زاوية ثالثة
الاستعراض الدوري الشامل: العالم يرى الحقيقة رغم محاولات التجميل
المراجعة الدورية الشاملة: انتقادات دولية ومخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر
انتقدت عدة دول ما يُعرف بـ”التدوير”، وهي الممارسة التي يتم فيها احتجاز السجناء بتهم جديدة فور انتهاء مدة سجنهم، مما يؤدي إلى احتجازهم لفترات غير محددة دون محاكمة جديدة عادلة.
مصر أمام الأمم المتحدة.. انتقادات دولية وردود حكومية
خضعت مصر، الثلاثاء الماضي، للمراجعة الدورية الشاملة (UPR) أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للمرة الرابعة تاريخيًا، بعد استعراضات سابقة أعوام 2010، 2014، و2019. وخلال الجلسة، واجهت القاهرة انتقادات واسعة النطاق من عدة دول ومنظمات دولية، تركزت حول قمع المعارضة، ظروف السجون، القيود على المجتمع المدني، والإخفاء القسري، إلى جانب مطالبات بإلغاء عقوبة الإعدام وتحسين أوضاع اللاجئين.
خلال الجلسة، انتقد السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، سيمون مانلي، استمرار اعتقال الصحفيين والنشطاء تعسفيًا، ووصف بقاء الناشط علاء عبد الفتاح في السجن، رغم انقضاء مدة عقوبته، بأنه “غير مقبول”. كما أعرب نائب الممثل الدائم للسويد، فريدريك نيفاوس، عن قلق بلاده إزاء ما وصفه بـ”تضييق الخناق على المجتمع المدني”، داعيًا إلى إنهاء القيود المفروضة على حظر السفر وتجميد الأموال.
من جانبها، انتقدت عدة دول ما يُعرف بـ”التدوير”، وهي الممارسة التي يتم فيها احتجاز السجناء بتهم جديدة فور انتهاء مدة سجنهم، مما يؤدي إلى احتجازهم لفترات غير محددة دون محاكمة جديدة عادلة.
تقرير حقوقي: تدهور مستمر في الحقوق والحريات
قبل انعقاد الجلسة الـ48 للمراجعة الدورية الشاملة، تقدمت 11 منظمة حقوقية مصرية بتقرير مشترك، أكدت فيه أن وضع حقوق الإنسان في مصر يزداد سوءًا، مشيرة إلى أن الحكومة لم تتجاوب بصدق مع توصيات الاستعراض الدوري السابق في 2019، مما أدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
واعتبر التقرير أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 لم تكن حرة أو نزيهة، ورأى أن إغلاق المجال العام أمام المعارضة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، يزيد من حدة التوتر السياسي والاجتماعي. كما أشار التقرير إلى استمرار أحكام الإعدام رغم التوصيات الأممية السابقة بتقليصها، مؤكدًا أن التشريعات المصرية ما زالت تسمح بالإعدام في 105 جرائم وفق قوانين العقوبات والقضاء العسكري ومكافحة المخدرات.
تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام رغم الالتزامات الدولية
وفقًا لبيانات المنظمات الحقوقية، شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في تنفيذ أحكام الإعدام خلال السنوات الأخيرة:
2020: تنفيذ 126 حكمًا بالإعدام، بينهم 25 متهمًا في قضايا عنف سياسي.
2021: تصدرت مصر قائمة الدول الأكثر إصدارًا لأحكام الإعدام، ونُفذ الحكم بحق 84 شخصًا.
2022: إصدار 538 حكمًا بالإعدام، وتأييد 39 حكمًا من قبل محكمة النقض والطعون العسكرية.
2023: إصدار 590 حكمًا بالإعدام، من بينها أحكام عسكرية بحق مدنيين، في ظل استمرار محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، رغم توصيات الأمم المتحدة بإنهائها.
الإخفاء القسري والتعذيب
اتهم التقرير السلطات المصرية باستمرار ممارسات الإخفاء القسري، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة بين أغسطس 2022 وأغسطس 2023 تم توثيق 821 حالة اختفاء جديدة، ليصل العدد الإجمالي للحالات الموثقة منذ 2015 إلى 4253 حالة. رغم أن مصر تلقت في 2019 سبع توصيات أممية حول إنهاء الإخفاء القسري، إلا أن الحكومة لم تلتزم سوى بثلاث توصيات منها.
كما سجل التقرير تزايد إضرابات السجناء عن الطعام ومحاولات الانتحار داخل السجون بسبب سوء المعاملة. ففي 2021، حاول بعض نزلاء سجن طرة شديد الحراسة الانتحار، كما حاول المدون محمد إبراهيم (أوكسجين) الانتحار في السجن نفسه. بينما تلقت منظمات حقوقية عام 2023 رسائل مسربة من سجناء سياسيين تؤكد تصاعد محاولات الانتحار بين المعتقلين بسبب سوء الأوضاع داخل السجون.
انتقادات لقوانين جديدة توسع صلاحيات الجيش
انتقد التقرير الحقوقي إقرار البرلمان المصري لقانون تأمين المرافق الحيوية (القانون 3 لسنة 2024)، معتبرًا أنه يوسع صلاحيات الجيش في اعتقال المدنيين ومحاكمتهم عسكريًا، ويجعل بعض الجرائم الاقتصادية مثل الاحتكار والتلاعب بأسعار السلع التموينية تحت الاختصاص العسكري. كما اتهم التقرير الحكومة باستغلال الحرب على الإرهاب منذ 2013 كذريعة لتمرير تشريعات قمعية.
حرية التعبير تحت الحصار
في 2019، تلقت مصر 29 توصية أممية لضمان حرية الرأي والتعبير، قبلت منها 18 توصية، إلا أن التقرير الحقوقي يتهم السلطات المصرية بالاستمرار في انتهاك هذه الحقوق عبر استخدام قانون التظاهر (107 لسنة 2013) وقانون التجمهر (10 لسنة 1914). كما أشار إلى أن البرلمان ألغى قانون التجمهر في 1928، لكنه لا يزال يُستخدم لقمع الاحتجاجات، ما يثير تساؤلات حول شفافية العملية التشريعية في مصر.
الحكومة المصرية ترد
في المقابل، رفض رئيس الوفد المصري، وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الانتقادات الموجهة لمصر، مؤكدًا أن الحكومة التزمت خلال السنوات الخمس الماضية بتنفيذ التوصيات المقبولة من الاستعراض السابق، في إطار استراتيجية وطنية لتعزيز حقوق الإنسان، وليس استجابة لأي ضغوط خارجية.
واستعرض عبد العاطي عدة خطوات قالت الحكومة إنها اتخذتها لتحسين سجلها الحقوقي، منها:
إلغاء حالة الطوارئ عام 2021.
تفعيل لجنة العفو الرئاسي للإفراج عن السجناء السياسيين.
إطلاق مبادرة الحوار الوطني لتوسيع المشاركة السياسية.
إقرار تعديلات قانونية جديدة، مثل مشروع قانون الإجراءات الجنائية وقانون العمل الأهلي، وغلق قضية التمويل الأجنبي.
تعزيز حرية العقيدة من خلال حماية دور العبادة وتجديد الخطاب الديني.
من المتوقع أن تصدر الأمم المتحدة تقريرًا نهائيًا حول مراجعة سجل مصر الحقوقي خلال الأشهر القادمة، ليحدد مدى التزام القاهرة بالتوصيات الأممية السابقة، وسط مطالبات حقوقية بإجراءات أكثر فاعلية لوقف الانتهاكات وضمان الحريات الأساسية.
وكانت الحكومة المصرية قد تقدمت في أكتوبر الماضي بتقريرها الوطني لآلية مجلس حقوق الإنسان الدولي التي تخضع لها مصر للمرة الرابعة منذ الاستعراض الأول عام 2010، ويصف عمرو عبد الرحمن، مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في تصريحات إلى زاوية ثالثة، التقرير بمثابة الواقع الموازي، إذ يفترض أن تناقش المراجعة الدورية الشاملة التزامات الدولة باتفاقيات وقعت عليها مثل: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية سيداو لمكافحة التمييز، واتفاقية حقوق الطفل، إلا أن الحكومة المصرية بدلًا من ذلك تضع جهود التنمية والإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية والدعم، ضمن التقرير، مضيفًا أن الحكومة كانت قد ألزمت نفسها بتعهدات ضمن اتفاقيات وقعت عليها لكنها لم تلتزم بها، وأبرزها: المادة 19 من العهد الدولي، المتعلقة بحق المواطن في الوصول للمعلومات والتعبير عن رأيه، لكنها لم تقر قانون تداول المعلومات حتى الآن ولازال هناك صحفيون وكُتاب يتعرضون للحبس بسبب آرائهم.
ويشير مدير وحدة الحريات المدنية إلى أن تقرير الحكومة تضمن مغالطات؛ إذ يذكر حالات الإفراج عن السجناء دون توضيح آلية الإفراج عن المعتقلين وذكر الاحتجاجات على العدوان على غزة كدليل على حرية التظاهر، رغم وجود معتقلين على خلفية المشاركة فيها، مضيفًا أن مصر تعهدت في مراجعة 2019 بتنفيذ نحو 70% من التوصيات، أبرزها: تعديل قانون الإرهاب، وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يضمن حقوق المرأة، وتعديل القانون المنظم للإعلام بضمان عدم فرض قيود على وسائل الإعلام، وإقرار قانوني حرية تداول المعلومات، ومكافحة التمييز، إلا أن تلك التعهدات لم يتم تنفيذها على أرض الواقع، وأن ما تم هو تحسن طفيف في ملف الإفراج عن المعتقلين، رغم اعتقال غيرهم، كما حدث تحسن طفيف في الأجور بعد إقرار الحد الأدنى للأجور، ولكن ابتلعه التضخم، لافتًا إلى أن مسودات مشاريع قوانين الإجراءات الجنائية والعمل والأحوال الشخصية تعد أسوأ من القوانين السابقة لها.
ويوضح المحامي الحقوقي، مالك عدلي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى زاوية ثالثة، أن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان هي آلية ضرورية، إلا أنها تأتي هذه المرة في ظل سياق دولي وإقليمي سيء؛ إذ أخلت معظم الدول التي تتزعم الدفاع عن لواء الحقوق والحريات في العالم، بتعهداتها في قضية فلسطين، وهو ما يفتح الباب أمام المزايدات الحقوقية بين الدول، مؤكدًا أن المنظمات الحقوقية في مصر قامت بدورها المتمثل في رصد الانتهاكات وعرضها، وأبرزها: غياب حرية التعبير واستخدام الحبس الاحتياطي بشكل ممنهج، في وقت تسوء فيه الأوضاع السياسية والاجتماعية، راجيًا أن تكلل تلك الجهود بالنجاح.
الانتخابات الرئاسية المصرية 2024: اتهامات بالتضييق على المنافسين
في سياق المراجعة الحقوقية، اعتبرت منظمات حقوقية أن الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2024 جرت في ظل مناخ سياسي شهد اعتقال عدد من المنافسين السياسيين، إضافة إلى ملاحقة صحفيين وناشطين. وذكرت التقارير أن السلطات استهدفت المرشح أحمد الطنطاوي، حيث تم توقيف 194 من أعضاء حملته، وضم عدد من أنصاره إلى القضية رقم (16336 لسنة 2023) المعروفة باسم “قضية التوكيلات الشعبية”، والتي شملت الطنطاوي ومدير حملته محمد أبو الديار.
في 6 فبراير 2024، أصدرت محكمة جنح المطرية حكمًا بحبس الطنطاوي وأبو الديار لمدة عام، وفي 27 مايو، أيّدت محكمة الاستئناف الحكم، ليتم تنفيذ العقوبة بحق الطنطاوي فور صدور القرار.
حرية الإعلام: تقييد مستمر وتوسع في الحجب
أشار التقرير الحقوقي إلى استمرار التراجع في حرية الصحافة، حيث وثّق احتجاز أو اعتقال 32 صحفيًا على الأقل خلال الفترة من 2019 وحتى نهاية 2023، إضافةً إلى استمرار احتجاز آخرين والتضييق على أسرهم. كما أفاد التقرير بأن نحو 630 موقعًا إلكترونيًا، من بينها مواقع صحفية ومنصات حقوقية، تعرّضت للحجب منذ عام 2017.
كما أشار التقرير إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام (رقم 180 لسنة 2018)، التي صدرت في 16 فبراير 2020، فرضت إجراءات إدارية مشددة على الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث يُمنع إنشاء أو تشغيل أي موقع إلكتروني داخل مصر أو خارجه دون ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي يملك أيضًا صلاحيات موسعة لحجب المواقع دون الرجوع إلى القضاء، وفقًا لنص القانون.
استهدافات خارج الحدود وقيود على الحقوقيين
ذكر التقرير أن مصر تلقت في الدورات الثلاث السابقة للمراجعة الدورية الشاملة 31 توصية أممية تدعو إلى رفع القيود عن عمل الحقوقيين، وضمان عدم ملاحقتهم قضائيًا أو استهدافهم بالممارسات الانتقامية. إلا أن قانون الجمعيات الأهلية (رقم 149 لسنة 2019) منح السلطات صلاحيات واسعة في الإشراف على عمل المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك التدخل في تشكيل مجالس إداراتها، والتحكم في أنشطتها وتمويلها، فضلًا عن منع إجراء استطلاعات الرأي والدراسات الميدانية دون موافقة مسبقة.
كما أشار التقرير إلى استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في ملاحقة الحقوقيين داخل مصر، فضلًا عن استمرار التضييق على النشطاء المصريين في الخارج. ووثّق التقرير حالات حُرم فيها معارضون سياسيون وحقوقيون يعيشون خارج مصر من تجديد وثائقهم الرسمية، مما أثر على قدرتهم على السفر والعمل والإقامة القانونية، إضافة إلى حرمانهم من الخدمات الطبية والتعليمية الأساسية.
العالم يرى الحقيقة رغم محاولات التجميل
دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة إلى التخلي عن محاولات الدعاية والإنكار، والاعتراف بالأزمة الحقوقية بدلًا من الترويج لاستراتيجيات ورقية لا تعكس الواقع.
وأكدت المبادرة في تقرير توصيات نشرته اليوم 31 يناير، ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وإنهاء ممارسات “التدوير” التي تُستخدم لإطالة فترات الاحتجاز التعسفي. كما طالبت بوقف التعذيب والإخفاء القسري، والانضمام إلى البروتوكولات الدولية التي تضمن مراقبة أوضاع السجون.
وأشارت التوصيات إلى أهمية استقلال القضاء، وضمان نزاهة المحاكمات بعيدًا عن التدخلات الأمنية، مع تعديل القوانين المقيدة لحرية الصحافة والمجتمع المدني، ووقف استخدام قوانين الإرهاب كأداة لقمع المعارضين.
وفي ملف الحقوق الأساسية، دعت المبادرة إلى إصدار قانون شامل لمكافحة العنف ضد النساء، وإصلاح قوانين الأحوال الشخصية لضمان المساواة، بالإضافة إلى تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها. كما شددت على ضرورة حماية حقوق اللاجئين، ووقف إعادتهم قسرًا بالمخالفة للمواثيق الدولية.
وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكدت المبادرة أن تحسين مستوى معيشة المواطنين يجب أن يكون أولوية، مع زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي. كما انتقدت ضعف استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان، داعيةً إلى إصلاحه ليؤدي دوره الرقابي بفاعلية.
واختتمت المبادرة تعليقها بالتأكيد على أن “تحسين صورة مصر دوليًا لن يتحقق إلا بتغيير الواقع الحقوقي”، معتبرةً أن التزامات الحكومة تجاه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان يجب أن تُترجم إلى إجراءات حقيقية، وليس مجرد وعود بلا تنفيذ.
تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام رغم الالتزامات الدولية
وفقًا لبيانات المنظمات الحقوقية، شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في تنفيذ أحكام الإعدام خلال السنوات الأخيرة:
2020: تنفيذ 126 حكمًا بالإعدام، بينهم 25 متهمًا في قضايا عنف سياسي.
2021: تصدرت مصر قائمة الدول الأكثر إصدارًا لأحكام الإعدام، ونُفذ الحكم بحق 84 شخصًا.
2022: إصدار 538 حكمًا بالإعدام، وتأييد 39 حكمًا من قبل محكمة النقض والطعون العسكرية.
2023: إصدار 590 حكمًا بالإعدام، من بينها أحكام عسكرية بحق مدنيين، في ظل استمرار محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، رغم توصيات الأمم المتحدة بإنهائها.
الإخفاء القسري والتعذيب
اتهم التقرير السلطات المصرية باستمرار ممارسات الإخفاء القسري، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة بين أغسطس 2022 وأغسطس 2023 تم توثيق 821 حالة اختفاء جديدة، ليصل العدد الإجمالي للحالات الموثقة منذ 2015 إلى 4253 حالة. رغم أن مصر تلقت في 2019 سبع توصيات أممية حول إنهاء الإخفاء القسري، إلا أن الحكومة لم تلتزم سوى بثلاث توصيات منها.
كما سجل التقرير تزايد إضرابات السجناء عن الطعام ومحاولات الانتحار داخل السجون بسبب سوء المعاملة. ففي 2021، حاول بعض نزلاء سجن طرة شديد الحراسة الانتحار، كما حاول المدون محمد إبراهيم (أوكسجين) الانتحار في السجن نفسه. بينما تلقت منظمات حقوقية عام 2023 رسائل مسربة من سجناء سياسيين تؤكد تصاعد محاولات الانتحار بين المعتقلين بسبب سوء الأوضاع داخل السجون.
انتقادات لقوانين جديدة توسع صلاحيات الجيش
انتقد التقرير الحقوقي إقرار البرلمان المصري لقانون تأمين المرافق الحيوية (القانون 3 لسنة 2024)، معتبرًا أنه يوسع صلاحيات الجيش في اعتقال المدنيين ومحاكمتهم عسكريًا، ويجعل بعض الجرائم الاقتصادية مثل الاحتكار والتلاعب بأسعار السلع التموينية تحت الاختصاص العسكري. كما اتهم التقرير الحكومة باستغلال الحرب على الإرهاب منذ 2013 كذريعة لتمرير تشريعات قمعية.
حرية التعبير تحت الحصار
في 2019، تلقت مصر 29 توصية أممية لضمان حرية الرأي والتعبير، قبلت منها 18 توصية، إلا أن التقرير الحقوقي يتهم السلطات المصرية بالاستمرار في انتهاك هذه الحقوق عبر استخدام قانون التظاهر (107 لسنة 2013) وقانون التجمهر (10 لسنة 1914). كما أشار إلى أن البرلمان ألغى قانون التجمهر في 1928، لكنه لا يزال يُستخدم لقمع الاحتجاجات، ما يثير تساؤلات حول شفافية العملية التشريعية في مصر.
الحكومة المصرية ترد
في المقابل، رفض رئيس الوفد المصري، وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الانتقادات الموجهة لمصر، مؤكدًا أن الحكومة التزمت خلال السنوات الخمس الماضية بتنفيذ التوصيات المقبولة من الاستعراض السابق، في إطار استراتيجية وطنية لتعزيز حقوق الإنسان، وليس استجابة لأي ضغوط خارجية.
واستعرض عبد العاطي عدة خطوات قالت الحكومة إنها اتخذتها لتحسين سجلها الحقوقي، منها:
إلغاء حالة الطوارئ عام 2021.
تفعيل لجنة العفو الرئاسي للإفراج عن السجناء السياسيين.
إطلاق مبادرة الحوار الوطني لتوسيع المشاركة السياسية.
إقرار تعديلات قانونية جديدة، مثل مشروع قانون الإجراءات الجنائية وقانون العمل الأهلي، وغلق قضية التمويل الأجنبي.
تعزيز حرية العقيدة من خلال حماية دور العبادة وتجديد الخطاب الديني.
من المتوقع أن تصدر الأمم المتحدة تقريرًا نهائيًا حول مراجعة سجل مصر الحقوقي خلال الأشهر القادمة، ليحدد مدى التزام القاهرة بالتوصيات الأممية السابقة، وسط مطالبات حقوقية بإجراءات أكثر فاعلية لوقف الانتهاكات وضمان الحريات الأساسية.
وكانت الحكومة المصرية قد تقدمت في أكتوبر الماضي بتقريرها الوطني لآلية مجلس حقوق الإنسان الدولي التي تخضع لها مصر للمرة الرابعة منذ الاستعراض الأول عام 2010، ويصف عمرو عبد الرحمن، مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في تصريحات إلى زاوية ثالثة، التقرير بمثابة الواقع الموازي، إذ يفترض أن تناقش المراجعة الدورية الشاملة التزامات الدولة باتفاقيات وقعت عليها مثل: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية سيداو لمكافحة التمييز، واتفاقية حقوق الطفل، إلا أن الحكومة المصرية بدلًا من ذلك تضع جهود التنمية والإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية والدعم، ضمن التقرير، مضيفًا أن الحكومة كانت قد ألزمت نفسها بتعهدات ضمن اتفاقيات وقعت عليها لكنها لم تلتزم بها، وأبرزها: المادة 19 من العهد الدولي، المتعلقة بحق المواطن في الوصول للمعلومات والتعبير عن رأيه، لكنها لم تقر قانون تداول المعلومات حتى الآن ولازال هناك صحفيون وكُتاب يتعرضون للحبس بسبب آرائهم.
ويشير مدير وحدة الحريات المدنية إلى أن تقرير الحكومة تضمن مغالطات؛ إذ يذكر حالات الإفراج عن السجناء دون توضيح آلية الإفراج عن المعتقلين وذكر الاحتجاجات على العدوان على غزة كدليل على حرية التظاهر، رغم وجود معتقلين على خلفية المشاركة فيها، مضيفًا أن مصر تعهدت في مراجعة 2019 بتنفيذ نحو 70% من التوصيات، أبرزها: تعديل قانون الإرهاب، وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يضمن حقوق المرأة، وتعديل القانون المنظم للإعلام بضمان عدم فرض قيود على وسائل الإعلام، وإقرار قانوني حرية تداول المعلومات، ومكافحة التمييز، إلا أن تلك التعهدات لم يتم تنفيذها على أرض الواقع، وأن ما تم هو تحسن طفيف في ملف الإفراج عن المعتقلين، رغم اعتقال غيرهم، كما حدث تحسن طفيف في الأجور بعد إقرار الحد الأدنى للأجور، ولكن ابتلعه التضخم، لافتًا إلى أن مسودات مشاريع قوانين الإجراءات الجنائية والعمل والأحوال الشخصية تعد أسوأ من القوانين السابقة لها.
ويوضح المحامي الحقوقي، مالك عدلي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى زاوية ثالثة، أن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان هي آلية ضرورية، إلا أنها تأتي هذه المرة في ظل سياق دولي وإقليمي سيء؛ إذ أخلت معظم الدول التي تتزعم الدفاع عن لواء الحقوق والحريات في العالم، بتعهداتها في قضية فلسطين، وهو ما يفتح الباب أمام المزايدات الحقوقية بين الدول، مؤكدًا أن المنظمات الحقوقية في مصر قامت بدورها المتمثل في رصد الانتهاكات وعرضها، وأبرزها: غياب حرية التعبير واستخدام الحبس الاحتياطي بشكل ممنهج، في وقت تسوء فيه الأوضاع السياسية والاجتماعية، راجيًا أن تكلل تلك الجهود بالنجاح.
الانتخابات الرئاسية المصرية 2024: اتهامات بالتضييق على المنافسين
في سياق المراجعة الحقوقية، اعتبرت منظمات حقوقية أن الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2024 جرت في ظل مناخ سياسي شهد اعتقال عدد من المنافسين السياسيين، إضافة إلى ملاحقة صحفيين وناشطين. وذكرت التقارير أن السلطات استهدفت المرشح أحمد الطنطاوي، حيث تم توقيف 194 من أعضاء حملته، وضم عدد من أنصاره إلى القضية رقم (16336 لسنة 2023) المعروفة باسم “قضية التوكيلات الشعبية”، والتي شملت الطنطاوي ومدير حملته محمد أبو الديار.
في 6 فبراير 2024، أصدرت محكمة جنح المطرية حكمًا بحبس الطنطاوي وأبو الديار لمدة عام، وفي 27 مايو، أيّدت محكمة الاستئناف الحكم، ليتم تنفيذ العقوبة بحق الطنطاوي فور صدور القرار.
حرية الإعلام: تقييد مستمر وتوسع في الحجب
أشار التقرير الحقوقي إلى استمرار التراجع في حرية الصحافة، حيث وثّق احتجاز أو اعتقال 32 صحفيًا على الأقل خلال الفترة من 2019 وحتى نهاية 2023، إضافةً إلى استمرار احتجاز آخرين والتضييق على أسرهم. كما أفاد التقرير بأن نحو 630 موقعًا إلكترونيًا، من بينها مواقع صحفية ومنصات حقوقية، تعرّضت للحجب منذ عام 2017.
كما أشار التقرير إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام (رقم 180 لسنة 2018)، التي صدرت في 16 فبراير 2020، فرضت إجراءات إدارية مشددة على الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث يُمنع إنشاء أو تشغيل أي موقع إلكتروني داخل مصر أو خارجه دون ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي يملك أيضًا صلاحيات موسعة لحجب المواقع دون الرجوع إلى القضاء، وفقًا لنص القانون.
استهدافات خارج الحدود وقيود على الحقوقيين
ذكر التقرير أن مصر تلقت في الدورات الثلاث السابقة للمراجعة الدورية الشاملة 31 توصية أممية تدعو إلى رفع القيود عن عمل الحقوقيين، وضمان عدم ملاحقتهم قضائيًا أو استهدافهم بالممارسات الانتقامية. إلا أن قانون الجمعيات الأهلية (رقم 149 لسنة 2019) منح السلطات صلاحيات واسعة في الإشراف على عمل المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك التدخل في تشكيل مجالس إداراتها، والتحكم في أنشطتها وتمويلها، فضلًا عن منع إجراء استطلاعات الرأي والدراسات الميدانية دون موافقة مسبقة.
كما أشار التقرير إلى استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في ملاحقة الحقوقيين داخل مصر، فضلًا عن استمرار التضييق على النشطاء المصريين في الخارج. ووثّق التقرير حالات حُرم فيها معارضون سياسيون وحقوقيون يعيشون خارج مصر من تجديد وثائقهم الرسمية، مما أثر على قدرتهم على السفر والعمل والإقامة القانونية، إضافة إلى حرمانهم من الخدمات الطبية والتعليمية الأساسية.
العالم يرى الحقيقة رغم محاولات التجميل
دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة إلى التخلي عن محاولات الدعاية والإنكار، والاعتراف بالأزمة الحقوقية بدلًا من الترويج لاستراتيجيات ورقية لا تعكس الواقع.
وأكدت المبادرة في تقرير توصيات نشرته اليوم 31 يناير، ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وإنهاء ممارسات “التدوير” التي تُستخدم لإطالة فترات الاحتجاز التعسفي. كما طالبت بوقف التعذيب والإخفاء القسري، والانضمام إلى البروتوكولات الدولية التي تضمن مراقبة أوضاع السجون.
وأشارت التوصيات إلى أهمية استقلال القضاء، وضمان نزاهة المحاكمات بعيدًا عن التدخلات الأمنية، مع تعديل القوانين المقيدة لحرية الصحافة والمجتمع المدني، ووقف استخدام قوانين الإرهاب كأداة لقمع المعارضين.
وفي ملف الحقوق الأساسية، دعت المبادرة إلى إصدار قانون شامل لمكافحة العنف ضد النساء، وإصلاح قوانين الأحوال الشخصية لضمان المساواة، بالإضافة إلى تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها. كما شددت على ضرورة حماية حقوق اللاجئين، ووقف إعادتهم قسرًا بالمخالفة للمواثيق الدولية.
وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكدت المبادرة أن تحسين مستوى معيشة المواطنين يجب أن يكون أولوية، مع زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي. كما انتقدت ضعف استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان، داعيةً إلى إصلاحه ليؤدي دوره الرقابي بفاعلية.
واختتمت المبادرة تعليقها بالتأكيد على أن “تحسين صورة مصر دوليًا لن يتحقق إلا بتغيير الواقع الحقوقي”، معتبرةً أن التزامات الحكومة تجاه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان يجب أن تُترجم إلى إجراءات حقيقية، وليس مجرد وعود بلا تنفيذ.
شمال سيناء
منذ بداية النزاع المسلح بين قوات الأمن وتنظيم ولاية سيناء بين عامي 2014 و 2021، بلغ عدد الضحايا المدنيين في شمال سيناء 1836 شخصًا، و2915 مصاب، وخلال2020، قُتل 9 مدنيين على يد قوات الأمن، و7 على الأقل في2021، وانطوت العمليات العسكرية التي شنتها قوات الأمن على عقاب جماعي بحق سكان مدن شمال سيناء، بما في ذلك اعتقالات تعسفية، وإخفاء قسري، وتعذيب، وقتل خارج نطاق القانون، وتهجير قسري لآلاف السكان فضلًا عن هدم آلاف المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، ومنذ منتصف 2015، بدأت بعض القبائل الموالية للقوات المسلحة في سيناء تشكيل ميليشيات لدعم السلطات في حربها على تنظيم ولاية سيناء، ومنذ يوليو 2020 بدأ الجيش المصري في التسليح والتدريب العسكري المنتظم لبعض هذه المليشيات الموالية للحكومة، بحسب التقرير.
ووثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تدمير وإغلاق القوات المسلحة لـ 21 منشأة صحية أثناء الاشتباكات مع الجماعات المسلحة، وبين عامي 2013 – 2022 تورط الجيش في منطقة شمال سيناء في تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، ما يعد على الأرجح جريمة حرب، كما كلفت أطفال مجندين (بين 15- 18 عامًا) بمهام في مواجهة عناصر تنظيم ولاية سيناء، الذين طاردوا هؤلاء الأطفال وقتلوهم فيما بعد.
الحقوق والحريات
قالت منظمة العفو الدولية، في بيان لها، إن السلطات شرعت في حملة قمع ضد المعارضة السلمية، من خلال عمليات الاحتجاز التعسفية والتحقيقات الجنائية ذات الدوافع السياسية، مشيرة إلى أنه في يناير وحده، كثفت استهدافها للعديد من المنتقدين؛ إذ فتحت تحقيقًا جنائيًا ضد المدافع عن حقوق الإنسان حسام بهجت، في حين علم السياسي والناشر المعارض البارز هشام قاسم بفتح تحقيق جنائي ضده، وألقي القبض على ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير المحتجز أشرف عمر على خلفية مقابلة أجرتها مع الصحفي أحمد سراج، الذي اعتقل في اليوم السابق 15 يناير، على خلفية المقابلة نفسها، لكنها خرجت بكفالة خمسة آلاف جنيه. كما ألقي القبض على المؤثر على تيك توك محمد علام، المعروف باسم ريفالدو، بسبب مقاطع فيديو تنتقد الرئيس
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، نيابة أمن الدولة العليا، بإخلاء سبيل أحمد سراج، وقد وجهت له ثلاثة اتهامات: الانضمام لجماعة إرهابية، وتمويلها، ونشر وإشاعة أخبار كاذبة، واستخدام موقع ذات مصر لترويج أفكار هذه الجماعة، وقررت النيابة حبسه احتياطيًا لمدة 15 يومًا،على ذمة القضية رقم 7 لسنة 2025.
وأصدرت 28 منظمة حقوقية في مصر، بيانًا، أعربت خلاله عن قلقها إزاء انقطاع الاتصال بالشاعر عبدالرحمن يوسف القرضاوي منذ 8 يناير 2025، عقب صعوده على متن طائرة خاصة متجهة إلى أبوظبي، معتبرة أن الخطوة سابقة قانونية خطيرة، واستغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، داعية السلطات الإماراتية إلى الكشف الفوري عن مكان وظروف احتجاز ه. وكانت أكثر من 550 شخصية عامة، وكيانات حقوقية، وحزبية قد وقعوا على عريضة، للمطالبة بالإفراج الفوري عنه.
في حين قامت نيابة أمن الدولة العليا، في 20 يناير، بمباشرة التحقيقات مع محمد علام، الشهير بـ”ريفالدوا”، وشهدت عملية الاعتقال اقتحامًا عنيفًا للمنزل، بحسب ما وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ووُجِّهت له اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون، والتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
في 13 يناير الجاري، وافق مجلس النواب على التعديلات المطروحة على المادة رقم 79 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه: “يجوز لعضو النيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي الجزئي، أن يصدر أمرًا بضبط جميع الخطابات، والرسائل، والبرقيات، والجرائد والمطبوعات، والطرود، وأن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف أو الأجهزة أو أية وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.”
لقراءة تقرير زاوية ثالثة حول مراقبة الاتصالات: قانون مراقبة الاتصالات في مصر: أداة للأمن أم سيف على الخصوصية؟
وانتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قرار مجلس الوزراء بترسيخ تدريبات الأكاديمية العسكرية في اختبارات المعلمين، معتبرة أن القرار الجديد على تعديلات عام 2022 التي فتحت بابًا لشرعنة التدخل غير الدستوري للأكاديمية العسكرية في قرارات تعيين المعلمين والمعلمات ممن اجتازوا الاختبارات القانونية.
وبالتزامن أعربت ثماني منظمات حقوقية، عن قلقها إزاء الاستخدام المنهجي والواسع النطاق للتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة والظروف المروعة في مقار الاحتجاز في مصر.
أوضاع السجون
وثقت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان دخول عدد من المحتجزين احتياطيًا بمركز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان 6، في إضراب عن الطعام بدأ في 9 يناير الجاري، للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين احتياطيًا، وإعادة مدة الزيارة إلى ساعة كاملة، والسماح بالخروج للتريض يوميًا تحت أشعة الشمس، فتح تحقيق في الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجن، وعزل ضابط الأمن الوطني المسؤول عن السجن.
وأعلنت زوجة الناشط السياسي، محمد عادل، في 2 يناير، عن نقله إلى سجن العاشر 4، وقد تعرض خلال الـ11 عامًا الأخيرة لأشكال متنوعة من تقييد الحرية، إما بدعوى حبسه احتياطيًا، أو بإخضاعه للمراقبة الشرطية 12 ساعة يوميًا أو تنفيذه أحكامًا ضده بتهم سياسية، والتدوير على ذمة أكثر من قضية باتهامات مشابهة.
ونقلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان استغاثة كريم عبد العزيز ، الذي خرج من السجن حديثًا، ويقوم بأداء المراقبة المفروضة عليه لمدة سنتين في قسم شرطة الجمرك بالإسكندرية، ويتهم ضابط من مباحث القسم بالتنكيل به وبأسرته، وتهديده بتلفيق قضايا جديدة له وإعادته للسجن إذا لم يعمل مرشدًا له.
الحبس الاحتياطي
أعلن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن محكمة جنايات القاهرة، قررت في 21 يناير 2025، تجديد حبس محمد حامد عبدالغفار، 45 يوما على ذمة القضية رقم 4092 لسنة 2024 حصر أمن دولة، على خلفية كتابته منشورات بشأن فلسطين عبر حسابه على “فيسبوك”.
وقررت محكمة جنايات القاهرة، في 13 يناير 2025، تجديد حبس أحمد هشام شاهين المعروف بلقب بـ”بحار”، أحد أعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك، المحبوس احتياطيا منذ يوليو 2020، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية الشهيرة رقم 65 لسنة 2021 حصر أمن دولة.
وجددت محكمة جنايات القاهرة، في 13 يناير 2025، حبس نورهان السيد أحمد دراز، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 3528 لسنة 2024، بسبب منشور على حسابها بموقع “فيسبوك” انتقدت فيه الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في الفترة من 12: 19 يناير 2025، تجديد حبس الصحفي بجريدة البوابة كريم إبراهيم، المحبوس على ذمة تحقيقات القضية رقم 569 لسنة 2020 (حصر أمن دولة عليا)، ونائب رئيس حزب مصر القوية، محمد القصاص، على ذمة قضيته الثالثة رقم 786 لسنة 2020 حصر أمن دولة، وتجديد حبس معتز بالله حسب النبي، على ذمة التحقيقات على خلفية نشر منشورات على موقع فيسبوك، ليتجاوز بذلك عامه الثالث في الحبس الاحتياطي، وكذلك تجديد حبس الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، أحمد التهامي، على ذمة تحقيقات القضية رقم 649 لسنة 2020 (حصر أمن الدولة العليا)، وقررت محكمة جنايات القاهرة تجديد حبس 3 متهمين، لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات، وهم: الصحفي خالد ممدوح على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، محمد محمود صبري إسماعيل، على ذمة تحقيقات القضية رقم 95 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، كما قررت جنايات القاهرة تجديد حبس 3 متهمين، لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات، على خلفية منشورات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم: محمد يوسف محمد إبراهيم، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 4092 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، على خلفية قيامهم، وإيهاب حلمي أمين حسين، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 4092 لسنة 2024 (حصر أمن دولة عليا)، والذي قبض عليه من منزله بتاريخ 28 أغسطس 2024، المقاول عبد الرحمن محمد علواني، على ذمة تحقيقات القضية رقم 1635 لسنة 2022 (حصر أمن دولة عليا).
وجددت الجنايات حبس المواطن ياسر شاهين على خلفية منشورات على فيسبوك ينتقد فيها موقف مصر من دعم القضية الفلسطينية، وجددت حبس أسماء زكريا، بسبب منشورات على فيسبوك حول انقطاع الكهرباء، وجددت حبس محمود أبو سريع، 45 يومًا، وجددت المحكمة حبس أحمد عباس 45 يومًا على ذمة التحقيقات على خلفية منشورات على فيسبوك تقارن أسعار السلع والخدمات بين 2013 و 2024، فيما جددت محكمة الجنايات حبس أحمد عرابي أحد مصابي الثورة، وتجدد أيضا حبس الشاعر جلال البحيري متجاوزا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في قضيته الثالثة منذ اعتقاله بسبب كلمات أغنية “بلحة” للمطرب رامي عصام.
وقررت محكمة جنح مستأنف دكرنس، في 12 يناير 2025، إخلاء سبيل خمسة متهمين، على خلفية مشاركتهم في وقفة احتجاجية عقب حادث المطرية في محافظة الدقهلية، بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه، واستأنفت النيابة على القرار، بعد اتهامهم بـ”التحريض على تجمهر الغرض منه الاعتداء على الأشخاص، والممتلكات العامة العامة والخاصة، والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم، وحمل الحجارة لتعطيل الحركة المرورية”، وذلك على ذمة المحضر 7711 لسنة 2024 جنح المطرية – الدقهلية.
جنازات جماعية
قالت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إن محكمة فيما الجنايات (غرفة المشورة)، المنعقدة في مجمع محاكم بدر، نظرت في 21 يناير 2025، تجديد حبس 64 من المتهمين في القضية رقم 1973 حصر أمن دولة عليا لسنة 2023، وقررت استمرار حبسهم لمدة 45 يومًا، مضيفة أن المحكمة العسكرية بالإسماعيلية أصدرت في يناير الجاري، قرارًا بتأجيل النظر في قضيتين تتعلقان بخمسة مدنيين متهمين بمخالفة تعليمات الصيد في بحيرة البردويل، في إطار قضيتين منفصلتين، الأولى تحمل رقم 5 لسنة 2025، أما القضية الثانية تحمل رقم 6 لسنة 2025.
أوضاع اللاجئين
أشار تقرير المنظمات الحقوقية الـ11 في إطار المراجعة الدورية لحقوق الإنسان، إلى رصد المفوضية المصرية حالات اعتقال واحتجاز للاجئين من أقلية الإيجور الصينية والأقليات الأفغانية، وتصدت لمحاولات ترحيلهم أو إعادتهم قسرًا لبلادهم، فضلًا عن احتجاز طالبي اللجوء القادمين من أماكن النزاع عبر الحدود المصرية، والاعتقال التعسفي للاجئين سودانيين وسوريين وجنسيات أخرى، ففي 2020 شنت السلطات حملة اعتقالات لعدد من اللاجئين أعقاب مقتل طفل سوداني بالقاهرة، وواجه المعتقلون التهديد بالترحيل ونقص الرعاية الطبية في أماكن احتجاز غير مناسبة، وفي يونيو 2024 وثقت منظمة العفو الدولية حملة اعتقالات جماعية وإعادة قسرية للاجئين سودانيين؛ إذ رحلت السلطات المصرية 800 محتجز سوداني قسرًا في الربع الأول من 2024 دون السماح لهم بطلب اللجوء أو التواصل مع مفوضية اللاجئين، أو الطعن على قرارات ترحيلهم.
وذكر التقرير أن المفوضية المصرية وثقت تعرض العديد من طالبي اللجوء من النساء للتحرش الجنسي ومحاولات الاغتصاب دون فتح تحقيقات جادة، وبعد بدء الحرب على غزة، 7 أكتوبر 2023، باتت مصر لا تستقبل سوى أعداد محدودة من اللاجئين الفلسطينيين، معظمهم بحاجة للعلاج، وقد فرضت عليهم السلطات ما يشبه الإقامة الجبرية، ومنعت تواصلهم مع الصحافة، بالإضافة لحالات عديدة كانت في مصر مسبقًا للدراسة أو الزيارة أو العلاج، ولم يتمكنوا من العودة بسبب الحرب وانتهت إقامتهم، ولم يسمح لأسرهم بدخول مصر، وأشار بعضهم إلى أن السلطات المصرية فرضت مبالغ مالية كبيرة بالدولار عليهم.
فيما تقدمت منصة الهجرة وحقوق الإنسان ومنصة اللاجئين في مصر، بتقرير مشترك إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يسلط الضوء على التحديات والانتهاكات التي ترتكب ضد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في مصر بين عامي 2019 و2024.
وفي سياق متصل انتقدت منصة اللاجئين في مصر، استبعاد المجتمع المدني ومجتمعات اللاجئين من مناقشات مشروع قانون تنظيم أوضاع اللاجئين، الذي أعلنت السلطات المصرية عنه في 7 يونيو 2023، لافتة إلى أن مصر تفتقر إلى تشريع شامل لتنظيم شؤون اللاجئين، كما ذكرت المنصة أن السلطات اعتقلت الناشط الإعلامي السوري ليث فارس الزعبي، عقب مداهمة شقته السكنية في منطقة الغردقة، ومنعه من التواصل مع عائلته منذ توقيفه، بعدما ظهر في 22 ديسمبر الماضي في مقطع فيديو يوثّق مقابلة أجراها مع القنصل السوري في القاهرة، بشار الأسعد، وكان قد انتشر تعميم صادر عن سلطة الطيران المدني المصري موجه إلى شركات الطيران ووكلائها العاملين في مصر، يقضي بعدم السماح للركاب السوريين القادمين إلى البلاد بالصعود على متن الطائرات المتجهة إلى مصر من دون حصولهم مسبقًا على تأشيرة دخول صادرة عن السفارات المصرية في الخارج.
من جهته كشف نور خليل، الناشط الحقوقي في قضايا الهجرة وحقوق اللاجئين، مدير منصة اللاجئين في مصر، عن وقوع عمليات توقيفات واحتجاز للاجئين الأفارقة على مستوى الجمهورية، لم تشهدها قبل، منهم نساء وأطفال، قبل أيام من جلسة مصر في الاستعراض الدوري الشامل، لافتًا، في تدوينة له، إلى أن اللاجئين السودانيين الذين تم الإبلاغ عنهم في الأيام الأخيرة تعرض معظمهم للترحيل، وأن أقسام الصعيد والقاهرة الكبرى والإسكندرية امتلئت غرف الاحتجاز فيها باللاجئين، دون اعتراف بمن يحملون بطاقة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى صعيد آخر كشفت مؤسسة أجنحة البعثة، البلغارية، أن ثلاثة أطفال مصريين، لقوا مصرعهم في 6 يناير الجاري، أثناء رحلة هجرة نظامية، على الحدود التركية البلغارية، متهمة السلطات البلغارية بعرقلة محاولة المنقِذين الوصول إلى مكان الحادث.
حقوق العمال
نفذ عمال محطتي مياه الشرب والصرف الصحي بسيوف والنزهة بالإسكندرية وقفة احتجاجية لمدة ساعتين، في 12 يناير، للمطالبة بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة للعاملين باحتساب فروق العلاوات الخاصة، ووقف احتساب العلاوة الخاصة بعد خصم الـ7% “قيمة العلاوة الدورية منها” ثم إضافتها على شامل الأجر دون ضمها للأجر الأساسي، منعا لتكريس التفاوت بين الأجور، وصرف علاوة عام 2017، وضع لائحة مالية موحدة للعاملين بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي على مستوي الجمهورية، رفع بدل الوجبة من مبلغ 200 جنيه الي 1000 جنيه شهريًا، بحسب دار الخدمات النقابية والعمالية، فيما وعدت الإدارة بنقل مطالب العاملين إلى مسئولي الشركة القابضة.
ودخل عمال مصنع “تي أند سي” للملابس بالمنطقة الصناعية في العبور في إضراب مفتوح عن العمل بدءًا من يوم الخميس الموافق 16 يناير، وذلك للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وإيقاف الاستقطاعات التي تتجاوز 20% من رواتبهم وتوفير وسائل نقل مناسبة دون خصم تكلفتها من رواتبهم، حيث تقوم الإدارة حاليًا بخصم 1000 جنيه شهريًا من أجورهم مقابل النقل، على الرغم من بعد المصنع عن مناطق سكن العمال في المنطقة الصناعية بالعبور، ورفع قيمة الوجبة اليومية إلى 1200 جنيه بدلًا من 600 جنيه، مع ضمان صرفها على مدار العام دون انقطاع خلال العطلات أو شهر رمضان، وتحسين ظروف العمل في المغسلة التي تعمل على مدار ورديتين، كل وردية تستمر لمدة 12 ساعة، وفي تطور مقلق، قالت دار الخدمات النقابية والعمالية إن إدارة المصنع قامت باحتجاز أحد العمال وهددت بتسليمه إلى قوات الأمن المنتشرة حول الموقع، وتجاهلت إدارة المصنع مطالب العمال في البداية، وطالبتهم بالعودة إلى العمل دون فتح أي قنوات للتفاوض. إلا أنها أعلنت لاحقًا أنها ستتخذ قرارًا بشأن مسألة الزيادة يوم الأحد المقبل، مع التأكيد على أن أيام الإضراب لن تكون مدفوعة الأجر بأي حال من الأحوال.
وكانت لجنة الدفاع عن الحريات النقابية بدار الخدمات النقابية والعمالية قد أطلقت حملة “نحو قانون عمل عادل”، للتأكيد على ضرورة تعديل قانون العمل بما يتوافق مع مطالب العمال وحقوقهم، وذلك ردًا على مشروع قانون العمل الجديد الذي أعيد إلى مجلس النواب بعد إدخال تعديلات حكومية عليه.
يؤكد المحامي الحقوقي والمدافع عن حقوق العمال، هيثم محمدين، إلى زاوية ثالثة، أن اضطرابات واحتجاجات العمال في الفترة الأخيرة، يرجع إلى ارتفاع نسبة التضخم والارتفاع الجنوني للأسعار في ظل ثبات أجورهم وانخفاض قيمتها الشرائية، مما جعلهم عاجزين عن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم، إضافة إلى عدم تنفيذ عدد كبير من شركات ومصانع القطاع الخاص لقرار رئيس الجمهورية بتطبيق الحد الأدنى للأجور، عبر صور متنوعة للالتفاف على القرار، مثل: احتساب استقطاعات التأمينات والمعاشات والنقابات ضمن إجمالي الأجر المحدد بـ6000 جنيه، في حين أعطى القرار الحق لشركات القطاع الخاص في أن تتقدم بطلب إلى وزارة التخطيط والقوى العاملة لطلب إعفاءها من تطبيق القرار بسبب تعثرها المالي، وبناءًا عليه تقدمت العديد من الشركات بطلبات إلى الوزارة ولم تنتظر الرد عليها، واعتبرت نفسها معفاة من الالتزام بالحد الأدنى للأجور.
يضيف أن هناك انتهاكات واسعة ترتكبها إدارات الشركات بحق العمال، بالاشتراك مع الحكومة، وتتمثل في الضغط على العمال لإثنائهم عن الاحتجاج أو الإضراب، عبر إغلاق المؤسسات ومنحهم إجازة مفتوحة، وعادة ما تنحاز الحكومة وقوات الأمن إلى رجال الأعمال على حساب العمال، عبر منعهم من الدخول للمصانع ومباشرة عملهم وإنهاء الإضراب، بالمخالفة للمادة 375 من قانون العقوبات، أو فصل العمال من عملهم، أو إلقاء القبض على العمال من منازلهم واتهامهم بالاعتداء على قوات الشرطة أو الإتلاف، ومساومة زملائهم لإنهاء إضرابهم أو احتجاجهم، كما حدث مع عاملات وعمال وبريات سمنود الذين احتجزوا لنحو 15 يوم وفُصلوا من عملهم، مشيرًا إلى إلقاء القبض على 25 من عمال مصنع “تي أند سي” للملابس بالمنطقة الصناعية في العبور، من منازلهم، وأنه تم عرض بعضهم على النيابة العامة والبعض منهم محتجزين في قسم ثاني شرطة العبور، في حين لم يستدل بعد على مكان احتجاز البقية.
الأقليات والفئات المهمشة
أوضح تقرير المنظمات الحقوقية في إطار المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، أن السلطات المصرية لا تزال تلجأ للجلسات العرفية كحل بديل عن نظام العدالة الرسمي في وقائع العنف الطائفي بين المسيحيين والمسلمين؛ كبوابة للهروب من تطبيق القانون، وأحيانًا التهجير القسري، في ظل تجاهل الاعتداءات الطائفية والتحريض على الكراهية والحيلولة دون معالجة جذور هذه المشاكل ووضع التشريعات اللازمة لمواجهة خطاب الكراهية الديني، مستشهدة بأحداث قرية الفواخر، بمحافظة المنيا التي أسفرت عن حرق منازل بعض المسيحيين، في 23 إبريل 2024 قرية الخياري بالمنيا في 5 سبتمبر 2023، التي شهدت حرق منزل قبطي، ونهب مواد بناء بحجة أنها كنيسة يبنيها الأقباط دون ترخيص.
وبين التقرير أنه منذ صدور القانون 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس لم تصدر أي قرارات رسمية ببناء كنائس جديدة بخلاف 50 كنيسة في المدن الجديدة، وهو ما دفع بعض المنظمات للمطالبة بإعادة النظر في قانون بناء الكنائس لأنه لم يحل الصعوبات القانونية والإجرائية بشكل نهائي، وإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة.
فيما يوضح أن الشيعة يتعرضون للملاحقة والاعتقال بتهمة تعكير السلم المجتمعي والإخلال بالأمن العام، بدعوى وجود صلة بينهم وبين إيران. وفي فبراير 2020، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بقبول دعوى إغلاق وإيقاف بث المواقع والقنوات الشيعية، كما يعترف الدستور الحالي بالإسلام والمسيحية واليهودية فقط، بينما توضع (-) في خانة الديانة على بطاقة الهوية للبهائيين، كما يلتزم البهائيون بممارسة شعائرهم الدينية في منازلهم بعد إلغاء المجامع البهائية عام 1950، ويُجبر الآباء والأوصياء البهائيون على توقيع إعلان ينص على أن «أطفالهم ليس لديهم اعتراض على امتحانهم في مادة التعليم الديني الإسلامي أو المسيحي في المدارس العامة».
كما يوضح التقرير أن مصر سبق وأن رفضت توصيات لمكافحة التمييز بحق المثليين/ات ومزدوجي التوجه الجنسي والعابرين جنسيًا وثنائيي الجنس (مجتمع الميم عين)، ورغم كون القانون المصري لا يجرم صراحةً العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي، إلا أن الحكومة تستخدم قانون مكافحة الدعارة (10 لسنة 1961) لملاحقة أفراد مجتمع الميم عين، بعقوبة تصل للحبس ثلاث سنوات، كما تستخدم المواد 279 و278 من قانون العقوبات للغرض نفسه، مبينًا أنها تعتقل أفراد مجتمع الميم عين ويتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية، وخلال السنوات الخمس الماضية رصدت المنظمات 21 قضية، واعتقال 25 شخصا. وصدرت أحكامًا بالسجن لسنة أو أكثر في 6 حالات منهم، ولأقل من سنة في حالة واحدة، وبالبراءة في حالتي، ويخضع المحتجزون من مجتمع الميم عين، (سواء نساء عابرات أو رجال مثليين) لانتهاك خطير لحقوقهم. وفي عام 2023، تم إخضاع 28 شخصًا لفحوصات شرجية قسرية تباشرها مصلحة الطب الشرعي رغم اعتراض المنظمات الحقوقية، وتستخدم السلطات المنصات الرقمية، ومواقع وتطبيقات المواعدة، لتعقب واستهداف أفراد مجتمع الميم عين والقبض عليهم، وقد وثقت هيومن رايتس ووتش 29 حالة اعتقال وملاحقة قضائية في سبتمبر 2023 وحده.
تهجير السكان
يتهم التقرير السلطات بتبني سياسات تقوض النوبيين في العودة لأراضيهم، وقد حدد إطارًا زمنيًا لذلك ينتهي في 2024، بداية من القرار الرئاسي 444 لسنة 2014، الذي اعتبر أراضي 16 قرية نوبية أراضٍ حدودية عسكرية لا يجوز للمدنيين العيش فيها أو الاستفادة منها، ثم القرارين الرئاسيين 355 و498 لسنة 2016، اللذان صدقا على مصادرة الكثير من الأراضي النوبية لصالح مشروع استصلاح المليون ونصف فدان.
ورصدت المفوضية المصرية استمرار هدم المنازل واستخدام القوة المفرطة لإخلاء السكان من مدينة رفح المصرية لاستكمال أعمال إقامة المنطقة العازلة على الحدود المصرية الفلسطينية، واتهم الجيش بتعمد الجيش المصري في شمال سيناء إجلاء عشرات الآلاف من السكان بشكل غير قانوني، مدمرًا منازلهم ومزارعهم، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية بين 2017/ 2020 هدم نحو 4000 مبنى في العريش، معظمها لبناء منطقة عازلة حول مطار العريش المستخدم لأغراض عسكري.
ووثقت المفوضية المصرية تعرض سكان ضاحية الجميل غرب بورسعيد للطرد بالقوة من مساكنهم، وتعامل وزارة الداخلية العنيف لقمع محاولات السكان التمسك بمنازلهم، وبدأت الحكومة عمليات الإخلاء في فبراير 2024 متجاهلة تمامًا الحلول التي قدمها الأهالي لتطوير منطقتهم، وتعمل السلطات عن كثب لنزع ملكية جزيرة الوراق وإخلائها من السكان بشكل قسري، لإقامة مشاريع استثمارية دون تعويض عادل، إلى جانب القبض على بعض أهالي الجزيرة خلال الاحتجاجات الرافضة للإخلاء.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
أقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد كل من وزير الداخلية، ومساعد الوزير لشؤون حقوق الإنسان، ومدير قطاع الحماية المجتمعية بمحافظة المنيا، بصفتهم، نيابةً عن مواطنة كانت قد خضعت المدعية لعملية حقن مجهري ناجحة أثمرت عن حمل بثلاثة توائم. إلا أن القبض على زوجها في يناير 2015، – والذي حكم عليه بالسجن 15 عامًا في 2022 ـ، أدى إلى فقدانها حملها نتيجة الضغوط النفسية الشديدة، وتطالب الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن السماح لها بالحصول على عينات وتحاليل من زوجها لإتمام عملية الحقن المجهري على نفقتها الخاصة.
كما نجح محامو المركز المصري في نهاية 2024، في الحصول على حكمين جديدين منفصلين في الدعوى رقم 1971 لسنة 2023، والدعوى رقم 1963 لسنة 2023، لصالح صحفية وصحفي بإلزام جريدة الطريق، الصادرة عن شركة الصفوة للصحافة، بتعويضهما بما يقارب 250 ألف جنيه، عن فصلهما تعسفيا بالإضافة إلى مقابل مهلة الإخطار، ورصيد الإجازات، والراتب المتأخر المستحق.
وذكرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن محكمة القضاء الإداري، قررت إحالة الطعن المقدم من الدكتورة منار الطنطاوي، في الدعوى رقم 73299 لسنة 77 قضائية، إلى الدائرة الثامنة عشر، وذلك باعتبارها الجهة المصدرة للحكم غير المنفذ، في إطار النزاع القانوني المستمر بشأن أحقيتها في الحصول على درجة الأستاذية، بسبب كونها زوجة المحبوس السابق هشام جعفر.
ذكرى ثورة يناير
تزامنًا مع الذكرى الرابعة عشرة لثورة 25 يناير، دشنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، حملة تدوين إلكترونية، في 24 يناير، للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط السياسي مصطفى النجار، المختفي قسريًا منذ 28 سبتمبر 2018، مؤكدة أن استمرار هذه الجريمة يشكل انتهاكًا جسيمًا للقانونين المصري والدولي، ويعكس تورطًا مباشرًا لأجهزة الدولة في الإخفاء القسري الممنهج بحق المواطنين المصريين، مطالبة بالكشف الفوري عن مكان احتجاز النجار، وتحميل السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامته وحياته، وإنهاء كافة أشكال الإخفاء القسري، والكشف عن مصير جميع المختفين قسريًا في مصر.
فيما أشادت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بقرار رئيس الجمهورية الصادر بالعفو الرئاسي عن 4600 محكوم بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير وعيد الشرطة، داعية إلى التوسع في تطبيق الإفراج الشرطي بما يراعي الشروط القانونية والإنسانية.
وعقب سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، السلطات المصرية، وعلى رأسها النائب العام المستشار محمد شوقي، إلى الإفراج الفوري عن العشرات من المواطنين المصريين الذين ما زالوا قيد الحبس الاحتياطي على خلفية قضايا تتعلق بدعم غزة، والذين يبلغ عددهم حوالي 129 شخصًا على الأقل، بينهم طفلين، محبوسين على ذمة عشر قضايا، استمر حبس بعضهم طوال 15 شهرًا، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
حقوق المرأة
في سياق استعراض ملف حقوق الإنسان بمصر ضمن الدورة الرابعة لآلية الاستعراض الدوري الشامل، قدمت مجموعة من المنظمات والمبادرات المعنية بحقوق النساء في مصر تقريرًا مجمعًا عن أوضاع حقوق النساء والفتيات في مصر في الفترة ما بين 2019 و2024.
ويوضح التقرير أن الحكومة تلقت 82 توصية بشأن حقوق المرأة، خلال الاستعراض الشامل 2019، قبلت 70 منها، بينما رفضت جميع التوصيات المتعلقة برفع التحفظات على اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة وتجريم الاغتصاب الزوجي، ورغم قبول بعض التوصيات المتعلقة بتعديل قانون الأحوال الشخصية ومكافحة العنف الأسري، لم يصدر أي قانون في هذا الصدد، ويتواصل توظيف المادة 17 من قانون العقوبات، والخاصة بتخفيض الأحكام للرأفة، في التخفيف عن الجناة في جرائم العنف ضد المرأة، وخاصة جرائم الاغتصاب وهتك العرض، وما يسمى بـ «جرائم الشرف»، مشيرًا إلى استخدام المادة 60 من القانون نفسه، لتبرير العنف الزوجي والأسري، تم توثيق 1006 جريمة عنف ضد النساء والفتيات في 2022، و950 حالة في 2023.
تُبين مي صالح، مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بمؤسسة المرأة الجديدة، واستشارية النوع الاجتماعي والدعم المؤسسي، إلى زاوية ثالثة، أن هناك أكثر من 370 ملاحظة كان قد تم توجيهها إلى مصر خلال المراجعة السابقة، بعضها تم قبوله كليًا والبعض جزئيًا، وأن منظمات حقوق المرأة قررت في هذه المراجعة تقديم تقرير موازي، كما نشرت مؤسسة المرأة الجديدة تقريرًا إضافيًا جديدًا، وتضمن التقريرين وجهة نظر المؤسسات الحقوقية المدافعة عن المرأة حول العنف ضد المرأة، إذ لم يتم إقرار الاتفاقية رقم 190 المتعلقة بالعنف في عالم العمل واستثناء قانون العمل لعاملات الزراعة من الحماية القانونية، وفضيحة مسابقة الـ30 ألف معلم ومعلمة وعسكرة الوظائف، والتعسف ضد الرائدات الاجتماعيات، وعدم ظهور ملامح قانون الأحوال الشخصية الجديد، وإشكاليات الوصاية والولاية في القانون، وضعف المشاركة السياسية للمرأة، وأوضاع حقوق الإنسان، وواقع التمكين الاقتصادي للمرأة الذي يتناقض مع السياسات التقشفية التي تتبعها الحكومة وتلقي بتبعاتها على النساء، لاسيما في ظل تقزيم الحماية الاجتماعية والإنفاق العام لصالح سداد الديون، مبينة أنه حين ترى الحكومة الاعتماد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتمكين المرأة فإن المؤسسات الداعمة لحقوق المرأة تؤكد ضرورة اللجوء للاقتصاد التعاوني التضامني وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير وظائف مستدامة بدلًا عن الاعتماد على الاستدانة، داعية السلطة إلى إعادة النظر إلى تلك الملفات لمعالجة نقاط الضعف وإيجاد حلول لها.
وفي سياق متصل، أعربت مؤسسة قضايا المرأة المصرية عن تضامنها الكامل مع الأستاذة الجامعية ليلى سويف، في معركتها المستمرة، ـ التي تجاوز إضرابها الـ120 يوم للمطالبة بالإفراج عن ابنها علاء عبد الفتاح ـ، داعية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه.
وبالتزامن مع قرار النيابة العامة بجنوب الجيزة الكلية حبس 3 متهمين، 4 أيام على ذمة التحقيقات في واقعة احتجاز فتاة داخل غرفة مظلمة 6 سنوات في مدينة البدرشين، أطلقت مبادرة براح آمن، الداعمة لحقوق المرأة، حملة “أنا اتعرضت للحبس المنزلي”، ودشنت وسم “الحرية للمعتقلات داخل البيوت المصرية”، لتسليط الضوء على قضية حبس النساء التي تعد أشكال العنف المنزلي، مطالبة بقانون يحمي النساء منه، فيما أكدت مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة أن هذه ليست الحالة الأولى من نوعها، إذ سبقتها الكثيرات مثيلاتها، ففي النصف الأول من 2024 تم رصد 5 حالات حبس عنوة، وعادة ما يصاحب الحبس الضرب والتعذيب المستمر الذي قد يصل للقتل أو يتسبب في انتحار الضحايا.
تقول شيماء طنطاوي، كاتبة نسوية وإحدى مؤسسات مبادرة براح آمن، إلى زاوية ثالثة، إنه لا توجد تقديرات لحجم حالات الحبس المنزلي للنساء في مصر، إلا أن المبادرة التي انطلقت في 2015، تصدر تقارير رصدية حول حالات العنف الأسري، تتضمن علاقة الجاني بالمجني عليها والفئات العمرية والمحافظات الأعلى في معدلات العنف، ومدى علاقتها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بناءًا على ما يتم نشره في الصحف من أخبار جرائم العنف المنزلي وحوادث القتل والحوادث المتعلقة بالأحوال الشخصية، وتقديم الدعم النفسي للناجيات وتقديم الإستشارات القانونية لهن، مشيرة إلى تلقي الحملة عند انطلاقها قبل 10 سنوات لنحو ألف شهادة لضحايا الحبس المنزلي، داعية إلى إقرار القانون الموحد للعنف، لحماية النساء، في ظل غياب قانون يحميهن من العنف الأسري وعدم وجود مادة في القانون تُجرم الحبس المنزلي.
رابط التقرير https://zawia3.com/deleted-lines-3/