي، التي أسست حملة لإيقاف ذلك.
وتنتشر لدى كثير من المجتمعات المصرية والعربية ظاهرة إطلاق النار في الهواء خلال المناسبات الاحتفالية، لا سيما في حفلات الزفاف.
وختمت قناوي حديثها: "أسست حملة مجتمعية باسم "يو سيف" (you safe) لتوعية الناس بأضرار ظاهرة إطلاق النار الاحتفالية بعد مقتل يوسف. وأعمل ورشات توعوية للأطفال في كافة محافظات مصر. في الاتجاه ذاته، نأمل أن يغلط القانون العقوبات على ممارسي هذه العادة للحد منها وإيقافها، لأن الناس لن تردع إلا بالقانون الصارم. يوسف ليس أول ضحية ولن يكون الأخير لهذه العادة".
الحرة