الثلاثاء، 16 نوفمبر 2021

بالفيديو.. لحظة قيام ''مفتي الجمهورية السورية'' بتحريف سورة ''التين'' واستغلال الرئيس السورى الواقعة فى إلغاء منصب ''مفتى الجمهورية'' فى سوريا وإسناد اختصاصات المنصب الى نفسه

بالفيديو.. لحظة قيام ''مفتي الجمهورية السورية'' بتحريف سورة ''التين'' واستغلال الرئيس السورى الواقعة فى إلغاء منصب ''مفتى الجمهورية'' فى سوريا وإسناد اختصاصات المنصب الى نفسه

لحظة قيام أحمد حسون ''مفتي الجمهورية السورية''، بتحريف سورة ''التين'' وتفسيرها وفق هواة لتمجيد سوريا ونظامها، وهو ما دفع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الى استغلال سقطة ''مفتى الجمهورية'' وأصدر مرسوما أمس الإثنين 15 نوفمبر 2021، قضى فيه بإلغاء منصب ''مفتى الجمهورية'' فى سوريا، واسناد مهام واختصاصات ''مفتى الجمهورية'' الى لجنة حكومية تسمى ''المجلس العلمي الفقهي'' تابعة الى وزير الأوقاف فى الحكومة الرئاسية المعينة من قبل الرئيس السوري، وبأن يرأس المجلس وزير الأوقاف على أن يكون له معاونان، ورئيس “اتحاد علماء بلاد الشام”، و ''القاضي الشرعي الأول بدمشق'' وثلاثون عالماً من كبار العلماء في سوريا ممثلين عن المذاهب كافة وخمس من عالمات القرآن الكريم وممثلاً عن “الأئمة الشباب”. وأسند الأسد إلى “المجلس العلمي الفقهي” بالإضافة الى مهام واختصاصات ''مفتى الجمهورية'' أيضا مهمة تحديد مواعيد بدايات ونهايات الأشهر القمرية والتماس الأهلّة وإثباتها وإعلان ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية متصلة بالعبادات والشعائر الدينية الإسلامية، وحصر المرسوم، إصدار الفتاوى “المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بمذاهبه كافة ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها، بعمل “المجلس الفقهي”.

ولم يلتفت الأسد لكل الخدمات الذي قدمها الية ''مفتى الجمهورية'' الذي ظل سنوات يحرف تفسير سور القرآن الكريم للهجوم على حكام الدول المعادية لسوريا و شرعنة جرائم الأسد.

وجاء قرار الأسد إلغاء منصب ''مفتي الجمهورية'' بعد أيام من رد قاس أصدره ''المجلس العلمي الفقهي'' ضد تفسير المفتي 'حسون' لآية ''التين والزيتون''، معتبرا التفسير ''تحريفاً''. مشددا على ''عدم الانجرار وراء التفسيرات الشخصية الغريبة''.

وبدأت ازمة ''حسون'' التى استغلها الاسد لإلغاء منصب ''مفتى الجمهورية'' عندما القى مفتي الجمهورية السورية، كما هو مبين فى مقطع الفيديو المرفق، خطبة في مراسم عزاء الفنان السوري الراحل صباح فخري قبل أيام، أشار فيها الى ان: ''خارطة سورية مذكورة في القرآن الكريم 'بسورة التين والزيتون''. حسب زعم المفتي.

وأضاف حسون وقتها: “في هذه الجغرافيا خلق الله الانسان في احسن تقويم. فإذا تركها رددناه اسفل سافلين، الا الذين امنوا وعملوا الصالحات''.

وتابع تفسيره المثير للجدل:”لماذا ذكر الله التين والزيتون وسيناء ومكة. لان في سيناء تكلم مع موسى، وفي مكة تكلم مع إبراهيم. وفي أرض التين والزيتون في سورية جمع كل الأنبياء في صلاة واحدة خلال حادثة الإسراء والمعراج.” واستطرد:”وهنا كانت وحدة الرسالات السماوية.”

يوم قيام سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق باتهام السيسي بالاعتراف لإثيوبيا بحقها فى بناء سد النهضة دون الحصول منها على اتفاق يلزمها بعدم المساس بحصة مصر فى مياه نهر النيل

يوم قيام سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق باتهام السيسي بالاعتراف لإثيوبيا بحقها فى بناء سد النهضة دون الحصول منها على اتفاق يلزمها بعدم المساس بحصة مصر فى مياه نهر النيل

سر صمت وخرس عنان على مدار عامين منذ خروجه من السجن 

فى مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات، الموافق يوم الخميس 16 نوفمبر 2017، بعد 72 ساعة على إقرار حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئاسية رسميا، يوم الاثنين 13 نوفمبر 2017، ''فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي''، للمرة السادسة او السابعة حينها، وجه الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، عبر تدوينة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أصابع الاتهام إلى الجنرال عبدالفتاح السيسى، عن فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، والتهديد بضياع حصة مصر التاريخية فى مياه نهر النيل، وتهديد الشعب المصرى بالكوارث والنكبات، بسبب سذاجته السياسية المفرطة وجهلة الغشيم باستراتيجيات السياسة والأمن القومى، من خلال سفره الى إثيوبيا في مارس 2015، وعقد مؤتمر وقع فيه لاثيوبيا على ما اسماه ''اتفاقية المبادئ''، اشتهر شعبيا وسياسيا واعلاميا بمسمى ''مؤتمر رفع الايادى''، اعترف فيه لإثيوبيا بحقها فى بناء سد النهضة تحت دعاوى التنمية، دون ضمان حصول مصر اولا على اتفاق ملزم من إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر التاريخية فى مياه نهر النيل، بحجة حسن النوايا، وكأننا فى سويقة وليس فى تعاملات بين الدول لا يصون الحقوق بينها سوى الاتفاقيات الملزمة وليس شعارات حسن النوايا، وطالب عنان بمحاسبة السيسي على تفريطه فى حقوق مصر وشعبها بالنوايا الساذجة، مما أثار حفيظة السيسى، وانتظر الفرصة المواتية لازاحة عنان من الطريق، وجاءت الفرصة بعد حوالي شهرين، حيث تم القبض علي عنان، يوم الثلاثاء 23 يناير 2018، عقب شروعة بالترشح فى الانتخابات الرئاسية 2018، واصدرت محكمة الجنايات العسكرية، في جلسة سرية مساء يوم الإثنين 28 يناير 2019، حكماً بسجن عنان لمدة أربع سنوات عن تهمة تزوير استمارة الرقم القومي، بدعوى ورود فيها أنه فريق سابق بالقوات المسلحة ولم يذكر أنه مستدعى لايزال رغم احالتة للتقاعد على ذمة القوات المسلحة، كما قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس الفريق عنان 6 سنوات عن تهمة مخالفة الانضباط العسكري، وذلك بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، وتحدثه عن أحوال البلاد، ليكون مجموع الأحكام العسكرية بالسجن ضد عنان عشر سنوات، وخرج عنان من السجن يوم 22 ديسمبر 2019. بعد قضاء حوالي عامين سجن من حكم عشر سنوات سجن، فى افراجا مشروطا بعدم خوض عنان الحديث سواء فى ملابسات القضية التى اتهم فيها بدعوى حظر تناول تفاصيل التحقيقات فيها، أو في أمور البلاد التى تسبب تعرضة لها فى دخوله السجن، ولا يزال عنان منذ خروجه من السجن قبل نحو عامين غير قادر على الكلام حتى لا يعود مجددا الى السجن، ونشرت يوم تدوينة عنان عن سد النهضة مقالا على هذه الصفحة استعرضت فيه التدوينة، وجاء المقال على الوجه التالى: ''[ وجه الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، عبر تدوينة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم الخميس 16 نوفمبر 2017، أصابع الاتهام إلى : "الحكومة والنظام"، بالتسبب في ما وصفه : بـ"الوضع الكارثي الذي انتهت إليه مفاوضات سد النهضة الإثيوبي''، مؤكدا أن بداية الفشل في هذا الملف : ''كانت منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس 2015''، : "وإن فشل الحكومة في إدارة الملف يصل إلى حد الخطيئة منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس 2015، فى مؤتمر حسن النوايا ورفع الأيدي"، : ''وأن العلاقات الدولية لا تُدار بحسن النوايا ولكن بالمصالح"، : ''وأنه يجب محاسبة كل من أوصل مصر إلى هذا الوضع الكارثي المهين"، مطالبا : "مؤسسات الدولة وأجهزتها بدراسة كافة الحلول المتاحة لإصلاح هذا الموقف السيء، للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل"، : "وضرورة إعلام الشعب المصري بكافة الأمور والمستجدات بشفافية كاملة"، : ''وأهمية أن تعلن الدولة أن كل الخيارات متاحة للدفاع عن الأمن القومي لمصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل''. ]''.

مشروع حلف تركيا ايران الامارات الجديد يضرب قناة السويس باتخاذ طرق بديلة


محمد بن زايد باع السيسى فى سوق السياسة العربية وتحالف مع غريمه أردوغان

مشروع حلف تركيا ايران الامارات الجديد يضرب قناة السويس باتخاذ طرق بديلة

 حفظ تحقيقات النائب العام التركى مع المرشح الإماراتي لرئاسة منظمة الانتربول 

كان منطقيا خضوع نظام حكم دولة الإمارات فى النهاية الى ضغوط نظام الحكم التركي. لأنه ليس عنده اصلا قضية مصيرية ومبادئ وطنية يدافع عنها. والا ما سكت على احتلال إيران جزر إماراتية وسعى الى تحريرها. بل مصالح وغايات شخصية من أجل تأمين بقاء عرشة الاستبدادى. عبر التحالف مع انظمة فاشية عسكرية فى المنطقة مثل نظام الحكم المصرى و طاغوتية مثل نظام الحكم السعودي واستخدام الدسائس والمؤامرات ضد الدول الديمقراطية والشعوب المطالبة بالحرية لتكريس حكم أصحاب المصالح والغايات عبر انظمة القهر والاستبداد. وكذلك ضد الأنظمة الفاشية الدينية وعلى رأسها تركيا وإيران وايدلوجيات جماعة الإخوان الارهابية والجماعات المتطرفة التى تسير على منوالها التى تطمع فى الاحلال بالفاشية الدينية فى الحكم مكان الفاشية العسكرية و الطاغوتية. بعد صراع لتصفية الحسابات السياسية العدائية استمر سنوات بين ''تركيا والإمارات''. والذى وصل كما تابعنا جميعا مع اقتراب موعد اجتماع الأمانة العامة لمنظمة الإنتربول الدولي ''الجمعية العمومية''. المقرر عقده في اسطنبول خلال الفترة من 20 الى 25 نوفمبر 2021. لانتخاب رئيسا جديدا للإنتربول الدولى. الى حد فتح النائب العام التركي. يوم الثلاثاء 9 نوفمبر 2021. تحقيقا جنائيا مدفوعا من النظام الاستبدادى التركي. ضد اللواء الإماراتي أحمد الريسي. مرشح النظام الاستبدادى الاماراتى لرئاسة منظمة الانتربول. والذي يحظى بفرصة نجاح كبيرة فى الفوز بالمنصب نتيجة ترتيبات بين أنظمة استبدادية بالمنطقة معادية للتحالف التركى القطرى الايرانى الإخواني مع بعض الأنظمة والحركات والاستخبارات التى صارت تزخر بها المنطقة العربية. بدعوى ارتكابه أعمال تعذيب ضد مواطنين أتراك. وهدد النائب العام التركي باعتقال الرئيس الجديد المرتقب لرئاسة منظمة الإنتربول الدولى. فور وصوله إلى اسطنبول لحضور اجتماع الأمانة العامة لمنظمة الإنتربول الدولي ''الجمعية العمومية'' لانتخابه رئيسا جديدا للإنتربول الدولى.


وفجأة ظهر محمد بن زايد وزير خارجية الإمارات وحاكم أبوظبي فى الصورة، وتناقلت وسائل الإعلام أنه تحدث هاتفيا إلى الرئيس التركى أردوغان، وبحث معه عن زيارة قريبة لوزير خارجية الإمارات الى تركيا لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين وتوقيع عدد من الاتفاقيات خاصة الاقتصادية منها موافقة الإمارات على مشروع تركي يهدف الى ضرب قناة السويس المصرية. رغم أن بن زايد ظل متحالفا مع الجنرال السيسى حاكم مصر ضد حلف اردوغان سنوات طوال. ثم عقد فجأة صلحا منفردا من خلف ظهر السيسى وحلفا جديدا مع غريم السيسى بتمثل فى حلف تركيا ايران الامارات ومشروعا للحلف يضرب بة قناة السويس والسيسي. عبر طريقا تجاريا إلى تركيا عبر إيران. ومن خلال ذلك الممر سيصبح النقل، الذي سيستغرق 20 يومًا عن طريق البحر على طريق الشارقة – مرسين عبر قناة السويس، ممكنًا في غضون 6 إلى 8 أيام مع مرور الطريق عبر إيران. وذكرت وسائل الإعلام أن زيارة بن زايد الى تركيا قد يكون موعدها الأسبوع المقبل (24 نوفمبر). وكانت محمد بن زايد قد قام بآخر زيارة رسمية إلى تركيا في فبراير عام 2012.


وقالت وسائل الإعلام بأن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، قد بدأ مناوراته الجديدة مع تركيا تحت لافتة الانسانية عندما أصدر قرارا بتقديم دعم قيمته 36.7 مليون درهم (حوالي 10 ملايين دولار) للمناطق المتضررة من حرائق الغابات والفيضانات في تركيا. أرسل بعدها مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، الذي التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، في زيارة جاءت بعد سنوات من التوترات السياسية، وأعلن الرئيس التركي عقب هذا اللقاء عن استثمارات إماراتية جادة في بلاده. وفي وقت سابق، قال مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إنه من الضروري أن يكون هناك حوار مع تركيا لتجنب حدوث توتر جديد بين البلدين. وفى خضم هذا المعترك الجديد صدرت تعليمات رئاسية تركية الى السلطات التركية المعنية بالعمل على حفظ البلاغ المقدم للنائب العام التركى بالتحقيق مع مرشح النظام الاستبدادى الاماراتى لرئاسة منظمة الانتربول.

مناورة لإيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن عملية إصلاح سياسي تجري في مصر


مناورة لإيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن عملية إصلاح سياسي تجري في مصر

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يصدر تحليل موضوعي بشأن ''الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان'' التي أطلقها الجنرال السيسي في 11 سبتمبر الماضي وتمسح فيها باستبداده فى حقوق الانسان

التحليل يؤكد بالموضوعية والادلة الدامغة أن استراتيجية السيسى تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجري في مصر ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي


أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تحليلاً موجزًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 11 سبتمبر الماضي. وفيه خلص مركز القاهرة إلى أن الاستراتيجية تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر، وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجري في مصر، ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي.

انطلق المركز من تحليل الفلسفة العامة لهذه الاستراتيجية بدايةً من دلالة تكليف وزارة الخارجية (اللجنة المعنية بالرد على الانتقادات الدولية) بإعداد هذه الاستراتيجية، وليس أية وزارة معنية بالشأن الداخلي المصري. ولأن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان "غير معنية بمخاطبة المصريين؛ كان منطقيًا أن تجري أول مناقشة عامة لها مع صناع القرار ومراكز التفكير والمجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في مصر.

خصص المركز جزء من تعليقه لدحض ادعاءات الاستراتيجية فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، مبينًا الهوة بين الادعاءات والواقع العملي.  إذ بينما تُجمع التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية مستقلة مصرية ودولية وعن الأمم المتحدة وعن حكومات أجنبية والبرلمان الأوروبي بأن حقوق الإنسان في مصر تعاني تدهور هائل، وأن انتهاكات منهجية جسيمة لحقوق الإنسان تقترفها، بشكل شبه يومي، مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وبتواطؤ من المؤسسة القضائية ووسائل الإعلام؛ تؤكد الاستراتيجية عبر 78 صفحة أن مصدر مشكلة حقوق الإنسان في مصر هو الشعب ذاته، متمثلا في محدودية وعي المواطنين وتقصير الأحزاب السياسية والمجتمع المدني! وبناءً عليه، لا تتعهد الوثيقة بوضع حد للقمع اليومي الضاري بالمخالفة للدستور والقانون واللوائح الحكومية والتزامات مصر الدولية؛ وإنما تكتفي فقط بالتوصية عشرات المرات بتوعية المواطنين.

هذا الإنكار المتعمد أسفر عن حلول واهية لا صلة لها بجوهر المشكلة. لذا لم تقدم الاستراتيجية وعدا بالإصلاح أو بالتراجع عن السياسات الجارية. وإنما اكتفت ببضعة مقترحات ذات طابع تقني جزئي، مثل تدريبات للقائمين على إنفاذ القانون، أو العمل على رفع الوعي القانوني لدى المواطنين.

لذلك، يخلص التحليل إلى أنه إذا كان غياب الإرادة السياسية يفسر التدهور المريع غير المسبوق في حالة حقوق الإنسان في مصر، فإن ما يسمى بـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» هي بحد ذاتها أحدث الدلائل الرسمية على غياب هذه الإرادة.

تحليل موجز حول استراتيجية الحكومة المصرية لحقوق الإنسانالدوافع والدلالاتفي 11 سبتمبر 2021 أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي ما سُمي بـ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».[1] يرى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن هذه الوثيقة تجسد بشكل نموذجي حالة الإنكار الرسمي المزمنة لمشكلة حقوق الإنسان في مصر، ومدى افتقار الإدارة المصرية الحالية إلى الحد الأدنى من الإرادة السياسية اللازمة للإصلاح.[2]

الهدف الأساسي من هذه الاستراتيجية هو تبييض وجه النظام المصري بعد الانتقادات الدولية المتصاعدة لملف حقوق الإنسان، خاصةً مع تولي إدارة أمريكية جديدة[3] تعهد رئيسها في حملته الانتخابية بأنه سيدير العلاقة مع مصر بشكل مختلف،[4] وفي أعقاب إعلان مشترك غير مسبوق من 32 دولة أمام الأمم المتحدة، ينتقد بحدة وضعية حقوق الإنسان في مصر.[5]

ولأن الاستراتيجية لا تخاطب المصريين؛ بل تسعى لإيهام المجتمع الدولي ببدء عملية إصلاح زائفة، كان منطقيًا أن تُكلف وزارة الخارجية بإعدادها، وليس أية وزارة معنية بالشأن الداخلي المصري.[6] وكذا أن تتم أول مناقشة عامة لها مع صناع القرار ومراكز التفكير والمجتمع المدني في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في مصر.[7]

تولت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية المصرية إعداد هذه الاستراتيجية، وبحسب قرار تشكيلها الصادر عن رئيس مجلس الوزراء، رقم 2396 لسنة 2018 هي؛ لجنة معنية بالرد على الانتقادات الدولية التي توجه لمصر في المحافل الدولية (وليس داخل مصر)، يترأسها وزير الخارجية (المادة 2)، ويتولى أمانتها قطاع حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية بوزارة الخارجية (مادة 6). والهدف من تشكيل اللجنة بحسب المادة الأولى من القرار هو «الرد على الادعاءات المثارة ضد جمهورية مصر العربية بشأن حقوق الإنسان». أما اختصاصات اللجنة (المادة الثالثة بند ١) فهي وضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وصياغة رؤية مصرية موحدة للتعبير عنها في المحافل الدولية والإقليمية (وليس في الداخل)، ورصد ودراسة ومعالجة المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان المثارة على الصعيد الدولي –وليس المحلي– وإعداد الردود على الادعاءات المثارة (بند 3).

إن التحدي الأول الذي يواجه واضعي أية استراتيجية في أي مجال، هو التشخيص السليم للمشكلة التي من أجل علاجها توضع تلك الاستراتيجية. وبينما تُجمع كافة التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية مستقلة مصرية[8] ودولية[9] وعن الأمم المتحدة[10] وعن حكومات أجنبية والبرلمان الأوروبي[11] بأن حقوق الإنسان في مصر تعاني من تدهور هائل، وأن انتهاكات منهجية جسيمة لحقوق الإنسان تقترفها، بشكل شبه يومي، مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية،[12] وبتواطؤ في أغلب الأحيان من المؤسسة القضائية؛ تؤكد استراتيجية الحكومة المصرية عبر 78 صفحة أن مصدر مشكلة حقوق الإنسان في مصر هو الشعب ذاته، بما في ذلك محدودية وعي المواطنين وتقصير الأحزاب السياسية والمجتمع المدني! [13]وبناءً عليه، لا تتعهد الوثيقة بوضع حد للقمع اليومي الضاري بالمخالفة للدستور والقانون واللوائح الحكومية؛ وإنما تكتفي فقط بالتوصية عشرات المرات بتوعية المواطنين.

جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية أعلن بعد أيام قلائل من إطلاق الاستراتيجية بأن مصر تخلو من أي انتهاك لحقوق الإنسان،[14] مجسدًا بذلك مدي رسوخ حالة إنكار مشكلة حقوق الإنسان في الدولة التي يحكمها منفردًا منذ ٧ أعوام.

أن المشاكل الجوهرية لهذه الاستراتيجية لا تنحصر في إنكارها الواقع المأساوي لحقوق الإنسان في مصر، رغم أهمية ذلك المحورية، لكنها تمتد للمفهوم ذاته. فماذا تعني هذه الاستراتيجية بـ«حقوق الإنسان» التي تتحدث عنها في ٧٨ صفحة؟

رغم إشارة الاستراتيجية، بشكل مبتسر إلي عالمية حقوق الإنسان غير القابلة للتجزئة، إلا أنها صمتت تمامًا عن السياسة الرسمية المعلنة يوميًا على لسان رئيس الجمهورية، والتي تؤكد بشكل قاطع أن قيم حقوق الإنسان العالمية هي قيم غربية بالأساس،[15] لا يمكن أن تنطبق على المصريين، وترفض بشكل علني مبدأ التكامل بين الحقوق المدنية والسياسية مع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتؤكد على ضرورة تجزئتها، بل كثيرًا ما تُدني التصريحات الرئاسية من شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فتساوي بينها وبين أداء الدولة لوظائفها اليومية الاقتصادية والاجتماعية. [16]

هذه التصريحات الرئاسية المتواترة لا تكتسب أهميتها فقط من كونها تصدر عن رئيس الدولة الذي يستحوذ على سلطات "إمبراطورية" غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، بل أيضًا لأنها صارت جوهر الرسالة الإعلامية اليومية في مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان؛ تتناولها وسائل الإعلام الحكومية يوميًا بالشرح والترويج، وتخرج من البرلمان في صورة تشريعات،[17] وتخرج من النائب العام في صورة تعليمات لأجهزة التحقيق،[18] وتنعكس في مناهج التعليم بمراحله المختلفة، كما تمنح دعمًا للخطاب الديني الإسلامي والمسيحي السائد الذي يكرس خصوصية ثقافية متسامحة مع أنماط من انتهاكات حقوق الإنسان.

من ثم، فإنكار الوثيقة الكلي للواقع المأساوي لحقوق الإنسان في مصر يجد تفسيره في تبنيها الفعلي لمفهوم يرى أن حقوق الإنسان العالمية ليست مناسبة لمصر، ومن ثم فإن انتهاكها كل يوم لا يعد انتهاكًا لالتزامات الدولة إزاء مواطنيها.

تتوغل الوثيقة أكثر في حالة الإنكار فتختزل المشكلة في «ضعف ثقافة حقوق الإنسان، وبعض الموروثات الثقافية الخاطئة التي تتعارض مع قيمها ومبادئها». وتتجاهل في هذا السياق المسئولية الرئيسية للخطاب الرسمي للدولة وأجهزة إعلامها ومؤسساتها الدينية ومناهج التعليم، وللقيود الحديدية المفروضة على الحرية الأكاديمية وحريات الرأي والتعبير، فضلًا عن حرب الاستئصال التي تديرها أجهزة الدولة بحق المنظمات الحقوقية المستقلة على مدى ١٠ سنوات متواصلة.

للأسف، أدت هذه الحرب الشعواء إلى إهدار جهود المنظمات الحقوقية المستقلة ومنابر ثقافية وإعلامية في نشر ثقافة حقوق الإنسان على مدار عدة عقود، وإلي تراجع في مستوي التوافق الشعبي على حقوق الإنسان الذي بلغ ذروة تجسده خلال انتفاضة يناير ٢٠١١. لكن الوثيقة والتصريحات المتكررة لرئيس الجمهورية تسير في الاتجاه المضاد تمامًا، إذ تُحمِّل الربيع العربي مسئولية تدهور حقوق الإنسان.

في السطور التالية يعرض مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قراءة موجزة في منهجية «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، من خلال تحليل تعاملها مع الحقوق المدنية والسياسية كنموذج.

أولًا: كيف تعاملت الوثيقة مع الحقوق المدنية والسياسية؟

نقاط القوة والفرص التي أهدرتها مؤسسات الدولة

زعمت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وجود عدد من نقاط القوة والفرص لتعزيز حقوق الإنسان فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية، منها وجود مواد دستورية وتشريعات وطنية تدعم تلك الحقوق. إلا أن الوثيقة لم تقدم تفسيرًا لعدم احترام رئيس الدولة ومؤسساتها التشريعية والقضائية والأمنية والعسكرية لهذا الدستور والحقوق والضمانات الواردة فيه. بل واصلت الوثيقة حالة الإنكار، وتجاهلت انتهاكات هذه الأطراف اليومية لحقوق المصريين، على صعيد السياسات والتشريع والممارسات، وإفلات مرتكبي تلك الجرائم من المحاسبة.

السطور التالية تجسد مدي عمق الهوة بين بشاعة الجرائم الموثقة بحق المصريين، وبين حالة الإنكار المشينة التي هيمنت على الاستراتيجية، وكأنها تتناول دولة أخري غير مصر.

1- الحق في الحياة وسلامة الجسد (صفحة 16 من الاستراتيجية)

تتغافل الاستراتيجية عن مدي التدهور الهائل الذي لحق بهذا الحق الأساسي في مصر في السنوات الـ 8 السابقة. فلم يعد الأمر قاصرًا على قتل المتظاهرين والمعتصمين في الشوارع والميادين والمنازل، والأبرياء في سيناء، بل أن جرائم القتل تكررت في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد. كما صدرت أحكام الإعدام بحق المئات،[19] في محاكم عسكرية ومدنية تفتقر للحدود الدنيا للمحاكمات العادلة، يجري توظيفها لإزاحة من يُنظر إليهم باعتبارهم خصومًا سياسيين للرئيس الحالي للدولة. وعلى حد تعبير خبراء أمميين، فإن هذه المحاكمات تشكل بحد ذاتها «استهزاءً بالعدالة».[20]

على مدار السنوات الـ 7 الماضية، وُجهت لمصر انتقادات دولية واسعة النطاق بسبب هذه المحاكمات الجائرة والجماعية.[21] وفي 2020 احتلت مصر المرتبة الثالثة عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام، بجانب وقائع التصفية الجسدية التي مارسها ضباط الأمن الوطني والقوات المسلحة في إطار مكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية.[22] وتسبب القضاء المصري، بشقيه المدني والعسكري في تعزيز الإفلات من العقاب، ومن ثم، تفاقم ممارسات الأجهزة الأمنية خاصة الجرائم المتعلقة بمقتل المدنيين في سيناء، بحسب وصف تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2020.[23]

أما التعذيب فأضحى نمطًا ممنهجًا في أعقاب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، إذ توسع قطاع الأمن الوطني في ارتكاب جريمة التعذيب، بما في ذلك؛ الصعق بالكهرباء والتحرش الجنسي، بهدف انتزاع الاعترافات أو لمجرد الإذلال. وقد خلص تقرير حقوقي مشترك لوفاة 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز خلال 4 سنوات.[24] وحسبما ترى لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، فإن التعذيب في مصر سياسة دولة، ويُمارس بشكل منهجي واسع النطاق في السجون المدنية والعسكرية.[25]

2- الاحتجاز التعسفي والحق في الحرية الشخصية (الصفحة 17- 19 من الاستراتيجية)

تغافلت الاستراتيجية انتهاك الاحتجاز التعسفي للحق في الحرية الشخصية، على يد الموظفين المعنيين بإنفاذ القانون أنفسهم، سواء سلطات القبض أو التفتيش، أو سلطات التحقيق، أو حتى بعد إحالة الأشخاص للمحاكمة وإصدار أحكام تعسفية بحقهم، مبنية في الأساس على تحريات أمنية مغلوطة. إذ أضحت المشاركة برأي نقدي، سواء خلال احتجاجات سلمية أو عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي أو البحث الأكاديمي، سببًا كافيًا للقبض على الأفراد، واحتجازهم لشهور بمعزل تام عن العالم الخارجي، دون إبلاغهم بحقوقهم القانونية أو بحقهم في التزام الصمت أو في الاتصال بذويهم أو محاميهم.

وتغض النيابة العامة الطرف أثناء التحقيقات عن أقوال واعترافات تم انتزاعها أثناء فترات الإخفاء القسري وتحت وطأة التعذيب ، وقد دفعت بعض هذه الاعترافات بأصحابها إلى أحكام وصلت حد الإعدام أو السجن المشدد.[26]

كما انتشر نمط تحايل الأمن الوطني على قانون الحبس الاحتياطي وحده الأقصى، بتواطؤ من النيابة، وذلك من خلال ابتكار نمط تدوير السياسيين والحقوقيين والصحفيين، وإدراجهم على ذمة قضايا جديدة بناءً على تحريات الأمن الوطني.[27]

3- الحق في المحاكمة العادلة (الصفحة 20 من الاستراتيجية)

استمرارًا لتحايل الاستراتيجية على النصوص الدستورية التي أوردتها باعتبارها نقاط قوة وفرص؛ تجاهلت الاستراتيجية مجموعة من التشريعات التي أفقدت السلطة القضائية استقلاليتها وحيادها، وتسببت في إصدار أحكام جائرة في محاكمات لم تراع الحدود الدنيا للمحاكمات العادلة.[28]

على سبيل المثال، أتاح القانون رقم 13 لسنة 2017 لرئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك محكمة النقض ومجلس الدولة، في عدوان على مسار العدالة ومخالفة للدستور.[29] لاحقًا، دعمت التعديلات الدستورية في 2019، هذا المسار بعدما أصبح رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء.[30] كما أصدر رئيس الجمهورية قرار بقانون رقم 136 لسنة 2014، بشأن تأمين المنشآت العامة والحيوية، والذي أفضى إلى مثول المدنيين لمحاكمات عسكرية، بالمخالفة للدستور وقت إصدار القانون.[31] ثم تم تعديل الدستور نفسه ليضمن توسع المحاكمات العسكرية لتشمل المدنيين.

كان قرار رئيس الوزراء رقم 840 لسنة 2017 بتطبيق حالة الطوارئ، وعلى إثره ظهور محاكم أمن الدولة طوارئ، والتي شكلت بذاتها انتهاكًا للحق في المحاكمة العادلة؛ حيث لا يتم نقض أحكامها أو الاستئناف عليها. من أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث مع الباحث وطالب الماجيستير أحمد سمير السنطاوي، والذي حكمت عليه المحكمة بالسجن المشدد أربعة سنوات في تهمة نشر أخبار كاذبة بعد شهر واحد فقط من بدء المحاكمة.[32] من الجدير بالذكر أن رفع حالة الطوارئ لا يلغي الأحكام القضائية التي صدرت بمقتضاها، ولا يوقف المحاكمات القضائية الجارية التي استندت لحالة الطوارئ.[33]

وفقًا للخارجية الأمريكية «وظفت السلطات المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين المتهمين بتهديد الأمن القومي، وكانت فرص وصول الجمهور للمعلومات بشأن المحاكمات العسكرية محدودة، كما كان من الصعب مراقبة المحاكمات العسكرية، لأن وسائل الإعلام تخضع عادةً لأوامر التقييد الإعلامي».[34] وفي هذا السياق تمت محاكمة المدنيين والنشطاء أمام محاكم عسكرية ومحاكم استثنائية، ودوائر الإرهاب التابعة لمحكمة الجنايات، وأصدرت بعضها أحكامًا جماعية بالإعدام والسجن المشدد.[35]

4- حقوق السجناء والمراقبة على أماكن الاحتجاز (الصفحة 22 من الاستراتيجية)

تتغافل الاستراتيجية كيفية معاملة السجناء بمعزل عن الدستور والقانون ولائحة السجون نفسها. إذ يتم حرمان المحتجزين والمسجونين تعسفيًا من المراسلات والقراءة وأوقات الزيارة والتريّض. كما ترتفع أعداد الوفيات في السجون نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية،[36] وشبهة القتل العمد للمحتجزين.

منذ 2015 وحتى نهاية عام 2018 تم توثيق 283 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي،[37] لم يتلقوا الرعاية اللازمة في الوقت المناسب، من أبرزهم رئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي والمخرج شادي حبش.[38] الأمر الذي دفع الخارجية الأمريكية للإشارة في تقريرها إلي أن «الأوضاع في السجون ومراكز الاعتقال قاسية، وقد تشكل تهديدًا للحياة نتيجة التكدس والإيذاء البدني، وعدم كفاية الرعاية الصحية، وتردي البنية التحتية، وسوء التهوية».[39]

5- الحق في الخصوصية وحرية التعبير (الصفحة 32 من الاستراتيجية)

يغيب عن الاستراتيجية تمامًا واقع الممارسات الأمنية التي تضرب عرض الحائط بالنص الدستوري القاضي بأن الحياة الخاصة لها حرمة، وأنها مصونة لا تُمس. فالحياة الخاصة للمواطنين المصريين تخضع لمراقبة السلطات التنفيذية والقضائية دون الاحتكام لأي قانون أو دستور. فعلى مدار الأعوام الماضية توسع قطاع الأمن الوطني في استدعاء نشطاء، كانوا محتجزين سابقًا، لتحقيقات غير رسمية وسؤالهم حول حياتهم وآرائهم السياسية، وفحص هواتفهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن قضائي. وفي بعض الأحيان لجأ الضباط لتهديدهم بالسجن والتعذيب حال رفضوا الإفصاح عن المعلومات المطلوبة، فضلًا عن تحذيرهم من إبداء أي رأي سياسي عبر منصاتهم الخاصة.[40]

يجري تفتيش هواتف المواطنين في الشوارع  بشكل عشوائي من جانب الشرطة،[41] وتراقب النيابة العامة مستخدمي الإنترنت، ويتم تحريك الدعاوى قضائية ضدهم؛ بتهم مثل ازدراء الأديان، أو التحريض على الإغراء والفتنة، أو خدش الحياء العام.[42] وتحت دعاوى حماية الأمن القومي والقيم المجتمعية والأسرية يتم شن حملات أمنية قمعية، تطبيقًا للقانون المنافي لأدنى حقوق الإنسان رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.[43]

ثانيًا: الشعب المصري هو العقبة الرئيسية التي تعوق تمتعه بحقوق الإنسان

تحت عنوان التحديات، أوردت الاستراتيجية عددًا من العوامل التي تعوق حقوق الإنسان في مصر، والتي يمكن إجمالها في؛ ضعف ثقافة حقوق الإنسان والموروثات الثقافية الخاطئة التي تتعارض مع قيمها ومبادئها، وضعف مستوى المشاركة في الشأن العام، وضعف التواجد المجتمعي الفعال للأحزاب السياسية، وعدم انخراط الشباب في العمل الحزبي.

على هذا النحو تواصل الاستراتيجية تضليل الرأي العام المصري والمجتمع الدولي بشأن العقبات الحقيقية التي تعوق احترام حقوق المصريين. وفيما يلي نورد بعضها على سبيل المثال لا الحصر.

1- الحق في حرية التعبير (الصفحة 25 من الاستراتيجية)

تزعم الاستراتيجية أن التحدي الذي يواجه التمتع بهذا الحق وتلك الحرية هو ضعف الثقافة المجتمعية، وعدم معرفة المجتمع بسبل ممارسة حرية التعبير وضوابطها في إطـار العمـل الإعلامي والصحفـي! بينما أغفلت الوثيقة الواقع المرير لمعاناة الصحافة والصحفيين جراء انتهاكات يومية، بسبب ممارستهم لمهنتهم في كشف الحقائق والتعبير الحر عن الرأي، أو انتقامًا منهم لبثهم روايات مخالفة للرواية الحكومية،[44] مما عرض عدد كبير منهم للسجن ،حتى باتت مصر أحد أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين في عام 2020.[45]

كما تجاهلت الاستراتيجية تعرض بعض المواقع الإليكترونية لاقتحامات أمنية لمقراتها؛ كمقر موقع مصر العربية،[46] وجريدة المصريون،[47] وموقع مدى مصر،[48] وموقع المنصة.[49] فضلًا عن حجب مئات المواقع الإليكترونية والإخبارية (تجاوز عدد المواقع المحجوبة أكثر من 500 موقعًا)،[50] وترحيل الصحفيين الأجانب، من أجل إحكام السيطرة على المشهد الإعلامي.

2- الحق في التجمع السلمي (الصفحة رقم 25 من الاستراتيجية)

مرة أخرى، تلقي الاستراتيجية بالمسئولية على كاهل الشعب، فتزعم أن حرية الاحتجاج والتظاهر السلمي مكفولة، وأن التحدي الوحيد أمام هذا الحق هو ضعف الوعي العام بثقافة التجمع السلمي! غير مكترثة باعتداء مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية على الدستور الذي كفل هذا الحق، من خلال تكريس استمرار العمل بقانون التجمهر الملغي رقم 10 لسنة 1914،[51] وإصدار قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 المنافي للدستور والتزامات مصر الدولية، والذي حوكم على خلفيته العديد من النشطاء بالسجن لسنوات،[52] وتذرعت به قوات الأمن لقمع كل أشكال الاحتجاج السلمي والتعبير عن الرأي.

هذا بالإضافة إلى الممارسات القمعية أثناء فض المظاهرات السلمية، بما في ذلك باستخدام القوة القاتلة بشكل جماعي بحق المتظاهرين،[53] وقمع مسيرات الطلاب داخل الحرم الجامعي،[54] واستخدام القوة المميتة لمواجهة مسيرة بالورود والشموع،[55] أو احتجاج محدود على تردي الأوضاع الاقتصادية،[56] وسط غياب كلي للمحاسبة والمساءلة عن هذه الجرائم،[57] بل تم تحُصّينها من المحاسبة بقوانين عدلت خصيصًا لهذا الغرض.[58]

3- الحق في التنظيم وتكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية (الصفحة 27 من الاستراتيجية)

بحسب الاستراتيجية، فإن التحدي (الزائف) الذي يعيق تمتع المصريين بهذا الحق، هو ضعف ثقافة العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية! الأمر الذي ينطوي على إنكار مشين للقيود القانونية التعسفية التي تكبل المجتمع المدني، والتي سبق وأقرت بوجودها العديد من المنظمات المحلية والدولية،[59] وأشار لها تقرير الخارجية الأمريكية.[60]

بل وتتجاهل الاستراتيجية أن أحدث القوانين المنظمة لتكوين الجمعيات الأهلية يعد أكثرها قمعية منذ قانون ٣٢ لعام ١٩٦٤.[61] كما لا تزال المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة رهن التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011.[62] بينما يواجه حقوقيون آخرون عدة أشكال من الانتهاكات، من بينها المداهمات الأمنية للمقرات، والقبض على العاملين فيها،[63] وتعرض بعض الحقوقيين للإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة الإنسانية،[64] ومحاولات القتل أو التهديد به. هذا بالإضافة إلى الاحتجاز التعسفي والحبس الاحتياطي لسنوات، واحتجاز بعض النشطاء على ذمة أكثر من قضية في الوقت نفسه،[65] هذا كله بالإضافة إلى عن قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب وأحكام السجن الغيابية،[66] بسبب عملهم الحقوقي ودفاعهم عن حقوق الإنسان داخل مصر أو خارجها.

4- الحق في المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب (الصفحة 29 من الاستراتيجية)

تزعم الوثيقة أن التحديات التي تواجه تكوين الأحزاب السياسية تنحصر في ضعف تواجدها المجتمعي! بينما صمتت عمدًا عن القمع السياسي والتشريعي والأمني الضاري غير المسبوق الذي تتعرض له الأحزاب المعارضة يوميًا في مصر خلال السنوات الماضية، في أعقاب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. كما لا تلاحظ الوثيقة أن الأحزاب السياسية تمارس عملها في بيئة موبوءة بقيود تعسفية ومزمنة على التعبير السلمي عن الرأي وعلى التنظيم السلمي والمشاركة السياسية (فضلًا عن الحظر غير المعلن لتداول السلطة سلميًا)، حتى لو جرت هذه المشاركات ضمن الأطر الدستورية والتشريعية منخفضة السقف.

وتشكل الانتخابات الرئاسية يناير 2018 مناسبة مهمة لفهم واقع الحق في المشاركة السياسية في مصر الذي جري تغييب حقيقته عمدًا عن الوثيقة. فقد شنت أجهزة الدولة سلسلة من الهجمات على الأحزاب السياسية وقياداتها،[67] كما تمت إزاحة كل المنافسين للرئيس الحالي من السباق الرئاسي، بالسجن أو بالاعتقال المنزلي أو بإرهابهم حتى ينسحبوا من الانتخابات.[68]

وبعد أن حصل الرئيس الحالي على تجديد «انتخابه» خلال شبه استفتاء عليه، بدأت حملة لتعديل الدستور لتمكينه من الترشح مرة ثالثة خلافًا للقيد الدستوري الساري. وتم حبس عدد من القيادات الوسطى بالأحزاب السياسية،[69] في سياق حملة أمنية تزامنت مع إجراء التعديلات الدستورية،[70] وحملة إعلامية تتهم المعارضين للتعديلات الدستورية بالخيانة، بالتوازي مع إجهاض أجهزة الدولة الأمنية لجهود ائتلاف لبعض أحزاب المعارضة العلمانية للإعداد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية التالية، وذلك بالقبض على قيادات الائتلاف واتهامهم بالإرهاب.[71]

5- الحق في حرية الدين والمعتقد (الصفحة 29 -30 من الاستراتيجية)

تكرر الوثيقة الزعم بأن المشكلة تنحصر في نقص الوعي، بينما تغفل تمامًا غلق الدولة تعسفيًا للمنافذ أمام حرية الدين والاعتقاد، ورعايتها لاتهامات ومحاكمات ازدراء الأديان،[72] والزج في السجون بكل من يعبر عن رأي مخالف لما هو سائد،[73] وسجن أشخاص لمجرد تعبيرهم سلميًا عن آراء حول حرية الدين والمعتقد.[74] فقد أُحيل الباحث الحقوقي باتريك جورج زكي للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، بعد حبس عام ونصف احتياطي، بسبب مقال عن أوضاع الأقباط في مصر وتعرضهم للقتل والتهجير.[75]

وبينما تحتفي الوثيقة بقانون بناء الكنائس؛ تغفل فشل القانون في وضع حد لانتهاكات الحق في ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين، واستمرار أجهزة الدولة في إجبارهم على القبول بجلسات عرفية بمعزل عن القانون في وقائع اعتداء مسلمين عليهم، فضلًا عن غلق الدولة لبعض الكنائس التي قدمت طلبات لتقنين أوضاعها وفقًا لقانون بناء الكنائس ذاته.[76]

ثالثًا: تشخيص خاطئ يؤدي لاستفحال المرض

 يُفترض في أية استراتيجية أن تنتهي بخطة عمل أو مجموعة من الأهداف المرحلية التي يتعين تحقيقها من أجل الوصول لنتائج مستهدفة قابلة للتحقيق. لكن هذه الوثيقة تقترح، تحت عنوان «النتائج المستهدفة»، استحداث تعديلات تشريعية وزيادة التدريب ونشر التوعية.

بالطبع هذه ليست خريطة طريق لعلاج الانخراط اليومي المتواصل من كافة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والعسكرية في الاعتداء المنظم والمنهجي على حقوق الإنسان، وعلى تقويض ضماناتها المحدودة المتوفرة في عدد قليل من المواد الدستورية والقانونية، وذلك تحت الإشراف والتوجيه اليومي المباشر من رئيس الجمهورية.

كان يتعين، لإثبات الجدية على الأقل، أن تعلن الوثيقة عن وقف تنفيذ أحكام الإعدام لحين مراجعة الجرائم الأشد خطورة التي تستوجب تلك العقوبة، أو مراجعة كافة القضايا التي تعرض المتهمون فيها أو أسرهم للإخفاء القسري، وفتح تحقيقات حول انتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب وسوء المعاملة الإنسانية، أو إعلان مناقشة مشروع قانون مكافحة التعذيب الذي أُحيل بسبب مناقشته قضاة وحقوقيون للتحقيق.[77]

ينطبق الأمر نفسه على الحبس الاحتياطي المطول، فالمشكلة لا تتعلق بضوابط ومبررات ومدد الحبس الاحتياطي الواردة في القوانين الوطنية،[78] ولا تتصل بغياب التشريع. فالقانون ينص على أن أقصى مدة للحبس الاحتياطي هي ثمانية عشر شهرًا، لكن حالات الحبس الاحتياطي المطول التي تجاوزت ثلاث سنوات تتحايل على هذا القانون، نظرًا لسيطرة الأجهزة الأمنية على النيابة العامة ومرفق القضاء في مصر، الأمر الذي يسهل انتشار نمط «التدوير في القضايا» واتهام المحبوسين احتياطيًا بارتكاب جرائم جديدة أثناء فترة حبسهم!

هذه مجرد نماذج للتضليل الذي مارسته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عبر ٧٨ صفحة، انتهت بتوصيات مقطوعة الصلة بالأسباب الحقيقية لكارثة حقوق الإنسان في مصر.

خلاصة

ربما كان أفضل تلخيص لجوهر أزمة حقوق الإنسان في مصر هو تقرير لجنة مناهضة العنف والتعذيب بالأمم المتحدة، والذي جاء فيه: «يمارس التعذيب رجال الشرطة والمسئولون العسكريون ومسئولو الأمن الوطني وحراس السجون. كما يسهل المدعون العموم والقضاة ومسئولو السجون ممارسات التعذيب بالاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، أو التقاعس عن اتخاذ إجراء بشأن شكاوى المحتجزين. ويفلت مرتكبو التعذيب غالبًا من العقاب، رغم أن القانون المصري يحظر التعذيب والممارسات المتصلة به».[79]

السطور السابقة من تقرير الأمم المتحدة تؤكد أن أزمة حقوق الإنسان في مصر ليست في غياب تشريعات أو ثقافة المجتمع، بل في مؤسسات الدولة ذاتها، المنوط بها إنفاذ القانون واحترام الدستور وحماية حقوق الإنسان.

وحتى لو افترضنا جدلًا أن مشكلة حقوق الإنسان في مصر هي ضعف ثقافة شعبها، فإن الاستراتيجية بتجاهلها للأسباب الرئيسية لذلك «الضعف» لا تقدم للمصريين وعدًا بخطوة واحدة جادة للأمام نحو إزالة العوائق الرئيسية المتسببة في ذلك «الضعف». أو حتى وعدًا بوقف الحرب التي تشنها يوميًا وبلا هوادة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والأجهزة الأمنية والإعلامية على ناشري هذه الثقافة والمدافعين عن تمكينها مجتمعيًا، من المنظمات الحقوقية المستقلة والحقوقيين المستقلين. هذه الحرب التي لم تهدأ وتيرتها حتى بعد شهرين من إعلان هذه الاستراتيجية![80]

لكل ذلك، إذا كان غياب الإرادة السياسية يفسر التدهور المريع والمتواصل في حالة حقوق الإنسان في مصر، فإن ما يسمى بـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» هي بحد ذاتها أحدث الدلائل الرسمية على غياب هذه الإرادة.


- للاطلاع على الهوامش اتبع الرابط الى موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

https://cihrs.org/egypt-national-strategy-for-human-rights-a-ruse-to-show-international-community-and-donor-states-that-political-reform-is-underway/

الاثنين، 15 نوفمبر 2021

بيان 15 منظمة حقوقية: اخفاء سجين سياسي بمعزل عن العالم الخارجي انتقاما من قيام نجلة برفع دعوى قضائية بالتعذيب فى الولايات المتحدة ضد السلطات المصرية


بيان 15 منظمة حقوقية: اخفاء سجين سياسي بمعزل عن العالم الخارجي انتقاما من قيام نجلة برفع دعوى قضائية بالتعذيب فى الولايات المتحدة ضد السلطات المصرية


قالت 15 منظمة حقوقية في بيان أصدرته اليوم الاثنين 15 نوفمبر 2021 إن السلطات المصرية تحتجز صلاح سلطان بمعزل عن العالم الخارجي منذ يونيو / حزيران 2020 ، في ظروف ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري وقد ترقى إلى التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة ، في انتقام محتمل على نشاط ابنه الحقوقي. اليوم. في وقت سابق من نفس الشهر ، رفع محمد نجل سلطان ، المدافع البارز عن حقوق الإنسان المقيم في الولايات المتحدة ، دعوى مدنية أمام محكمة فيدرالية أمريكية بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب ضد رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي لدوره في تعذيب محمد المزعوم في مصر عام 2013.

أخفت السلطات قسرا صلاح سلطان في 15 يونيو / حزيران 2020 ، واحتجزته لأكثر من عام في أماكن رفضوا الكشف عنها ، قبل السماح لاثنين من أفراد أسرته بزيارة قصيرة إلى السجن في أغسطس / آب 2021. وأثناء تلك الزيارة ، أبلغهم صلاح سلطان باعتقاله المروع. الظروف ، بما في ذلك الحبس الانفرادي المطول ، منذ يونيو 2020. لم ترد السلطات على استفسارات أسرته ومحاميه حول مكان وجوده خلال فترة اختفائه القسري ، ومنذ ذلك الحين رفضت السماح له بالاتصال بأسرته أو بمحاميه ، وإخضاعه الحبس الانفرادي.

قال جو ستورك ، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو الاختفاء القسري والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي وسوء المعاملة التي تعرض لها صلاح سلطان بمثابة أعمال انتقامية تهدف إلى إلحاق الألم بمحمد سلطان بسبب عمله الحقوقي في الخارج" . يجب محاسبة المسؤولين عن اختفاء سلطان وسوء معاملته في الحجز ".

في 8 نوفمبر ، وصل وفد مصري رفيع المستوى إلى واشنطن العاصمة ، للمشاركة في " الحوار الاستراتيجي " بين الولايات المتحدة ومصر في وقت كانت فيه الحكومة المصرية تكثف جهود العلاقات العامة للإيحاء بأنها تستجيب لانتقادات حقوق الإنسان.

تم القبض على صلاح سلطان ، الذي عاش وعمل في الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمان ويتمتع بوضع المقيم الدائم القانوني ، في سبتمبر 2013 وكان يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة منذ إدانته في سبتمبر 2017 في محاكمة ناشئة عن الاحتجاجات ضد يوليو 2013 الإطاحة العسكرية بالرئيس السابق محمد مرسي. في 15 يونيو 2020، وضباط الأمن إزالة له من زنزانته في سجن وادي النطرون شمال غربي القاهرة واقتادوه إلى أماكن غير معلنة متعددة.

وقالت مصادر مطلعة بشكل مباشر على القضية ، إن السلطات سمحت لاثنين من الأقارب بزيارة سلطان في سجن طرة شديد الحراسة سيئ السمعة بمجمع سجن طرة بالقاهرة لمدة 30 دقيقة في 25 أغسطس / آب 2021 ، عبر نظام هاتفي في حضور ضباط الأمن. وقالت المصادر إن سلطان لم يكن حليق الذقن وبدا خائفا شاحبا وكأنه "من عالم آخر".

أخبر أقاربه أنه خلال اختفائه لمدة 14 شهرًا ، أبقته السلطات في الحبس الانفرادي في العديد من الأماكن التي لم يتمكن من التعرف عليها. وقالت المصادر إن صلاح يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتهاب الكبد الوبائي ، وأنه تعرض لعدة حالات طبية طارئة خلال اختفائه القسري. أخبر سلطان أقاربه أن إدارة السجن حرمته من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة ، ومستلزمات النظافة الأساسية مثل الصابون ، وساعة لمعرفة الوقت ، وملابس دافئة في أشهر الشتاء. على الرغم من أن إدارة السجن قبلت الأدوية التي قدمتها عائلته مؤخرًا ، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان قد حصل عليها بالفعل ، حيث لا يُسمح له بالتواصل مع أسرته أو محاميه.

الأمم المتحدة بخصوص الاختفاء القسري بأنه "انتهاك شديد البشاعة لحقوق الإنسان وجريمة دولية"، كما يفعل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب . قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا نلسون) دولة أن الحبس الانفرادي لفترات طويلة يمكن أن تصل إلى حد التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وقالت المصدر إنه قبل زيارتهم في أغسطس / آب ، تعرض أفراد الأسرة لتفتيش "تدخلي ومهين" من قبل سلطات السجن ، التي رفضت السماح لأي من محامي سلطان بحضور الزيارة. لم تتمكن الأسرة من زيارة صلاح سلطان منذ تلك الزيارة القصيرة أو إرسال طعام أو أدوية له. وقالت المصادر أيضا إنه ليس لديها "مؤشرات" على ما إذا كان لا يزال في السجن حيث قابلوه.

في نوفمبر 2018 فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي قد أعلن الاعتقال التعسفي سلطان على أساس من انتهاكات عديدة للحق في الحصول على محاكمة عادلة، ودعا إلى الإفراج عنه فورا.

يبدو أن محمد سلطان ، المدافع المصري الأمريكي عن حقوق الإنسان ، قد تعرض للتعذيب أثناء سجنه بتهم ذات دوافع سياسية من أغسطس 2013 إلى مايو 2015. ثم أجبرته السلطات المصرية على التخلي عن جنسيته المصرية وسلمته إلى الولايات المتحدة ، حيث شارك في: أسس مبادرة الحرية ، وهي مجموعة مستقلة لحقوق الإنسان.

كما نفذت السلطات المصرية عمليات انتقامية ضد أفراد آخرين من عائلة سلطان. في يونيو / حزيران 2020 ، اعتقلت السلطات خمسة أبناء عمومة واحتجزتهم لمدة خمسة أشهر. في فبراير 2021 ، داهمت السلطات المصرية منازل ستة من أفراد الأسرة الممتدة. تعتقد جماعات حقوق الإنسان أن هذا يشكل حملة متعمدة من المضايقة والترهيب تهدف إلى إسكات نشاط محمد سلطان في الولايات المتحدة. الأعمال الانتقامية ضد عائلة سلطان هي جزء من نمط واسع من الممارسات الانتقامية ، بما في ذلك عمليات الاختطاف ، ضد أقارب المعارضين والمنتقدين في الخارج - وهو نمط تصاعد في السنوات الأخيرة في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

في أكتوبر / تشرين الأول ، اقترح العديد من المشرعين الأمريكيين تعديلاً على قانون تفويض الدفاع الوطني يطالب وزارة الخارجية بإبلاغ الكونغرس بأي مضايقات وأعمال انتقامية ضد "مواطني الولايات المتحدة ، والأفراد في الولايات المتحدة ، وأفراد أسر هؤلاء المواطنين والأفراد من قبل الأجهزة الأمنية للحكومة المصرية في مصر أو الولايات المتحدة ".

وقالت لين معلوف ، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "يجب على السلطات المصرية إبلاغ أقارب صلاح سلطان على الفور بمكان وجوده ، والإفراج عنه من الاحتجاز". "ريثما يتم الإفراج عنه ، يجب على السلطات إنهاء حبسه الانفرادي وضمان وصوله إلى محام من اختياره ، والاتصال بأسرته ، والحصول على رعاية صحية كافية وفي الوقت المناسب".

الموقعون:

CFJ ، لجنة العدالة

الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)

معهد الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

مبادرة الحرية

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR)

الجبهة المصرية لحقوق الإنسان (EFHR)

سيناء للموارد البشرية

الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان

المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) ، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

بوميد

الديمقراطية في العالم العربي الآن (DAWN)

منظمة العفو الدولية

المنتدى المصري لحقوق الإنسان

هيومن رايتس ووتش

السبت، 13 نوفمبر 2021

ساويرس

 


ساويرس


عجز نجيب ساويرس. برغم كل ثرائه المالى والاقتصادى. ان يعلم ''سياسيا'' وليس ''اقتصاديا''. بأن الوقت لم يحن بعد فى مصر لكي يخوض ملياردير او مليونير غمار السياسة بعيدا عن الحكومة وفى طليعة حزبا معارضا للحكومة. فى ظل النظام الشمولي الموجود. التى قد تهدد فيها مصالحه الاقتصادية مع الحكومة إذا كان معارضا واشتد فى معارضة انحرافات الحكومة. لأنه حينها سيكون خطرا على النظام الاستبدادى الموجود القائم على الحكومة ولابد أن يسعى لإخماد صوتة والقضاء عليه. لاننا لم نصل بعد الى ثقافة الديمقراطية فى ايطاليا التى لم تتصادم فيها مصالح الملياردير بيرلسكونى مع الحكومة الايطالية رغم كونه معارضا للحكومة الايطالية. ولم نصل بعد إلى ثقافة الديمقراطية فى أمريكا التى لم تتصادم مصالح الملياردير ترامب مع الإدارة الامريكية رغم كونه معارضا للادارة الامريكية. ولعل ساويرس كان معذورا حين قرر خوض غمار السياسة بفاعلية لأول مرة فى حياته في أجواء من الحريات العامة والديمقراطية كانت موجودة بعد ثورة 25 يناير 2011. إلا أن ساويرس ارتكب خطأ فادحا كشف عن نقاط ضعفه عندما فر هاربا مع أسرته وال ساويرس من مصر خلال حكم الإخوان خشية القبض عليه نتيجة رفض الإخوان مواقف وانتقادات وتغريدات ساويرس الدائمة المعارضة ضد استبداد نظام حكم الإخوان. و تهديد الاخوان لساويرس فى المنفى بمصادرة العديد من اموال واصول واراضي ال ساويرس فى مصر وفاء لضرائب قدروها عليه. وفى النهاية خضع ساويرس وارتضى بحل وسط يتمثل في دفع مبلغ ضرائب تصالح قدرها الاخوان عليه كحل وسط عن المبالغ التي كانت مقدرة من قبل. وعاد ساويرس مع اسرتة الى مصر وسط استقبال رسمي حافل من مندوب عن الرئيس الراحل محمد مرسى على باب الطائرة وصالة كبار الزوار. وانكتم ساويرس سياسيا ولم يستطيع طوال ما بقى من زمن نظام حكم الاخوان ان يفتح بقه بكلمة واحدة بعد عودته إلى مصر وتصالحه مع الإخوان. إلى ان قامت ثورة 30 يونيو 2013 وسقط الاخوان. التي حولها الجنرال السيسي لاحقا بأفعاله الى انقلاب ضد الشعب. وعاد ساويرس يدلي بتصريحاته السياسية ومطالبة الديمقراطية. وهرول وانشئ حزب ''المصريين الأحرار''. ورغم نجاح حزبه في الانتخابات البرلمانية 2015 وجاء ترتيبه فيها الثاني بعد ائتلاف ''دعم مصر'' الذي انبثق عنه حزب ''مستقبل وطن''. إلا أن ساويرس ارتكب خطأ سياسيا فادحا عندما ملأ الدنيا ضجيجا وصراخا على مدار أسبوعين مطالبا بحقه فى تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية 2015. بعد أن تنازل ائتلاف ''دعم مصر'' صاحب المركز الاول فى مقاعد انتخابات برلمان 2015 عن تشكيل الحكومة لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى لكى يشكل حكومة رئاسية معينة بمرسوم جمهوري. وكان ساويرس محقا كصاحب المركز الثاني فى الانتخابات البرلمانية 2015 لان تنازل صاحب المركز الاول يجب ان يكون لصالح الشعب والديمقراطية والحريات العامة والحكومات المنتخبة وليس لصالح الحاكم الطاغوتى الاستبدادى للشعب لكى يجمع بين سلطات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالإضافة الى سلطات باقى المؤسسات التى أسندها السيسي الى نفسه بالمخالفة للدستور الذي يمنع رئيس الجمهورية من الجمع بين سلطات المؤسسات والتغول بسلطاته على سلطات باقى المؤسسات. إلا أنه كان يجب علي ساويرس التدبر بعناية وحكمة لتقوية حزبه ومنع اختراقة تمهيدا للتصدي لبزوغ استبداد السيسي ومنع قوانين وتعديلات وقرارات استبداد وعسكرة وتمديد وتوريث يسعى السيسي لإصدارها لنفسة من خلال استحواذه على الحكومة وبعدها البرلمان. الا ان جعجعة ساويرس على مدار أسبوعين بمطالبة في تشكيل الحكومة بدلا من السيسى. عجل بنهاية ساويرس سياسيا. وجاء الرد سريعا عبر انقلاب وقع داخل حزب ''المصريين الأحرار'' قام فيه قادة الانقلاب بإقالة نجيب ساويرس من رئاسة حزب ''المصريين الأحرار'' مع بعض كبار مساعدية وإعلان تشكيل جديد للحزب أعلن فورا تأييده للجنرال السيسي وتحول فى غمضة عين من حزب كان الناس يتطلعون اليه لكى يكون حزب سياسي معارض جديد صاعد فى طريقه عاجلا إلى السلطة. الى مطبلاتى للسيسي وسط جيش من أحزاب المطبلين. ومنها أحزاب كانت معارضة منذ عقود وتحولت الى مطبلاتية للسيسى. ووجد نجيب ساويرس ان مصالحة في ظل هذا الوضع الموجود تقتضي منه ان يعود الى قوقعته الاقتصادية. وقد يطل منها بين حين وآخر بتغريد سياسة حانقة تنبئ خفية عن ضيقة من الوضع الذي وجد نفسه فيه مطرودا من عالم السياسة بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من تشكيل أول حكومة برلمانية معارضة منتخبة بعد ثورة 25 يناير 2011. إذا استثنينا حكومة برلمان 2012 للإخوان نتيجة حل البرلمان بسبب بطلان قوانين الانتخابات التى انتخب على أساسها. ولا يستطيع ساويرس أن يتجاوز فى تصريحاته وتغريداته حاليا الخط الذى وجدة خلال نظام حكم الاخوان وخلال نظام حكم السيسي مرسوما امامة. وقد يكون وفق تناقل وسائل الإعلام خلال الساعات الماضية خبرا عن شكوى اهالي احدى المدن من ازعاج صواريخ الالعاب النارية للمدن الترفيهية لساويرس لهم. وقبلها بأيام تناقل وسائل الإعلام ضجيج مهرجان الجونة السينمائى لساويرس. وغيرها من فعاليات الثروة والجاه والنفوذ والسلطان والأضواء التجارية والفنية والرياضية لساويرس. أن ساويرس اصبح غارقا فى حفلاته ومهرجاناته وليس لديه وقت للسياسة. لكنه فى الحقيقة هو شقيا سياسيا منذ طرده من الحزب الذي أسسه وأبعاده قسرا عن السياسة و اجبارة على الرضوخ لمطالب الحكام السياسية الاستبدادية. وبالتالي منع عودته تماما للسياسة. على الأقل ليس بنفس القوة التى كان عليها قبل إقالته. خاصة مع استسلامه لاستبداد السيسى وقبلة لاستبداد الاخوان.

مؤسسة حرية الفكر والتعبير.. ''تحليل خطاب النيابة العامة''

رابط التقرير
مؤسسة حرية الفكر والتعبير..

''تحليل خطاب النيابة العامة''


يفترض إقامة الدعاوى ارتباطًا بقانون عقابي، حيث توجه الشرطة اتهامًا إلى أحدهم، وعليه تقوم النيابة العامة بإحالة المتهم إلى قاضي التحقيق، الذي بدوره عليه أن يتأكد من منطقية الاتهامات وسلامة الأدلة، على أن تقوم النيابة العامة فيما بعد بتحديد مواد من القوانين العقابية، التي من المفترض أن يُحاكم المتهم استنادًا إليها.

تقوم النيابة العامة بدورين، فمن ناحية هي جهة ادعاء تختص بتحريك الدعوى ورفعها، ومن ناحية أخرى هي جهة التحقيق، وذلك حسب المادة 189 من الدستور المصري، التي تعتبر “النيابة العامة، وفقًا لمبادئ التنظيم القانوني، نائبة عن المجتمع في هذا الدور والممثلة له وللمصالح العامة في الدعوى الجنائية”.

لكن مع ظهور ما يعرف بقضايا تيك توك، التي مثل على إثرها عدد من صانعات المحتوى، المتهمين أمام القضاء بدعوى تهديد قيم الأسرة المصرية، ونشر الفسق والفجور، خلقت النيابة العامة دورًا جديدًا لنفسها يتعدى التزامها بكونها ممثلة للمجتمع فيما يخص الدعاوى الجنائية، لتصبح جهة توجيه وإرشاد أخلاقي، لها الحق في فرض مراقبة جماعية على مستخدمي الإنترنت، بدعوى حماية ما أسمته “الحدود السيبرانية”.

إدارة مستحدثة

في 2019، قررت النيابة العامة إعادة صياغة تواجدها العام بما يتلاءم مع تحركات المجال العام في فضاء الإنترنت الجديد أو مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قرار عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بتعيين الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، المستشار حمادة الصاوي، نائبًا عامًّا.[1] وبدأ الصاوي مهام عمله رسميًّا قبل يوم واحد من الميعاد المقرر لدعوات التظاهر في 20 سبتمبر 2019، والتي أطلقها المقاول محمد علي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. على إثر هذه الدعوة، حققت النيابة العامة مع 1920 شخصًا على الأقل من 18 محافظة.[2]

أصدر مكتب النائب العام بيانًا، في 28 سبتمبر، حول الشروع في فتح تحقيقات موسعة في “وقائع التحريض على التظاهرات بالميادين والطرق العامة”،[3] وتجدر الإشارة هنا إلى أنه غاب على النيابة العامة أنها تفتح تحقيقًا في استخدام المواطنين حقهم الدستوري في التظاهر، والذي تكفله المادة 73 من الدستور المصري. أوضح هذا التوجه مدى معاداة النيابة العامة استخدام الإنترنت في التعبير عن الآراء السياسية الناقدة لنظام الحكم الحالي.

أكد البيان نفسه أن النيابة تتصفح حسابات المتهمين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب انتداب خبراء من إدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلي وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية لحصر الصفحات والحسابات محل الاتهام، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، حسب ما ينص عليه قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وتؤدي تدخلات النيابة هذه إلى انتهاك الحق في حرية التعبير الذي تكفله المادة (65) من الدستور المصري، فيما يخص الحق في التعبير عن الرأي بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر. وكنتيجة للتوجه الجديد للنيابة العامة، أنشأ المستشار الصاوي، في 12 نوفمبر 2019، إدارة البيان والتوجيه والتواصل الاجتماعي.[4]

الإدارة المستحدثة تتكون من ثلاث وحدات رئيسية، الأولى للتواصل مع وسائل الإعلام، والثانية تحت اسم وحدة الإعلام الإلكتروني والتواصل الاجتماعي، والثالثة هي وحدة الرصد والتحليل.

ويتولى الإدارة أحد أعضاء النيابة العامة بدرجة محامٍ عام على الأقل، إلى جانب عددٍ كافٍ من أعضاء النيابة، ولم يحدد القرار هذا العدد، فضلًا عن عدد من الموظفين المتخصصين وفقًا للهيكل الإداري، دون الإشارة إلى تخصص أولئك الموظفين، إن كان مرتبطًا بتخصصات إلكترونية أو رقمية على سبيل المثال. ومن خلال حساباتها الرسمية الموثقة، بدأت النيابة العامة نشر عددٍ من الأخبار والبيانات عمَّا استجد حول أبرز القضايا، سواء فيما يخص ما باشرته من تحريك دعاوى جنائية أو رفعها، أو تعقيبًا على أخبار مرتبطة بها.

بحسب قرار النائب العام، أصبحت وحدة الرصد والتحليل معنية برصد كافة ما ينشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ويتعلق بالنيابة عامة، فضلًا عن رصد وتحليل التعليقات والآراء على الأخبار المنشورة المتعلقة بالنيابة العامة، وإبداء الرأي فيما يستوجب إصدار بيانات أو إعلانات، أو الرد بتعليقات.

لم يوضح قرار النائب العام، كيف ستتم عمليات الرصد والتحليل، التي تقوم بها الوحدة، ولم يوضح مَن مِن موظفي الإدارة سيقوم بمثل هذه العمليات، إن كانوا من أعضاء النيابة العامة، أي أنَّ من يقوم بتتبع النشاط الإعلامي والنشاط الرقمي من رجال القانون، أم أنهم من ضمن الموظفين المختصين الذين تمت الإشارة إليهم، وفي حالة ما كانوا مختصين، فماذا يمكن أن يكون نوع اختصاصهم، الذي يسمح لهم بمراقبة نشاط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

المراقبة للجميع

أعلنت النيابة العامة، في بيان رسمي، تأكدها من أنه: “استُحدث لبلادنا حدود رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية تؤدي بنا حتمًا إلى تغييرات جذرية في سياسة التشريع والضبطيات القضائية، حيث أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية، مجالها المواقع الإلكترونية”.[5] ولم يصدر هذا الإعلان بعد اختراق موقع وزارة الصحة والسكان المصرية في فبراير 2020، وتعطله، لتظهر رسالة مفادها أن المخترقين من إيران، ويقولون من خلالها لزوار الموقع إنهم “أقرب إليكم.. ونعرف هويتكم”.[6]

لكن بيان النيابة صدر، في 2 مايو 2020، عقب حملة مشتركة بين النيابة العامة وقوات الشرطة على عدد من مستخدمات ومستخدمي عدة تطبيقات للتواصل اجتماعي، أبرزها التطبيق الصيني تيك توك، بدعوى التحريض على الفسق والفجور.[7] وقالت النيابة إن الحدود السيبرانية الجديدة تحتاج إلى ردع وإجراءات احترازية لحراستها، وأكدت على أن هذه الحراسة: “ليست لتتبع الناس وحرماتهم الخاصة، ولا استطالة على الحريات أو تقييدًا لها”، ولكنها تتصدى لجرائم تتم عبر الفضاء الإلكتروني تستغل الناس، و”توقع بالفتيات في فخاخ ممارسة الدعارة، واستغلال ضعفهن وضائقتهن الاجتماعية”، بحسب بيان النيابة العامة.

رسَّخ خطاب النيابة العامة ضرورة قيامها بدور رقابي، بدعوى حماية “الحدود”، وهو ما يجعل تلقي البلاغات والشكاوى، أمرًا غير كافٍ، وعليه تتأكد ضرورة تفعيل دورها الجديد للرصد والرقابة من أجل حماية حدود مصر، بدلًا من الاكتفاء بدورها الفعلي في التحقيق وتحريك الدعاوى القضائية. ويظهر ذلك في تكرار النيابة الإشارة في بياناتها إلى أنها بدأت التحقيق في واقعة ما، بعدما رصدت “تفاعلًا واسعًا من مشاركي وسائل التواصل الاجتماعي، وورد إلى حسابها الرسمي بموقع فيسبوك، مطالبات عدة بالتحقيق مع المتهمة المذكورة”.[8]

وبدلًا من أن تعتمد النيابة العامة مسار الشكوى الإلكترونية، التي يقدمها مواطنون إليها، قررت اللجوء كذلك إلى المراقبة الجماعية بشكل عشوائي. ففي حالة قضايا تيك توك، لم تقم النيابة بتحريك الدعوى بناءً على بلاغ واضح أو شكوى محددة من مجنٍ عليه، لكنها اعتمدت على إدارة البيان والتوجيه والتواصل الاجتماعي ومدى استخلاصها وجود محل للتحقيق في هذه القضايا باستخدام مراقبة حسابات المستخدمين.

وقالت النيابة في أول بياناتها عن تهديد قيم الأسرة المصرية من خلال تطبيق تيك توك، إنها رصدت تفاعل المواطنين وتلقت شكاوى بخصوص ما تنشره حنين حسام أولى المتهمات اللاتي أمرت بحبسهن على إثر ما نشرته على حسابها.[9] ورغم أن النيابة أشارت في بيانها إلى أنها تحركت وفقًا لبلاغ تلقته، فإنها لم تُشِر إلى هوية مقدم البلاغ أو أسبابه في اللجوء إليها، ما يسمح بالاعتقاد بأن النيابة العامة باتت تلجأ إلى الرقابة العشوائية لتطبيقات التواصل الاجتماعي،[10] وبذلك باتت النيابة تتولى مهمة التحري عن المتهمين بدلًا من الشرطة، فيما يخص تعقب الجرائم والقيام بالتحريات، أي أن صلاحياتها توسعت لتشمل صلاحيات خاصة بمؤسسات السلطة التنفيذية، فضلًا عن صلاحياتها الأصلية باعتبارها هيئة تابعة للسلطة القضائية.[11]

حركت النيابة العامة دعاوى تيك توك، لا لحذف المحتوى محل التحقيق، وإنما لكي يتم توقيع عقوبات سالبة للحرية على صانعات المحتوى بدعوى الحفاظ على قيم الأسرة المصرية. ودعت النيابة العامة جميع المواطنين والمواطنات إلى القيام بدورهم الوطني، في حماية الحدود السيبرانية، وذلك من خلال “الإبلاغ عمَّا يريبهم وتقديم شكاواهم والأدلة المؤيدة لها إلى حراس العدالة في هذا الوطن من أعضاء النيابة العامة وسائر أجهزة الأمن ومؤسسات الدولة المختصة”.[12]

وإذا ما تطرقنا إلى تلقي الشكاوى، فإن خطاب النيابة العامة يحفز المواطنين على التراقب، والإبلاغ عمن يرون في أفعاله انتهاكًا لقيم الأسرة أو المجتمع. وهكذا تراقب النيابة العامة بعض المواطنين، بينما يتراقب المواطنون فيما بينهم. ويصبح من الممكن أن يتعرض أي فرد إلى الملاحقة القضائية بسبب تهديده لقيم الأسرة المصرية _التي تتغير قطعًا حسب كل توجهات كل فرد وقناعاته_ من خلال نشاطه على الإنترنت.

القيم والأخلاق بدلًا من القانون

مع الدور الجديد الخاص بالرصد والتحليل، أعلنت النيابة العامة، في قرار إنشائها لإدارة البيان والتوجيه والتواصل الاجتماعي، أن من بين أهدافها العمل على “التوجيه الاجتماعي لتوقي أسباب الجرائم وتحقيق الأمن والسلم الاجتماعى بما فيه صالح المجتمع”.[13] وهو دور إضافي قررت النيابة أن تلعبه من خلال تواجدها على مواقع التواصل الاجتماعي. فدورها لم يعد مقتصرًا على التحقيق والإحالة، وإنما امتد إلى التربية باستخدام خطاب ذي مسحة أخلاقية دينية، حيث تحث النيابة في بياناتها المواطنين على التمسك بالأخلاق، والقيام بما هو صواب من وجهة نظرها.

في العام الماضي، ألقت قوات الشرطة القبض على ثماني صانعات محتوى، وثلاثة رجال، بينهم اثنان يعملان بتطبيق لايكي، وحققت النيابة العامة مع كل هؤلاء في قضايا متفرقة مرتبطة باستخدام تطبيقي تيك توك ولايكي.[14] وهكذا أصبحت النيابة معنية بضبط الجرائم وإثباتها، ومن ثم التحقيق فيها، ومواجهة متهميها، يتأكد ذلك من صياغة البيانات المتعاقبة التي أصدرتها.

وقد تضمنت تلك البيانات عددًا من الاتهامات والأحكام الأخلاقية، التي أدت فيما بعد إلى وصم أخلاقي جماعي لمواطنات ومواطنين، لم تتم إدانة بعضهم بشكل نهائي، والبعض الآخر حصل بالفعل على حكم نهائي بالبراءة في بعضٍ مما نسبته النيابة إليهم. وعليه فيمكن اعتبار ما ورد في بيانات النيابة العامة، شكلًا من أشكال التحريض وإشاعة أمور تخلو من الصحة ضد صانعات المحتوى، خاصة بعد تداول أخبارهن وتفاصيل حياتهن الخاصة في وسائل الإعلام.

وفقًا للدستور، فإن النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، ما يعني أن القانون هو ما يحكم وظيفتها وتعاملاتها. ولا يفرق القانون بين المواطنين وفقًا للمعتقد، إلا أن بيانات النيابة العامة في قضايا تيك توك احتوت على نصوص دينية إسلامية. ويظهر ذلك في أول بيان صدر عن النيابة بخصوص حنين حسام، أولى متهمات قضايا تيك توك. ففي 23 إبريل 2020. بدأ البيان بالآية القرآنية، “وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا”.[15] وهو ما يعتبر محاولة لتحويل موقف المتهمات هنا من احتمال كونهن مخالِفات للقانون إلى مخالِفات لتعاليم الإسلام.

تتكرر الإحالات الدينية في بيانات النيابة العامة، التي استخدمت أحاديث نبوية أيضًا في بيانات أخرى، مثل: “ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه”،[16] في تأكيد على إصدار أحكام مسبقة لا تستند إلى القانون، وإنما على الدين السائد. وتشابهت الصياغات والألفاظ المستخدمة في البيانات والأخبار الصادرة على الحسابات الرسمية للنيابة العامة المصرية، وتنتهي عادة بجملة: “حفظ الله الوطن ووقاه شرور الفتن”. وترى النيابة العامة في المواطنين أبناءً لها،[17] تفرض عليهم رقابتها بهدف “ضبط ممارسة الناس لحرياتهم وسبيلًا لتعليم النشء وتذكير البالغين بكيفية ممارستها”.