بنجلاديش تلاحق رئيسة وزرائها السابقة.. ليه الديمقراطية مهمة لمكافحة الفساد؟
- في بنجلاديش، لجنة مكافحة الفساد أعلنت فتح تحقيق بخصوص رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، ونجلها سجيب واجد بعد اتهامات لها بالتورط في قضية غسيل أموال بقيمة 300 مليون دولار في نيويورك ولندن.
- التحقيق أيضا يشمل 9 مشروعات حكومية فيها شبهات فساد للشيخة حسينة وابنها وأختها الشيخة ريحانة وابنتها توليب صديق.
- فتح التحقيق سمح لبنجلاديش بتقديم مذكرة رسمية للهند تطالبها فيها بتسليم الشيخة حسينة الي فرت لنيودلهي في أغسطس الي فات.
**
- الشيخة حسينة كانت رئيسة وزراء بنجلاديش على مدى 15 سنة من 2009 إلى 2024، وقبلها خمس سنوات من 1996 إلى 2001 عن حزب اسمه اتحاد عوامي أو اتحاد الشعب البنجالي، وهو الحزب الي قاد استقلال بنجلاديش عن باكستان سنة 1971.
- الحزب ده كان يلقى دعم الهند خلال عملية الاستقلال وكان بيتزعم الحزب مجيب الرحمن الي هو والد الشيخ حسينة ومؤسس حزب اتحاد عوامي وأحد المنظرين الأساسيين للقومية البنجالية.
- العلاقات بين الهند وبنجلاديش كانت دوما موضوع لنزاع وطني في بنجلاديش، وأدت إلى اغتيال مجيب الرحمن في 1975 بسبب رؤية بعض القوميين البنجال إن سياسات مجيب فيها نوع من الخضوع للهند الي بتسعى للهيمنة على بنجلاديش، واستمر التوتر بين البلدين لحين صعود الشيخة حسينة للسلطة سنة 2009.
- زي ما احنا فاكرين، الصيف الي فات، تحولت مظاهرات الطلاب في بنجلاديش على خلفية قضية التوظيف الحكومي إلى انتفاضة واسعة أدت في النهاية إلى الإطاحة بحكم الشيخة حسينة من قبل الجيش البنجالي وتسلم السلطة من قبل حكومة مؤقتة بقيادة الاقتصادي البنجالي البارز محمد يونس.
**
هل يمكن مكافحة الفساد دون ديمقراطية ومؤسسية حقيقية؟
- رغم إن بنجلاديش بتتمتع بنظام حكم ديمقراطي برلماني إلا إن الديمقراطية البنجالية شابها على مدى تاريخها عيوب معتادة في ديمقراطيات آسيا وكتير من دول العالم الثالث، وهي التدخل المؤسسي المستمر من قبل الجيش على خلفية نزعات قومية متشددة.
- الخاصية التانية لتلك البلدان هي هيمنة بعض العوائل على الأحزاب السياسية وتشكيل النخبة في البلدان دي، فزي ما بنوصف كده بنلاقي عائلة مجيب الرحمن بتسيطر على حزب اتحاد عوامي منذ تأسيس بنجلاديش، في مقابل عائلة ضياء الرحمن وزوجته خالدة ضياء الي بيهمنوا على الحزب القومي البنجالي المنافس لحزب اتحاد عوامي.
- الوضع ده كان بيخلي مقاومة الفساد صعبة، لأن الشبكات العائلية دي بتهيمن على الدولة وبتحمي أعضاءها بالقوة، وبتستخدم الجيش عند اللزوم في حماية الفساد.
- علشان كده بنجلاديش من أكثر دول العالم معاناة من الفساد، وبتحتل المرتبة 148 من بين 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد العالمي.
- بنجلاديش حاولت تواجه ده من خلال تأسيس لجنة مكافحة الفساد اللي اتكلمنا عنها سنة 2004، لكن من الوقت ده عمل اللجنة كان محجم تماما تحت سطوة الحكم العائلي من الشيخة حسينة.
- الوضع ده بيخلينا نفهم إن من المهم لبناء ديمقراطية فعلية إن يكون فيه مؤسسات قوية بتقدر تتجاوز شبكات القرابة والمصالح الي تشكلت في الدولة على مدى تاريخ ممتد، ودي عملية مش سهلة بتتطلب جهد وضغط سياسي كبير.
- علشان كده بالنسبة لنا في مصر، إحنا طول الوقت بنحذر من نشأة شبكات قرابة أو مصالح من النوع ده، لأن دي أثرها مدمر بالنسبة لمؤسسات الدولة ولقدرة الدولة على الحفاظ على دورها كمؤسسة عامة بتخدم المصلحة الشعبية العامة مش مؤسسة مخصخصة لصالح شخص أو عائلة.
**
إيه اللي نشوفه من كل ده؟
- بالطبع اللي هيجي في دماغنا هنا في مصر في تعقب فساد رئيسة وزراء خلعها الشعب هو ملف إسترداد أموال المصريين اللي نهبها رموز نظام مبارك السابق.
- في يناير القادم يكون مر 14 سنة علي ثورة يناير، وطوال ال14 سنة دي لم تنجح مصر في محاسبة أي من رموز نظام مبارك، إتحبسوا شوية، وإنتهي الأمر بالتصالح بعد ما دفعوا شوية فلوس.
- أسماء كثيرة، بداية من علاء وجمال مبارك، وحسين سالم، ومجدي راسخ، ويوسف بطرس غالي، ورشيد محمد رشيد، والقائمة تطول وتطول كلهم حاليا أو اللي لسه عايش منهم بيتسمتع بفلوسه اللي سرقها على مدار 30 سنة وقت مبارك.
- الفشل الذريع اللي عملته مصر في ملف استرداد الأموال بعد الثورة، واللي مش بس مرتبط بأنه الفلوس ترجع لأنه في النهاية كثير من الفلوس مرجعتش وبالعكس اتفك تجميد أرصدة علاء وجمال في 2017 وفي 2019 بأحكام قضائية في أوروبا، لكن كمان مرتبط بأننا لم نطور آليات لمنع حدوث ده تاني في المستقبل.
- كل الفلوس دي هي من فلوس الشعب المصري، ومن مقدراته اللي سرقها نظام مبارك على مدار 30 سنة وللأسف لما حصلت الثورة مقدرناش نعالج الوضع ده ودخلنا في مسار سياسي انتهى بينا للوضع الحالي.
- بالتالي ملف استرداد الأموال تحول لملف تصالح كل رجل أعمال بيدفع شوية فلوس وخلاص، بدون ما يكون عندنا آليات ولا طريقة نتأكد بيها أنه ده مش بيحصل دلوقتي ومش هيحصل في المستقبل.
- من حقنا دلوقتي نسأل أسئلة مهمة جدا حوالين ملف استرداد الأموال وملف مكافحة الفساد في البلد، واللي محصلش فيهم أي تطور من بعد الثورة بالعكس في كثير من القضايا تم التصالح مع ركائز فساد نظام مبارك بدون أي شفافية والناس رجعت عادي للاستثمار والشغل والعمل في مصر.
- الدول وسيادة القانون ومحاربة الفساد بتبنى من خلال الديمقراطية وتطوير آليات الديمقراطية اللي منها الفصل بين السلطات واللي من خلاله نقدر نطور قضاء قوي عادل قادر على تعقب الفاسدين وضمان عدم تكرار اللي حصل مرة تانية.
#الموقف_المصري
الرابط
https://x.com/AlmasryAlmawkef/status/1871880252990816299