مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:
أبرز الانتهاكات التي جرت في أكتوبر 2021
الملخص: شهد شهر أكتوبر من عام 2021 وقوع عدد من الانتهاكات وثقها الفريق القانوني بالمؤسسة، يمكن معها وصف المحاكمات بأنها تفتقر لمعايير المحاكمة العادلة، كان من بينها ظهور لمتهمين أمام القضاء بعد تعرضهم للإخفاء القسري لفترات زمنية مختلفة، وآخرين جرى إعادة تدويرهم في قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021، واتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية، بناء على ما ورد بتحريات قطاع الأمن الوطني، رغم حصولهم على إخلاء سبيل من قضايا سابقة تحمل نفس الاتهامات دون إطلاق سراحهم.
تفاصيل الانتهاكات
انتهاكات قوات إنفاذ القانون المصرية:
مختفون قسرياً يظهرون كمتهمين أمام القضاء
تابعت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تعرض سبعة مدنيين من سكان شبه جزيرة سيناء، لاجراءات تقاضي تمس بمعايير المحاكمة العادلة، حيث باشرت نيابة أمن الدولة العليا التحقيق معهم خلال شهر أكتوبر 2021، ووجهت لهم تهمة الانضمام لجماعة إرهابية، بناء على ما ورد بتحريات قطاع الأمن الوطني في القضية رقم 1935 لسنة 2021.
الواقعة الأولى رصدها الفريق القانوني بتاريخ 16 أكتوبر 2021، حيث ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا "عيد احميد أحمد سلامة"، 21 عاماً، بعد تعرضه لفترتي إخفاء قسري دامت عامين ونصف، تجاهلت النيابة أقوال المتهم عن فترتي الاختفاء القسري ولم تذكر التاريخ الفعلي للقبض عليه في الأوراق الرسمية، حيث مثل المتهم أمام نيابة أمن الدولة بمحضر ضبط جرى تحريره بتاريخ 16 أكتوبر 2021، في حين أن التاريخ الفعلي للقبض عليه 10 أبريل 2019، حيث تم اعتقاله لدى مروره بكمين أمني على طريق الشيخ زويد/العريش، ونقل لمقر الأمن الوطني بالعريش لمدة 4 أيام قبل نقله إلى السجن المركزي بمدينة العريش ويظل محتجزا هناك لمدة عامين وثلاثة أشهر، حتى ظهر أمام نيابة الإسماعيلية بتاريخ 13 يوليو 2021 والتي قررت إخلاء سبيله، لكن وزارة الداخلية امتنعت عن تنفيذ القرار، وتم اخفاء عيد قسرا للمرة الثانية في السجن المركزي بمدينة العريش لمدة 3 شهور، حتى عرض أمام نيابة أمن الدولة بتاريخ 16 أكتوبر 2021، ليعاد تدويره على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021، حيث وجهت له تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بغرضها.
خلال التحقيقات أنكر عيد أي علاقة له بالجماعات المسلحة وقال يعمل في مجال تجارة الخضروات أثناء دراسته حيث أنه العائل لأسرته بسبب مرض والده منذ عام 2014.
الواقعة الثانية وثقها الفريق القانوني بالمؤسسة بتاريخ 18 أكتوبر 2021، حيث ظهرت نيابة أمن الدولة العليا "فداء عبد الحميد أنس شوبير"، 32 عاماً، تحمل الجنسية الفلسطينية وهي أم لخمسة أطفال بينهم رضيع يدعى "إبراهيم". قالت فداء أمام جهة التحقيق أنها جرى اعتقالها وهي حامل برفقة 4 أطفال أثناء وجودها في سيارة ميكروباص في مدينة العريش بتاريخ 4 مارس 2021 وتم احتجازها في قسم ثالث العريش، وقالت أن إدارة القسم قامت بتسليم الأطفال الأربعة لوالد الزوج، وأضافت أنها ظلت محتجزة بقسم ثالث العريش دون أن تتمكن من مقابلة محاميها أو أحد أفراد أسرتها حتى ظهرت أمام النيابة العسكرية بالإسماعيلية على ذمة قضية عسكرية، والتي حصلت فيها على إخلاء سبيل بتاريخ 27 يونيو 2021، إلا أن وزارة الداخلية امتنعت عن تنفيذ قرار النيابة وقامت بإخفاء فداء قسرا للمرة الثانية داخل قسم ثالث العريش لمدة 4 شهور، حيث وضعت طفلها إبراهيم أثناء فترة احتجازها في القسم لكنها رفضت تسليم الطفل لوالد زوجها بسبب حاجته للرضاعة، وبقيت محتجزة بقسم ثالث العريش حتى ظهرت أمام نيابة أمن الدولة بالقاهرة برفقة رضيعها ذو الثلاثة أشهر بتاريخ 18 أكتوبر 2021، ليتم إعادة تدويرها على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021.
الواقعة الثالثة رصدها الفريق القانوني بتاريخ 18 أكتوبر 2021، حيث ظهر نيابة أمن الدولة العليا "صبحي خميس صبحي مسلم"، 39 عاماً، بعد تعرضه لفترتي إخفاء قسري دامت قرابة عامين، تجاهلت النيابة أقوال المتهم عن فترتي الاختفاء القسري ولم تذكر التاريخ الفعلي للقبض عليه في الأوراق الرسمية، حيث مثل المتهم أمام نيابة أمن الدولة بمحضر ضبط جرى تحريره بتاريخ 18 أكتوبر 2021، في حين أن التاريخ الفعلي للقبض على صبحي 28 سبتمبر 2019، حيث جرى اعتقاله من مدينة العريش، وظل محتجزا لدى جهاز الأمن الوطني بمدينة العريش لمدة 14 شهر، حتى ظهر أمام النيابة العامة بمحافظة الإسماعيلية في نوفمبر 2020 وظل محتجزاً على ذمة القضية حتى أصدرت النيابة قرارا بإخلاء سبيله في يناير 2020، لكن وزارة الداخلية امتنعت عن تنفيذ القرار، وتم اخفاء صبحي قسرا للمرة الثانية لمدة 3 شهور في قسم ثان العريش ثم لمدة 6 شهور في فرق الأمن بالإسماعيلية، حتى أعيد تدويره وعرض أمام نيابة أمن الدولة بالقاهرة بتاريخ 18 أكتوبر 2021، على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021، ووجهت له تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بغرضها.
الواقعة الرابعة وثقها الفريق القانوني بالمؤسسة بتاريخ 30 أكتوبر 2021، حيث ظهر نيابة أمن الدولة العليا "مصباح فرحان صبح سالم"، 36 عاماً، بعد تعرضه لفترتي إخفاء قسري دامت قرابة 9 أشهر، تجاهلت النيابة أقوال المتهم عن فترتي الاختفاء القسري ولم تذكر التاريخ الفعلي للقبض عليه في الأوراق الرسمية، حيث قال المتهم أمام جهة التحقيق أن التاريخ الفعلي للقبض عليه 27 يناير 2020، حيث تم اعتقاله بالقرب من منزله في مدينة العريش بواسطة قوة أمنية من قسم شرطة ثان العريش، وظل محتجزا في القسم لمدة 5 أشهر، حتى ظهر أمام النيابة العامة بالإسماعيلية في 23 يونيو 2020 لتقرر النيابة إخلاء سبيله بتاريخ 27 يونيو 2020، لكن وزارة الداخلية لم تنفذ القرار، وتم اخفاء مصباح قسرا للمرة الثانية لدى جهاز الأمن الوطني لمدة 4 شهور، حتى أعيد تدويره وعرض أمام نيابة أمن الدولة بتاريخ 30 أكتوبر 2021، على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1935 لسنة 2021، حيث وجهت له تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بغرضها.
الواقعة الخامسة وثقها الفريق القانوني بالمؤسسة بتاريخ 31 أكتوبر 2021، حيث ظهر نيابة أمن الدولة العليا "سامي حامد عطيه حامد"، بعد تعرضه لفترة إخفاء قسري لمدة عام، تجاهلت النيابة أقوال المتهم عن فترة الاختفاء القسري ولم تذكر التاريخ الفعلي للقبض عليه في الأوراق الرسمية، وتم تحرير محضر ضبط بتاريخ حديث، قال المتهم أمام جهة التحقيق أنه ألقي القبض عليه في مدينة رأس سدر وتم اخفاؤه قسريا بمقر جهاز الأمن الوطني.
الواقعة السادسة رصدها الفريق القانوني بتاريخ 30 أكتوبر 2021، حيث ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة "محمد عيد سليم" و "مطير عواد سعيد"، رصدت المؤسسة عدم حضور أي من السادة المحامين مع كلا المتهمين كما لم تسعى جهة التحقيق سعيا جادا لانتداب أحد المحامين لحضور التحقيق مع المتهمين.
ووفقا لما أقره المتهمون أمام جهة التحقيق، فإنه بلا شك يحمل العديد من الانتهاكات والتجاوزات التي تخالف نصوص الدستور المصري فضلًا عن مخالفتها لأبسط القواعد والضمانات الإجرائية التي أوجب القانون المصري مراعاتها خاصة في مرحلة التحقيق الإبتدائي .
أولا: احتجاز الأشخاص المقبوض عليهم دون إذن من السلطات القضائية المختصة، ولفترات زمنية تتجاوز المدة الاحتجاز القانونية.
نصت المادة 54 من الدستور المصري على أنه " الحرية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق ويجب أن يبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة ويُمكن من الاتصال بذويه و بمحاميه فورًا، وأن يقدم إلى سلطات التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته ..."
ونصت المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه "يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورًا أقوال المتهم المضبوط وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله فى مدى اربع وعشرين ساعة إلى النيابة المختصة، ويجب على النيابة العامة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة ثم تأمر بالقبض عليه أو إطلاق سراحه ."
ثانيا: احتجاز الأشخاص المقبوض في أماكن احتجاز غير رسمية وغير خاضعة للرقابة القضائية.
نصت المادة 41 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه " لا يجوز حبس أي إنسان إلا فى السجون المخصصة لذلك . ولا يجوز لمأمور أي سجن قبول أي إنسان إلا بمقتضى أمر موقع عليه من السلطات المختصة وهي النيابة العامة ولا يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر ."
ونصت المادة 42 من ذات القانون على أنه " لكل من أعضاء النيابة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة فى دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية ولهم أن يطلعوا على دفاتر السجن ورعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صورا منها وأن يتصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يبديها لهم وعلى مدير وموظفي السجون أن يقدموا لهم كل مساعدة لحصولهم على المعلومات التي يطلبونها."
ثالثا: إستمرار إحتجاز الأشخاص بعد صدور قرارات بإخلاء سبيلهم وإعادة اتهامهم فى قضايا جديدة.
حيث أقر المتهمون أثناء تحقيقات النيابة أنهم قد جرى التحقيق معهم على ذمة قضايا سابقة و صدر لهم قرارات بإخلاء سبيلهم ولكن لم يتم تنفيذ هذه القرارات من قبل وزارة الداخلية وتم إعادة تدويرهم في قضايا جديدة دون إطلاق سراحهم، مع الأخذ في الإعتبار أن الاتهامات الموجهة إليهم في القضايا الجديدة هي نفس الاتهامات الواردة في القضايا التي حصلوا علي اخلاء سبيل منها، مما يفقد الحبس الإحتياطي سبب وجوده والغاية من تطبيقه، ونكون بصدد حبسه خارج القانون ولكنه أُلبس لباس القانون من خلال محاضر جديدة _ جرى فبركتها على الأرجح _ لأن المتهمين لم يبرحوا مقر احتجازهم ولم تنفذ قرارات القضاء تنفيذًًا حقيقيًا بإخلاء سبيلهم .
ومن الجلى أن السلطات الأمنية تمارس التحايل على المادة 143/3 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام". وذلك من خلال استمرار احتجاز الأشخاص المقبوض عليهم بعد إصدار قرارات إخلاء سبيل بحقهم لتجاوزهم المدة القانونية للحبس الاحتياطي المشار إليها، ثم تتخذ الأجهزة الأمنية سبيلها فى عرض الأشخاص المحتجزين لديها مرة أخرى على نيابة أمن الدولة العليا بتحريات مختلفة في قضايا مختلفة حتى تبدأ مدة السنتين الحد الأقصى للحبس مرة أخري من جديد، وهو ما يعتبر أوامر حبس مطلق خارجة عن الإطار القانوني.
وجدير بالذكر أن جهات التحقيق تعمدت غض الطرف عن كل هذه الانتهاكات والمخالفات القانونية الواضحة ولم تقم بدورها في تحريك الدعوى الجنائية ضد من قاموا باحتجاز هؤلاء المواطنين، ولم تقم باستدعاء القوة الأمنية المرافقة للمتهمين للتأكد من صحة روايتهم عن قدومهم من مقرات احتجاز غير رسمية تعرضوا فيها للإيذاء المعنوي والمادي.
رابعا: تعمد جهة التحقيق عدم تمكين دفاع المتهمين من الاطلاع على محاضر التحقيق و التحقيق مع متهمين في عدم وجود محامي.
حيث نصت المادة 125 من من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة مالم يقرر القاضي غير ذلك . وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق ."
رصدت المؤسسة خلال شهر أكتوبر عرض متهمين اثنين أمام النيابة في عدم وجود محامي، ولم تسعى جهة التحقيق سعيًا جادا للاتصال بذوي المتهم ودفاعه بل اكتفت بالديباجة المكرره والتي تقرر فيها أنها أرسلت أحد مندوبيها لمقر نقابة المحامين فوجدت النقابة مغلقة، في حين أن التحقيقات مع المتهمين تتم من الساعة الواحدة حتى الساعة الثالثة ظهرا وهو وقت يتواجد فيه عدد كبير من المحامين داخل النقابة، مما يعد التفافًا من جهة التحقيق على حق المتهم في حضور محام معه أثناء جلسات التحقيق على النحو الذي أوجبه الدستور والقانون .
نصت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبًا، أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على الذي يثبته المحقق فى المحضر. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو هذا الإخطار . وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محاميا و للمحامي أن يثبت في المحضر ما يعنِ له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات ."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.