مناورة لإيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن عملية إصلاح سياسي تجري في مصرمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يصدر تحليل موضوعي بشأن ''الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان'' التي أطلقها الجنرال السيسي في 11 سبتمبر الماضي وتمسح فيها باستبداده فى حقوق الانسان
التحليل يؤكد بالموضوعية والادلة الدامغة أن استراتيجية السيسى تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجري في مصر ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تحليلاً موجزًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 11 سبتمبر الماضي. وفيه خلص مركز القاهرة إلى أن الاستراتيجية تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر، وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجري في مصر، ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي.
انطلق المركز من تحليل الفلسفة العامة لهذه الاستراتيجية بدايةً من دلالة تكليف وزارة الخارجية (اللجنة المعنية بالرد على الانتقادات الدولية) بإعداد هذه الاستراتيجية، وليس أية وزارة معنية بالشأن الداخلي المصري. ولأن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان "غير معنية بمخاطبة المصريين؛ كان منطقيًا أن تجري أول مناقشة عامة لها مع صناع القرار ومراكز التفكير والمجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في مصر.
خصص المركز جزء من تعليقه لدحض ادعاءات الاستراتيجية فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، مبينًا الهوة بين الادعاءات والواقع العملي. إذ بينما تُجمع التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية مستقلة مصرية ودولية وعن الأمم المتحدة وعن حكومات أجنبية والبرلمان الأوروبي بأن حقوق الإنسان في مصر تعاني تدهور هائل، وأن انتهاكات منهجية جسيمة لحقوق الإنسان تقترفها، بشكل شبه يومي، مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وبتواطؤ من المؤسسة القضائية ووسائل الإعلام؛ تؤكد الاستراتيجية عبر 78 صفحة أن مصدر مشكلة حقوق الإنسان في مصر هو الشعب ذاته، متمثلا في محدودية وعي المواطنين وتقصير الأحزاب السياسية والمجتمع المدني! وبناءً عليه، لا تتعهد الوثيقة بوضع حد للقمع اليومي الضاري بالمخالفة للدستور والقانون واللوائح الحكومية والتزامات مصر الدولية؛ وإنما تكتفي فقط بالتوصية عشرات المرات بتوعية المواطنين.
هذا الإنكار المتعمد أسفر عن حلول واهية لا صلة لها بجوهر المشكلة. لذا لم تقدم الاستراتيجية وعدا بالإصلاح أو بالتراجع عن السياسات الجارية. وإنما اكتفت ببضعة مقترحات ذات طابع تقني جزئي، مثل تدريبات للقائمين على إنفاذ القانون، أو العمل على رفع الوعي القانوني لدى المواطنين.
لذلك، يخلص التحليل إلى أنه إذا كان غياب الإرادة السياسية يفسر التدهور المريع غير المسبوق في حالة حقوق الإنسان في مصر، فإن ما يسمى بـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» هي بحد ذاتها أحدث الدلائل الرسمية على غياب هذه الإرادة.
تحليل موجز حول استراتيجية الحكومة المصرية لحقوق الإنسانالدوافع والدلالاتفي 11 سبتمبر 2021 أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي ما سُمي بـ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».[1] يرى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن هذه الوثيقة تجسد بشكل نموذجي حالة الإنكار الرسمي المزمنة لمشكلة حقوق الإنسان في مصر، ومدى افتقار الإدارة المصرية الحالية إلى الحد الأدنى من الإرادة السياسية اللازمة للإصلاح.[2]
الهدف الأساسي من هذه الاستراتيجية هو تبييض وجه النظام المصري بعد الانتقادات الدولية المتصاعدة لملف حقوق الإنسان، خاصةً مع تولي إدارة أمريكية جديدة[3] تعهد رئيسها في حملته الانتخابية بأنه سيدير العلاقة مع مصر بشكل مختلف،[4] وفي أعقاب إعلان مشترك غير مسبوق من 32 دولة أمام الأمم المتحدة، ينتقد بحدة وضعية حقوق الإنسان في مصر.[5]
ولأن الاستراتيجية لا تخاطب المصريين؛ بل تسعى لإيهام المجتمع الدولي ببدء عملية إصلاح زائفة، كان منطقيًا أن تُكلف وزارة الخارجية بإعدادها، وليس أية وزارة معنية بالشأن الداخلي المصري.[6] وكذا أن تتم أول مناقشة عامة لها مع صناع القرار ومراكز التفكير والمجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في مصر.[7]
تولت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية المصرية إعداد هذه الاستراتيجية، وبحسب قرار تشكيلها الصادر عن رئيس مجلس الوزراء، رقم 2396 لسنة 2018 هي؛ لجنة معنية بالرد على الانتقادات الدولية التي توجه لمصر في المحافل الدولية (وليس داخل مصر)، يترأسها وزير الخارجية (المادة 2)، ويتولى أمانتها قطاع حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية بوزارة الخارجية (مادة 6). والهدف من تشكيل اللجنة بحسب المادة الأولى من القرار هو «الرد على الادعاءات المثارة ضد جمهورية مصر العربية بشأن حقوق الإنسان». أما اختصاصات اللجنة (المادة الثالثة بند ١) فهي وضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وصياغة رؤية مصرية موحدة للتعبير عنها في المحافل الدولية والإقليمية (وليس في الداخل)، ورصد ودراسة ومعالجة المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان المثارة على الصعيد الدولي –وليس المحلي– وإعداد الردود على الادعاءات المثارة (بند 3).
إن التحدي الأول الذي يواجه واضعي أية استراتيجية في أي مجال، هو التشخيص السليم للمشكلة التي من أجل علاجها توضع تلك الاستراتيجية. وبينما تُجمع كافة التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية مستقلة مصرية[8] ودولية[9] وعن الأمم المتحدة[10] وعن حكومات أجنبية والبرلمان الأوروبي[11] بأن حقوق الإنسان في مصر تعاني من تدهور هائل، وأن انتهاكات منهجية جسيمة لحقوق الإنسان تقترفها، بشكل شبه يومي، مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية،[12] وبتواطؤ في أغلب الأحيان من المؤسسة القضائية؛ تؤكد استراتيجية الحكومة المصرية عبر 78 صفحة أن مصدر مشكلة حقوق الإنسان في مصر هو الشعب ذاته، بما في ذلك محدودية وعي المواطنين وتقصير الأحزاب السياسية والمجتمع المدني! [13]وبناءً عليه، لا تتعهد الوثيقة بوضع حد للقمع اليومي الضاري بالمخالفة للدستور والقانون واللوائح الحكومية؛ وإنما تكتفي فقط بالتوصية عشرات المرات بتوعية المواطنين.
جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية أعلن بعد أيام قلائل من إطلاق الاستراتيجية بأن مصر تخلو من أي انتهاك لحقوق الإنسان،[14] مجسدًا بذلك مدي رسوخ حالة إنكار مشكلة حقوق الإنسان في الدولة التي يحكمها منفردًا منذ ٧ أعوام.
أن المشاكل الجوهرية لهذه الاستراتيجية لا تنحصر في إنكارها الواقع المأساوي لحقوق الإنسان في مصر، رغم أهمية ذلك المحورية، لكنها تمتد للمفهوم ذاته. فماذا تعني هذه الاستراتيجية بـ«حقوق الإنسان» التي تتحدث عنها في ٧٨ صفحة؟
رغم إشارة الاستراتيجية، بشكل مبتسر إلي عالمية حقوق الإنسان غير القابلة للتجزئة، إلا أنها صمتت تمامًا عن السياسة الرسمية المعلنة يوميًا على لسان رئيس الجمهورية، والتي تؤكد بشكل قاطع أن قيم حقوق الإنسان العالمية هي قيم غربية بالأساس،[15] لا يمكن أن تنطبق على المصريين، وترفض بشكل علني مبدأ التكامل بين الحقوق المدنية والسياسية مع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتؤكد على ضرورة تجزئتها، بل كثيرًا ما تُدني التصريحات الرئاسية من شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فتساوي بينها وبين أداء الدولة لوظائفها اليومية الاقتصادية والاجتماعية. [16]
هذه التصريحات الرئاسية المتواترة لا تكتسب أهميتها فقط من كونها تصدر عن رئيس الدولة الذي يستحوذ على سلطات "إمبراطورية" غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، بل أيضًا لأنها صارت جوهر الرسالة الإعلامية اليومية في مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان؛ تتناولها وسائل الإعلام الحكومية يوميًا بالشرح والترويج، وتخرج من البرلمان في صورة تشريعات،[17] وتخرج من النائب العام في صورة تعليمات لأجهزة التحقيق،[18] وتنعكس في مناهج التعليم بمراحله المختلفة، كما تمنح دعمًا للخطاب الديني الإسلامي والمسيحي السائد الذي يكرس خصوصية ثقافية متسامحة مع أنماط من انتهاكات حقوق الإنسان.
من ثم، فإنكار الوثيقة الكلي للواقع المأساوي لحقوق الإنسان في مصر يجد تفسيره في تبنيها الفعلي لمفهوم يرى أن حقوق الإنسان العالمية ليست مناسبة لمصر، ومن ثم فإن انتهاكها كل يوم لا يعد انتهاكًا لالتزامات الدولة إزاء مواطنيها.
تتوغل الوثيقة أكثر في حالة الإنكار فتختزل المشكلة في «ضعف ثقافة حقوق الإنسان، وبعض الموروثات الثقافية الخاطئة التي تتعارض مع قيمها ومبادئها». وتتجاهل في هذا السياق المسئولية الرئيسية للخطاب الرسمي للدولة وأجهزة إعلامها ومؤسساتها الدينية ومناهج التعليم، وللقيود الحديدية المفروضة على الحرية الأكاديمية وحريات الرأي والتعبير، فضلًا عن حرب الاستئصال التي تديرها أجهزة الدولة بحق المنظمات الحقوقية المستقلة على مدى ١٠ سنوات متواصلة.
للأسف، أدت هذه الحرب الشعواء إلى إهدار جهود المنظمات الحقوقية المستقلة ومنابر ثقافية وإعلامية في نشر ثقافة حقوق الإنسان على مدار عدة عقود، وإلي تراجع في مستوي التوافق الشعبي على حقوق الإنسان الذي بلغ ذروة تجسده خلال انتفاضة يناير ٢٠١١. لكن الوثيقة والتصريحات المتكررة لرئيس الجمهورية تسير في الاتجاه المضاد تمامًا، إذ تُحمِّل الربيع العربي مسئولية تدهور حقوق الإنسان.
في السطور التالية يعرض مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قراءة موجزة في منهجية «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، من خلال تحليل تعاملها مع الحقوق المدنية والسياسية كنموذج.
أولًا: كيف تعاملت الوثيقة مع الحقوق المدنية والسياسية؟
نقاط القوة والفرص التي أهدرتها مؤسسات الدولة
زعمت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وجود عدد من نقاط القوة والفرص لتعزيز حقوق الإنسان فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية، منها وجود مواد دستورية وتشريعات وطنية تدعم تلك الحقوق. إلا أن الوثيقة لم تقدم تفسيرًا لعدم احترام رئيس الدولة ومؤسساتها التشريعية والقضائية والأمنية والعسكرية لهذا الدستور والحقوق والضمانات الواردة فيه. بل واصلت الوثيقة حالة الإنكار، وتجاهلت انتهاكات هذه الأطراف اليومية لحقوق المصريين، على صعيد السياسات والتشريع والممارسات، وإفلات مرتكبي تلك الجرائم من المحاسبة.
السطور التالية تجسد مدي عمق الهوة بين بشاعة الجرائم الموثقة بحق المصريين، وبين حالة الإنكار المشينة التي هيمنت على الاستراتيجية، وكأنها تتناول دولة أخري غير مصر.
1- الحق في الحياة وسلامة الجسد (صفحة 16 من الاستراتيجية)
تتغافل الاستراتيجية عن مدي التدهور الهائل الذي لحق بهذا الحق الأساسي في مصر في السنوات الـ 8 السابقة. فلم يعد الأمر قاصرًا على قتل المتظاهرين والمعتصمين في الشوارع والميادين والمنازل، والأبرياء في سيناء، بل أن جرائم القتل تكررت في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد. كما صدرت أحكام الإعدام بحق المئات،[19] في محاكم عسكرية ومدنية تفتقر للحدود الدنيا للمحاكمات العادلة، يجري توظيفها لإزاحة من يُنظر إليهم باعتبارهم خصومًا سياسيين للرئيس الحالي للدولة. وعلى حد تعبير خبراء أمميين، فإن هذه المحاكمات تشكل بحد ذاتها «استهزاءً بالعدالة».[20]
على مدار السنوات الـ 7 الماضية، وُجهت لمصر انتقادات دولية واسعة النطاق بسبب هذه المحاكمات الجائرة والجماعية.[21] وفي 2020 احتلت مصر المرتبة الثالثة عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام، بجانب وقائع التصفية الجسدية التي مارسها ضباط الأمن الوطني والقوات المسلحة في إطار مكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية.[22] وتسبب القضاء المصري، بشقيه المدني والعسكري في تعزيز الإفلات من العقاب، ومن ثم، تفاقم ممارسات الأجهزة الأمنية خاصة الجرائم المتعلقة بمقتل المدنيين في سيناء، بحسب وصف تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2020.[23]
أما التعذيب فأضحى نمطًا ممنهجًا في أعقاب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، إذ توسع قطاع الأمن الوطني في ارتكاب جريمة التعذيب، بما في ذلك؛ الصعق بالكهرباء والتحرش الجنسي، بهدف انتزاع الاعترافات أو لمجرد الإذلال. وقد خلص تقرير حقوقي مشترك لوفاة 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز خلال 4 سنوات.[24] وحسبما ترى لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، فإن التعذيب في مصر سياسة دولة، ويُمارس بشكل منهجي واسع النطاق في السجون المدنية والعسكرية.[25]
2- الاحتجاز التعسفي والحق في الحرية الشخصية (الصفحة 17- 19 من الاستراتيجية)
تغافلت الاستراتيجية انتهاك الاحتجاز التعسفي للحق في الحرية الشخصية، على يد الموظفين المعنيين بإنفاذ القانون أنفسهم، سواء سلطات القبض أو التفتيش، أو سلطات التحقيق، أو حتى بعد إحالة الأشخاص للمحاكمة وإصدار أحكام تعسفية بحقهم، مبنية في الأساس على تحريات أمنية مغلوطة. إذ أضحت المشاركة برأي نقدي، سواء خلال احتجاجات سلمية أو عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي أو البحث الأكاديمي، سببًا كافيًا للقبض على الأفراد، واحتجازهم لشهور بمعزل تام عن العالم الخارجي، دون إبلاغهم بحقوقهم القانونية أو بحقهم في التزام الصمت أو في الاتصال بذويهم أو محاميهم.
وتغض النيابة العامة الطرف أثناء التحقيقات عن أقوال واعترافات تم انتزاعها أثناء فترات الإخفاء القسري وتحت وطأة التعذيب ، وقد دفعت بعض هذه الاعترافات بأصحابها إلى أحكام وصلت حد الإعدام أو السجن المشدد.[26]
كما انتشر نمط تحايل الأمن الوطني على قانون الحبس الاحتياطي وحده الأقصى، بتواطؤ من النيابة، وذلك من خلال ابتكار نمط تدوير السياسيين والحقوقيين والصحفيين، وإدراجهم على ذمة قضايا جديدة بناءً على تحريات الأمن الوطني.[27]
3- الحق في المحاكمة العادلة (الصفحة 20 من الاستراتيجية)
استمرارًا لتحايل الاستراتيجية على النصوص الدستورية التي أوردتها باعتبارها نقاط قوة وفرص؛ تجاهلت الاستراتيجية مجموعة من التشريعات التي أفقدت السلطة القضائية استقلاليتها وحيادها، وتسببت في إصدار أحكام جائرة في محاكمات لم تراع الحدود الدنيا للمحاكمات العادلة.[28]
على سبيل المثال، أتاح القانون رقم 13 لسنة 2017 لرئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك محكمة النقض ومجلس الدولة، في عدوان على مسار العدالة ومخالفة للدستور.[29] لاحقًا، دعمت التعديلات الدستورية في 2019، هذا المسار بعدما أصبح رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء.[30] كما أصدر رئيس الجمهورية قرار بقانون رقم 136 لسنة 2014، بشأن تأمين المنشآت العامة والحيوية، والذي أفضى إلى مثول المدنيين لمحاكمات عسكرية، بالمخالفة للدستور وقت إصدار القانون.[31] ثم تم تعديل الدستور نفسه ليضمن توسع المحاكمات العسكرية لتشمل المدنيين.
كان قرار رئيس الوزراء رقم 840 لسنة 2017 بتطبيق حالة الطوارئ، وعلى إثره ظهور محاكم أمن الدولة طوارئ، والتي شكلت بذاتها انتهاكًا للحق في المحاكمة العادلة؛ حيث لا يتم نقض أحكامها أو الاستئناف عليها. من أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث مع الباحث وطالب الماجيستير أحمد سمير السنطاوي، والذي حكمت عليه المحكمة بالسجن المشدد أربعة سنوات في تهمة نشر أخبار كاذبة بعد شهر واحد فقط من بدء المحاكمة.[32] من الجدير بالذكر أن رفع حالة الطوارئ لا يلغي الأحكام القضائية التي صدرت بمقتضاها، ولا يوقف المحاكمات القضائية الجارية التي استندت لحالة الطوارئ.[33]
وفقًا للخارجية الأمريكية «وظفت السلطات المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين المتهمين بتهديد الأمن القومي، وكانت فرص وصول الجمهور للمعلومات بشأن المحاكمات العسكرية محدودة، كما كان من الصعب مراقبة المحاكمات العسكرية، لأن وسائل الإعلام تخضع عادةً لأوامر التقييد الإعلامي».[34] وفي هذا السياق تمت محاكمة المدنيين والنشطاء أمام محاكم عسكرية ومحاكم استثنائية، ودوائر الإرهاب التابعة لمحكمة الجنايات، وأصدرت بعضها أحكامًا جماعية بالإعدام والسجن المشدد.[35]
4- حقوق السجناء والمراقبة على أماكن الاحتجاز (الصفحة 22 من الاستراتيجية)
تتغافل الاستراتيجية كيفية معاملة السجناء بمعزل عن الدستور والقانون ولائحة السجون نفسها. إذ يتم حرمان المحتجزين والمسجونين تعسفيًا من المراسلات والقراءة وأوقات الزيارة والتريّض. كما ترتفع أعداد الوفيات في السجون نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية،[36] وشبهة القتل العمد للمحتجزين.
منذ 2015 وحتى نهاية عام 2018 تم توثيق 283 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي،[37] لم يتلقوا الرعاية اللازمة في الوقت المناسب، من أبرزهم رئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي والمخرج شادي حبش.[38] الأمر الذي دفع الخارجية الأمريكية للإشارة في تقريرها إلي أن «الأوضاع في السجون ومراكز الاعتقال قاسية، وقد تشكل تهديدًا للحياة نتيجة التكدس والإيذاء البدني، وعدم كفاية الرعاية الصحية، وتردي البنية التحتية، وسوء التهوية».[39]
5- الحق في الخصوصية وحرية التعبير (الصفحة 32 من الاستراتيجية)
يغيب عن الاستراتيجية تمامًا واقع الممارسات الأمنية التي تضرب عرض الحائط بالنص الدستوري القاضي بأن الحياة الخاصة لها حرمة، وأنها مصونة لا تُمس. فالحياة الخاصة للمواطنين المصريين تخضع لمراقبة السلطات التنفيذية والقضائية دون الاحتكام لأي قانون أو دستور. فعلى مدار الأعوام الماضية توسع قطاع الأمن الوطني في استدعاء نشطاء، كانوا محتجزين سابقًا، لتحقيقات غير رسمية وسؤالهم حول حياتهم وآرائهم السياسية، وفحص هواتفهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن قضائي. وفي بعض الأحيان لجأ الضباط لتهديدهم بالسجن والتعذيب حال رفضوا الإفصاح عن المعلومات المطلوبة، فضلًا عن تحذيرهم من إبداء أي رأي سياسي عبر منصاتهم الخاصة.[40]
يجري تفتيش هواتف المواطنين في الشوارع بشكل عشوائي من جانب الشرطة،[41] وتراقب النيابة العامة مستخدمي الإنترنت، ويتم تحريك الدعاوى قضائية ضدهم؛ بتهم مثل ازدراء الأديان، أو التحريض على الإغراء والفتنة، أو خدش الحياء العام.[42] وتحت دعاوى حماية الأمن القومي والقيم المجتمعية والأسرية يتم شن حملات أمنية قمعية، تطبيقًا للقانون المنافي لأدنى حقوق الإنسان رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.[43]
ثانيًا: الشعب المصري هو العقبة الرئيسية التي تعوق تمتعه بحقوق الإنسان
تحت عنوان التحديات، أوردت الاستراتيجية عددًا من العوامل التي تعوق حقوق الإنسان في مصر، والتي يمكن إجمالها في؛ ضعف ثقافة حقوق الإنسان والموروثات الثقافية الخاطئة التي تتعارض مع قيمها ومبادئها، وضعف مستوى المشاركة في الشأن العام، وضعف التواجد المجتمعي الفعال للأحزاب السياسية، وعدم انخراط الشباب في العمل الحزبي.
على هذا النحو تواصل الاستراتيجية تضليل الرأي العام المصري والمجتمع الدولي بشأن العقبات الحقيقية التي تعوق احترام حقوق المصريين. وفيما يلي نورد بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
1- الحق في حرية التعبير (الصفحة 25 من الاستراتيجية)
تزعم الاستراتيجية أن التحدي الذي يواجه التمتع بهذا الحق وتلك الحرية هو ضعف الثقافة المجتمعية، وعدم معرفة المجتمع بسبل ممارسة حرية التعبير وضوابطها في إطـار العمـل الإعلامي والصحفـي! بينما أغفلت الوثيقة الواقع المرير لمعاناة الصحافة والصحفيين جراء انتهاكات يومية، بسبب ممارستهم لمهنتهم في كشف الحقائق والتعبير الحر عن الرأي، أو انتقامًا منهم لبثهم روايات مخالفة للرواية الحكومية،[44] مما عرض عدد كبير منهم للسجن ،حتى باتت مصر أحد أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين في عام 2020.[45]
كما تجاهلت الاستراتيجية تعرض بعض المواقع الإليكترونية لاقتحامات أمنية لمقراتها؛ كمقر موقع مصر العربية،[46] وجريدة المصريون،[47] وموقع مدى مصر،[48] وموقع المنصة.[49] فضلًا عن حجب مئات المواقع الإليكترونية والإخبارية (تجاوز عدد المواقع المحجوبة أكثر من 500 موقعًا)،[50] وترحيل الصحفيين الأجانب، من أجل إحكام السيطرة على المشهد الإعلامي.
2- الحق في التجمع السلمي (الصفحة رقم 25 من الاستراتيجية)
مرة أخرى، تلقي الاستراتيجية بالمسئولية على كاهل الشعب، فتزعم أن حرية الاحتجاج والتظاهر السلمي مكفولة، وأن التحدي الوحيد أمام هذا الحق هو ضعف الوعي العام بثقافة التجمع السلمي! غير مكترثة باعتداء مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية على الدستور الذي كفل هذا الحق، من خلال تكريس استمرار العمل بقانون التجمهر الملغي رقم 10 لسنة 1914،[51] وإصدار قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 المنافي للدستور والتزامات مصر الدولية، والذي حوكم على خلفيته العديد من النشطاء بالسجن لسنوات،[52] وتذرعت به قوات الأمن لقمع كل أشكال الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي.
هذا بالإضافة إلى الممارسات القمعية أثناء فض المظاهرات السلمية، بما في ذلك باستخدام القوة القاتلة بشكل جماعي بحق المتظاهرين،[53] وقمع مسيرات الطلاب داخل الحرم الجامعي،[54] واستخدام القوة المميتة لمواجهة مسيرة بالورود والشموع،[55] أو احتجاج محدود على تردي الأوضاع الاقتصادية،[56] وسط غياب كلي للمحاسبة والمساءلة عن هذه الجرائم،[57] بل تم تحُصّينها من المحاسبة بقوانين عدلت خصيصًا لهذا الغرض.[58]
3- الحق في التنظيم وتكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية (الصفحة 27 من الاستراتيجية)
بحسب الاستراتيجية، فإن التحدي (الزائف) الذي يعيق تمتع المصريين بهذا الحق، هو ضعف ثقافة العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية! الأمر الذي ينطوي على إنكار مشين للقيود القانونية التعسفية التي تكبل المجتمع المدني، والتي سبق وأقرت بوجودها العديد من المنظمات المحلية والدولية،[59] وأشار لها تقرير الخارجية الأمريكية.[60]
بل وتتجاهل الاستراتيجية أن أحدث القوانين المنظمة لتكوين الجمعيات الأهلية يعد أكثرها قمعية منذ قانون ٣٢ لعام ١٩٦٤.[61] كما لا تزال المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة رهن التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011.[62] بينما يواجه حقوقيون آخرون عدة أشكال من الانتهاكات، من بينها المداهمات الأمنية للمقرات، والقبض على العاملين فيها،[63] وتعرض بعض الحقوقيين للإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة الإنسانية،[64] ومحاولات القتل أو التهديد به. هذا بالإضافة إلى الاحتجاز التعسفي والحبس الاحتياطي لسنوات، واحتجاز بعض النشطاء على ذمة أكثر من قضية في الوقت نفسه،[65] هذا كله بالإضافة إلى عن قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب وأحكام السجن الغيابية،[66] بسبب عملهم الحقوقي ودفاعهم عن حقوق الإنسان داخل مصر أو خارجها.
4- الحق في المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب (الصفحة 29 من الاستراتيجية)
تزعم الوثيقة أن التحديات التي تواجه تكوين الأحزاب السياسية تنحصر في ضعف تواجدها المجتمعي! بينما صمتت عمدًا عن القمع السياسي والتشريعي والأمني الضاري غير المسبوق الذي تتعرض له الأحزاب المعارضة يوميًا في مصر خلال السنوات الماضية، في أعقاب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. كما لا تلاحظ الوثيقة أن الأحزاب السياسية تمارس عملها في بيئة موبوءة بقيود تعسفية ومزمنة على التعبير السلمي عن الرأي وعلى التنظيم السلمي والمشاركة السياسية (فضلًا عن الحظر غير المعلن لتداول السلطة سلميًا)، حتى لو جرت هذه المشاركات ضمن الأطر الدستورية والتشريعية منخفضة السقف.
وتشكل الانتخابات الرئاسية يناير 2018 مناسبة مهمة لفهم واقع الحق في المشاركة السياسية في مصر الذي جري تغييب حقيقته عمدًا عن الوثيقة. فقد شنت أجهزة الدولة سلسلة من الهجمات على الأحزاب السياسية وقياداتها،[67] كما تمت إزاحة كل المنافسين للرئيس الحالي من السباق الرئاسي، بالسجن أو بالاعتقال المنزلي أو بإرهابهم حتى ينسحبوا من الانتخابات.[68]
وبعد أن حصل الرئيس الحالي على تجديد «انتخابه» خلال شبه استفتاء عليه، بدأت حملة لتعديل الدستور لتمكينه من الترشح مرة ثالثة خلافًا للقيد الدستوري الساري. وتم حبس عدد من القيادات الوسطى بالأحزاب السياسية،[69] في سياق حملة أمنية تزامنت مع إجراء التعديلات الدستورية،[70] وحملة إعلامية تتهم المعارضين للتعديلات الدستورية بالخيانة، بالتوازي مع إجهاض أجهزة الدولة الأمنية لجهود ائتلاف لبعض أحزاب المعارضة العلمانية للإعداد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية التالية، وذلك بالقبض على قيادات الائتلاف واتهامهم بالإرهاب.[71]
5- الحق في حرية الدين والمعتقد (الصفحة 29 -30 من الاستراتيجية)
تكرر الوثيقة الزعم بأن المشكلة تنحصر في نقص الوعي، بينما تغفل تمامًا غلق الدولة تعسفيًا للمنافذ أمام حرية الدين والاعتقاد، ورعايتها لاتهامات ومحاكمات ازدراء الأديان،[72] والزج في السجون بكل من يعبر عن رأي مخالف لما هو سائد،[73] وسجن أشخاص لمجرد تعبيرهم سلميًا عن آراء حول حرية الدين والمعتقد.[74] فقد أُحيل الباحث الحقوقي باتريك جورج زكي للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، بعد حبس عام ونصف احتياطي، بسبب مقال عن أوضاع الأقباط في مصر وتعرضهم للقتل والتهجير.[75]
وبينما تحتفي الوثيقة بقانون بناء الكنائس؛ تغفل فشل القانون في وضع حد لانتهاكات الحق في ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين، واستمرار أجهزة الدولة في إجبارهم على القبول بجلسات عرفية بمعزل عن القانون في وقائع اعتداء مسلمين عليهم، فضلًا عن غلق الدولة لبعض الكنائس التي قدمت طلبات لتقنين أوضاعها وفقًا لقانون بناء الكنائس ذاته.[76]
ثالثًا: تشخيص خاطئ يؤدي لاستفحال المرض
يُفترض في أية استراتيجية أن تنتهي بخطة عمل أو مجموعة من الأهداف المرحلية التي يتعين تحقيقها من أجل الوصول لنتائج مستهدفة قابلة للتحقيق. لكن هذه الوثيقة تقترح، تحت عنوان «النتائج المستهدفة»، استحداث تعديلات تشريعية وزيادة التدريب ونشر التوعية.
بالطبع هذه ليست خريطة طريق لعلاج الانخراط اليومي المتواصل من كافة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والعسكرية في الاعتداء المنظم والمنهجي على حقوق الإنسان، وعلى تقويض ضماناتها المحدودة المتوفرة في عدد قليل من المواد الدستورية والقانونية، وذلك تحت الإشراف والتوجيه اليومي المباشر من رئيس الجمهورية.
كان يتعين، لإثبات الجدية على الأقل، أن تعلن الوثيقة عن وقف تنفيذ أحكام الإعدام لحين مراجعة الجرائم الأشد خطورة التي تستوجب تلك العقوبة، أو مراجعة كافة القضايا التي تعرض المتهمون فيها أو أسرهم للإخفاء القسري، وفتح تحقيقات حول انتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب وسوء المعاملة الإنسانية، أو إعلان مناقشة مشروع قانون مكافحة التعذيب الذي أُحيل بسبب مناقشته قضاة وحقوقيون للتحقيق.[77]
ينطبق الأمر نفسه على الحبس الاحتياطي المطول، فالمشكلة لا تتعلق بضوابط ومبررات ومدد الحبس الاحتياطي الواردة في القوانين الوطنية،[78] ولا تتصل بغياب التشريع. فالقانون ينص على أن أقصى مدة للحبس الاحتياطي هي ثمانية عشر شهرًا، لكن حالات الحبس الاحتياطي المطول التي تجاوزت ثلاث سنوات تتحايل على هذا القانون، نظرًا لسيطرة الأجهزة الأمنية على النيابة العامة ومرفق القضاء في مصر، الأمر الذي يسهل انتشار نمط «التدوير في القضايا» واتهام المحبوسين احتياطيًا بارتكاب جرائم جديدة أثناء فترة حبسهم!
هذه مجرد نماذج للتضليل الذي مارسته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عبر ٧٨ صفحة، انتهت بتوصيات مقطوعة الصلة بالأسباب الحقيقية لكارثة حقوق الإنسان في مصر.
خلاصة
ربما كان أفضل تلخيص لجوهر أزمة حقوق الإنسان في مصر هو تقرير لجنة مناهضة العنف والتعذيب بالأمم المتحدة، والذي جاء فيه: «يمارس التعذيب رجال الشرطة والمسئولون العسكريون ومسئولو الأمن الوطني وحراس السجون. كما يسهل المدعون العموم والقضاة ومسئولو السجون ممارسات التعذيب بالاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، أو التقاعس عن اتخاذ إجراء بشأن شكاوى المحتجزين. ويفلت مرتكبو التعذيب غالبًا من العقاب، رغم أن القانون المصري يحظر التعذيب والممارسات المتصلة به».[79]
السطور السابقة من تقرير الأمم المتحدة تؤكد أن أزمة حقوق الإنسان في مصر ليست في غياب تشريعات أو ثقافة المجتمع، بل في مؤسسات الدولة ذاتها، المنوط بها إنفاذ القانون واحترام الدستور وحماية حقوق الإنسان.
وحتى لو افترضنا جدلًا أن مشكلة حقوق الإنسان في مصر هي ضعف ثقافة شعبها، فإن الاستراتيجية بتجاهلها للأسباب الرئيسية لذلك «الضعف» لا تقدم للمصريين وعدًا بخطوة واحدة جادة للأمام نحو إزالة العوائق الرئيسية المتسببة في ذلك «الضعف». أو حتى وعدًا بوقف الحرب التي تشنها يوميًا وبلا هوادة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والأجهزة الأمنية والإعلامية على ناشري هذه الثقافة والمدافعين عن تمكينها مجتمعيًا، من المنظمات الحقوقية المستقلة والحقوقيين المستقلين. هذه الحرب التي لم تهدأ وتيرتها حتى بعد شهرين من إعلان هذه الاستراتيجية![80]
لكل ذلك، إذا كان غياب الإرادة السياسية يفسر التدهور المريع والمتواصل في حالة حقوق الإنسان في مصر، فإن ما يسمى بـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» هي بحد ذاتها أحدث الدلائل الرسمية على غياب هذه الإرادة.
- للاطلاع على الهوامش اتبع الرابط الى موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
https://cihrs.org/egypt-national-strategy-for-human-rights-a-ruse-to-show-international-community-and-donor-states-that-political-reform-is-underway/